في هذا الحوار الممتد بين الفكر والعاطفة، تفتح الدكتورة لورنس عجاقة قلبها وعقلها لتكشف رؤاها حول التعليم، الأدب، والإنسان. تناقش رحلتها بين الأدب العربي والإنكليزي، وتكشف كيف يمكن للكلمة أن تصبح جسراً بين المعرفة والقيم، وكيف يظل الإيمان بالإنسان والوطن حاضرًا رغم تحديات الحياة والحروب.
من خلال إجاباتها العميقة، يتجلى شغفها بالطلاب، واعتقادها بأن الأدب كائن حيّ يتنفس، وأن الذاكرة والإيمان قادران على إعادة بناء الإنسان بعد الألم. هذا الحوار الذي اجرته الاستاذة رحاب هاني يقدّم نافذة على تجربتها الفكرية والوجدانية، ويكشف رؤيتها للعالم من خلال الضوء الذي تحمله في داخلها
1. حين تقفين أمام طلابكِ، ماذا ترين في أعينهم، وطنًا ينتظر أن يولد من جديد، أم أرواحًا صغيرة تبحث عن نورها الخاص؟
حين أقف أمام طلابي،
أرى في أعينهم وطنًا صغيرًا يتكوّن كل يوم من جديد…
وطنًا من الحلم، من البراءة، من الطموح.
أرى أرواحًا نقيّة تبحث عن نورها،
ونوري أنا هو الكلمة، والابتسامة، والقدوة.في نظراتهم أرى الغد…
أرى من سيكتب، من سيبني، من سيزرع.
وكل لحظة معهم تذكّرني أن التعليم ليس مهنة،
بل رسالة خلق وبناء وطنٍ بالحب والمعرفة.2. كيف تجعلين الأدب كائنًا حيًّا يتنفّس في قاعة الدرس؟
حين أدخل قاعة الدرس، لا أقدّم الأدب كنصوص جامدة تُحفظ،
بل ككائن حيّ يتنفّس معنا، يفرح ويغضب ويحلُم.
أجعل طلابي يعيشون القصيدة لا يقرؤونها فقط،
يسمعون أنفاس الشاعر، ويتلمّسون وجع الشخصية في القصة،
ويحاورون النصّ كصديق يشاركهم همومهم وأحلامهم.أفتح أمامهم نوافذ الخيال،
وأربط الأدب بحياتهم اليومية: بمشاعرهم، بذكرياتهم، بواقعهم.
فحين يشعر الطالب أنّ الكلمة تلامس قلبه،
يصبح الأدب بالنسبة إليه نبضًا حيًّا لا درسًا من المقرّر.3. ما الذي يعيدكِ إلى الإيمان برسالتكِ حين يتسرّب إليكِ التعب؟
حين يتسلّل إليّ التعب،
ويثقل قلبي ضجيج الأيام،
أنظر إلى وجوه طلابي…
فأرى في عيونهم السبب الذي يجعلني أواصل.أستعيد أول كلمة كتبها طالب بخطٍّ متردّد،
وأول نظرة فخرٍ في عين أمّ حين رأت ابنها يقرأ بثقة،
وأتذكّر أن كل تعبٍّ يذوب أمام لحظة فهمٍ واحدة،
وأمام ابتسامة طالبٍ شعر أنني آمنت به حين شكّ الجميع.ما يعيدني إلى الإيمان برسالتي
هو أنني لا أزرع في الأرض… بل في الإنسان.
أزرع قيَمًا، أحلامًا، وقلوبًا تعرف كيف تحبّ وتنهض من جديد.4. مهنتكِ اختارتك… كيف شعرتِ بذلك في مسيرتكِ بين الأدب العربي والأدب الإنكليزي؟
شعرت أنّ مهنتي اختارتني يوم أدركت أنّ الأدب بكلّ لغاته هو لغتي الداخلية.
في الأدب العربي وجدتُ جذوري، ذلك النبض الأصيل الذي يُشبه لغتي وأرضي وذاكرتي.
وفي الأدب الإنكليزي اكتشفت جناحيّ، الانفتاح على ثقافاتٍ أخرى وطرائق مختلفة في رؤية الإنسان والعالم.بين القصيدة العربية التي تُغنّي الوجدان،
والرواية الإنكليزية التي تُحلّل النفس وتغوص في التفاصيل،
كنتُ أجد نفسي في رحلةٍ لا تنتهي بين الشرق والغرب، بين الإحساس والفكر.كلّ نصّ أشرحه، كلّ قصة أحكيها، كلّ طالب أراه يكتشف معنى جديدًا للكلمة،
يؤكّد لي أن الأدب اختارني لأكون جسرًا بين الجمال والمعرفة، بين الكلمة والروح.5. من يقرأكِ يشعر أنك تمزجين بين الفلسفة والعاطفة. كيف توفّقين بينهما؟
الفلسفة عندي ليست نقيض العاطفة،
هي العقل الذي يمنح العاطفة جناحين لتسمو،
والعاطفة هي القلب الذي يمنح الفلسفة دفئًا وإنسانيّة.حين أكتب أو أعلّم، لا أفصل بينهما،
فالفكرة إن لم تُمسّ القلب تبقى جامدة،
والمشاعر إن لم تستند إلى فكرٍ ناضج تبقى عابرة.أمزجهما كما يمتزج الضوء بالهواء،
فيصير الأدب عندي تأمّلًا دافئًا،
والفكر إحساسًا ناطقًا بالحياة6. في خضمّ المسؤوليات والكتابة والإدارة، إلى أين تلجئين حين تتعبين؟
حين أتعب، ألجأ إلى الهدوء…
إلى زاوية صغيرة أضع فيها كلّ الضجيج جانبًا،
وأعود إلى نفسي، إلى الكلمة التي كانت دائمًا ملجئي.أكتب لأتنفّس، وأقرأ لأتذكّر أن في الكتب قلوبًا تشبه قلبي،
تتعب ثم تنهض من جديد.أحيانًا ألجأ إلى صلاتي، إلى حديثٍ صامت بيني وبين الله،
أخبره عن خوفي، عن ضعفي، وعن الرغبة بأن أظلّ قادرة على العطاء.وفي عيون طلابي أجد أحيانًا ملاذي أيضًا،
لأنّهم يذكّرونني بسبب كل هذا السعي،
وبأن التعب طريق الذين يؤمنون برسالتهم حقًا.7. في عالمٍ يتغذّى على الضجيج، كيف تحافظين على الضوء فيكِ؟
في عالمٍ يزداد ضجيجًا كلّ يوم،
أتشبّث بالضوء في داخلي كما يتشبّث طفلٌ بيد أمّه في الزحام.أحافظ على نوري بالبساطة…
أختار الصمت حين يُغري الضجيج بالكلام،
وأختار الإصغاء حين يعلو الصراخ من حولي.أعود إلى الكلمة الصادقة،
وإلى لحظة صدقٍ مع طالبٍ فهم الدرس،
أو ابتسامة زميلةٍ قالت لي “وجودك بيريّح”.
تلك اللحظات الصغيرة هي التي تُعيد تشغيل النور في داخلي.8. هل تؤمنين أن الأدب يستطيع أن يشفي ما أفسدته الحروب في الإنسان؟
نعم، أؤمن بذلك بكلّ قلبي.
فالأدب هو الذاكرة التي تشفي حين تروي،
هو الكلمة التي تجمع ما بعثره الخوف،
هو المرآة التي تُعيد للإنسان ملامحه بعدما شوّهتها النيران.الحرب تدمّر الجسد والمدينة،
لكن الأدب يعيد بناء الروح.
حين نكتب الألم، نُخرجه من داخلنا ليتحوّل إلى معنى،
وحين نقرأه، ندرك أنّنا لسنا وحدنا في هذا الوجع.الأدب لا يغيّر الماضي،
لكنه يعلّمنا كيف نواصل الحياة بعده،
ويذكّرنا أنّ الجمال ممكن حتى بعد الدمار.9. تنتمين إلى عائلةٍ يلتقي فيها الفكر بالعلم… ما معنى “العائلة” بالنسبة إليكِ؟
العائلة بالنسبة إليّ ليست فقط سلسلة من الألقاب أو إرثًا أكاديميًّا،
بل هي ذاكرة القلب التي تغذّي العقل،
والمكان الذي تعلّمتُ فيه أنّ العلم بلا محبّة يفقد معناه.من عائلتي تعلّمت أن التفوّق الحقيقي ليس في الدرجات أو الألقاب،
بل في التواضع والعطاء.
العائلة هي حنين القلب وامتداد العقل معًا؛
الجذر الذي يثبّتني حين تشتدّ الريح،
والجناح الذي يدفعني لأن أطير أبعد.10. أنتِ ابنة الجنوب… كيف صاغت هذه الأرض ملامح قوتكِ وصبركِ؟
أنا ابنة الجنوب… الأرض التي لا تُهزم،
التي كلّما انكسرت، أنبتت من شقوقها زهرًا أقوى من الجرح.منها تعلّمت أنّ الصبر قوّة تعرف متى تصمت ومتى تنهض،
وأنّ الجمال يولد من الألم،
وأنّ الزرع فعل إيمان قبل أن يكون عملًا.من الجنوب ورثت العناد الجميل،
وإصرار الأرض على البقاء،
ومن نسائه الكرامة والدفء والحنان المقاوم.أنا ابنة الجنوب،
وفي كل خطوة لي ظلُّ جبلٍ وصوتُ موجةٍ من هناك،
يذكّراني أن الانكسار لا يخيف من وُلد من رماده ألف مرّة.⸻
11. حين تمرّين ببلدتكِ التي طالها الدمار بعد الحرب، ما الذي يتكلّم فيكِ أولًا: الذاكرة أم الإيمان؟
حين أمرّ ببلدتي التي أنهكتها الحرب،
يتكلّم فيّ الاثنان معًا: الذاكرة والإيمان.الذاكرة تهمس بالحنين،
تعيد إليّ رائحة البيوت القديمة،
ضحكات الأطفال، وأصوات الأمهات.
أما الإيمان فينهض قائلاً:
“الأرض ما زالت تتنفّس، ومن تحت الركام تولد الحكايات من جديد.”الذاكرة تُبكيني،
والإيمان يُنهضني.
وبين الاثنين أجد نفسي إنسانةً كاملة:
تتألم لأنها تتذكّر، وتنهض لأنها تؤمن.⸻
12. ما رأيكِ بالملتقيات العربية تحت مظلة الإبداع المشترك؟
أرى في الملتقيات العربية تحت مظلّة الإبداع المشترك جسورًا من النور تمتدّ بين العقول والقلوب.
هي ليست فعاليات ثقافية فحسب، بل مساحات تواصل تُعيد تعريف العروبة بعيدًا عن السياسة،
وتُبرز وجهها الأجمل: وجه الكلمة والفكر والفنّ.حين يلتقي المبدعون العرب،
تتلاقح التجارب وتولد أفكار جديدة تُغني المشهد الثقافي العربي.
أؤمن أنّ الإبداع المشترك هو مستقبلنا الثقافي،
فلا نهضة بلا تعاون،
ولا إبداع بلا حوار.وفي كل لقاء عربي كهذا،
أرى وطنًا أكبر من الجغرافيا،
وبيتًا يسكنه الشعراء والكتّاب والفنانون…
بيتًا اسمه: العروبة المبدعة..
كما أتوجّه بخالص الشكر إلى رئيس الملتقى الشاعر ناصر رمضان وأمينة السر الشاعرة غادة الحسيني على جهودهما الحقيقية التي كانت وراء نجاح هذا اللقاء.
وأخصّ بالشكر الشاعرة المبدعة رحاب هاني على استضافتها لي وحفاوة الترحيب التي غمرتني.
دمتم سندًا للجمال والكلمة الراقية.في هذا الحوار الممتد بين الفكر والعاطفة، تفتح الدكتورة لورنس عجاقة قلبها وعقلها لتكشف رؤاها حول التعليم، الأدب، والإنسان. تناقش رحلتها بين الأدب العربي والإنكليزي، وتكشف كيف يمكن للكلمة أن تصبح جسراً بين المعرفة والقيم، وكيف يظل الإيمان بالإنسان والوطن حاضرًا رغم تحديات الحياة والحروب.
من خلال إجاباتها العميقة، يتجلى شغفها بالطلاب، واعتقادها بأن الأدب كائن حيّ يتنفس، وأن الذاكرة والإيمان قادران على إعادة بناء الإنسان بعد الألم. هذا الحوار الذي اجرته الاستاذة رحاب هاني يقدّم نافذة على تجربتها الفكرية والوجدانية، ويكشف رؤيتها للعالم من خلال الضوء الذي تحمله في داخلها
1. حين تقفين أمام طلابكِ، ماذا ترين في أعينهم، وطنًا ينتظر أن يولد من جديد، أم أرواحًا صغيرة تبحث عن نورها الخاص؟
حين أقف أمام طلابي،
أرى في أعينهم وطنًا صغيرًا يتكوّن كل يوم من جديد…
وطنًا من الحلم، من البراءة، من الطموح.
أرى أرواحًا نقيّة تبحث عن نورها،
ونوري أنا هو الكلمة، والابتسامة، والقدوة.في نظراتهم أرى الغد…
أرى من سيكتب، من سيبني، من سيزرع.
وكل لحظة معهم تذكّرني أن التعليم ليس مهنة،
بل رسالة خلق وبناء وطنٍ بالحب والمعرفة.2. كيف تجعلين الأدب كائنًا حيًّا يتنفّس في قاعة الدرس؟
حين أدخل قاعة الدرس، لا أقدّم الأدب كنصوص جامدة تُحفظ،
بل ككائن حيّ يتنفّس معنا، يفرح ويغضب ويحلُم.
أجعل طلابي يعيشون القصيدة لا يقرؤونها فقط،
يسمعون أنفاس الشاعر، ويتلمّسون وجع الشخصية في القصة،
ويحاورون النصّ كصديق يشاركهم همومهم وأحلامهم.أفتح أمامهم نوافذ الخيال،
وأربط الأدب بحياتهم اليومية: بمشاعرهم، بذكرياتهم، بواقعهم.
فحين يشعر الطالب أنّ الكلمة تلامس قلبه،
يصبح الأدب بالنسبة إليه نبضًا حيًّا لا درسًا من المقرّر.3. ما الذي يعيدكِ إلى الإيمان برسالتكِ حين يتسرّب إليكِ التعب؟
حين يتسلّل إليّ التعب،
ويثقل قلبي ضجيج الأيام،
أنظر إلى وجوه طلابي…
فأرى في عيونهم السبب الذي يجعلني أواصل.أستعيد أول كلمة كتبها طالب بخطٍّ متردّد،
وأول نظرة فخرٍ في عين أمّ حين رأت ابنها يقرأ بثقة،
وأتذكّر أن كل تعبٍّ يذوب أمام لحظة فهمٍ واحدة،
وأمام ابتسامة طالبٍ شعر أنني آمنت به حين شكّ الجميع.ما يعيدني إلى الإيمان برسالتي
هو أنني لا أزرع في الأرض… بل في الإنسان.
أزرع قيَمًا، أحلامًا، وقلوبًا تعرف كيف تحبّ وتنهض من جديد.4. مهنتكِ اختارتك… كيف شعرتِ بذلك في مسيرتكِ بين الأدب العربي والأدب الإنكليزي؟
شعرت أنّ مهنتي اختارتني يوم أدركت أنّ الأدب بكلّ لغاته هو لغتي الداخلية.
في الأدب العربي وجدتُ جذوري، ذلك النبض الأصيل الذي يُشبه لغتي وأرضي وذاكرتي.
وفي الأدب الإنكليزي اكتشفت جناحيّ، الانفتاح على ثقافاتٍ أخرى وطرائق مختلفة في رؤية الإنسان والعالم.بين القصيدة العربية التي تُغنّي الوجدان،
والرواية الإنكليزية التي تُحلّل النفس وتغوص في التفاصيل،
كنتُ أجد نفسي في رحلةٍ لا تنتهي بين الشرق والغرب، بين الإحساس والفكر.كلّ نصّ أشرحه، كلّ قصة أحكيها، كلّ طالب أراه يكتشف معنى جديدًا للكلمة،
يؤكّد لي أن الأدب اختارني لأكون جسرًا بين الجمال والمعرفة، بين الكلمة والروح.5. من يقرأكِ يشعر أنك تمزجين بين الفلسفة والعاطفة. كيف توفّقين بينهما؟
الفلسفة عندي ليست نقيض العاطفة،
هي العقل الذي يمنح العاطفة جناحين لتسمو،
والعاطفة هي القلب الذي يمنح الفلسفة دفئًا وإنسانيّة.حين أكتب أو أعلّم، لا أفصل بينهما،
فالفكرة إن لم تُمسّ القلب تبقى جامدة،
والمشاعر إن لم تستند إلى فكرٍ ناضج تبقى عابرة.أمزجهما كما يمتزج الضوء بالهواء،
فيصير الأدب عندي تأمّلًا دافئًا،
والفكر إحساسًا ناطقًا بالحياة6. في خضمّ المسؤوليات والكتابة والإدارة، إلى أين تلجئين حين تتعبين؟
حين أتعب، ألجأ إلى الهدوء…
إلى زاوية صغيرة أضع فيها كلّ الضجيج جانبًا،
وأعود إلى نفسي، إلى الكلمة التي كانت دائمًا ملجئي.أكتب لأتنفّس، وأقرأ لأتذكّر أن في الكتب قلوبًا تشبه قلبي،
تتعب ثم تنهض من جديد.أحيانًا ألجأ إلى صلاتي، إلى حديثٍ صامت بيني وبين الله،
أخبره عن خوفي، عن ضعفي، وعن الرغبة بأن أظلّ قادرة على العطاء.وفي عيون طلابي أجد أحيانًا ملاذي أيضًا،
لأنّهم يذكّرونني بسبب كل هذا السعي،
وبأن التعب طريق الذين يؤمنون برسالتهم حقًا.7. في عالمٍ يتغذّى على الضجيج، كيف تحافظين على الضوء فيكِ؟
في عالمٍ يزداد ضجيجًا كلّ يوم،
أتشبّث بالضوء في داخلي كما يتشبّث طفلٌ بيد أمّه في الزحام.أحافظ على نوري بالبساطة…
أختار الصمت حين يُغري الضجيج بالكلام،
وأختار الإصغاء حين يعلو الصراخ من حولي.أعود إلى الكلمة الصادقة،
وإلى لحظة صدقٍ مع طالبٍ فهم الدرس،
أو ابتسامة زميلةٍ قالت لي “وجودك بيريّح”.
تلك اللحظات الصغيرة هي التي تُعيد تشغيل النور في داخلي.8. هل تؤمنين أن الأدب يستطيع أن يشفي ما أفسدته الحروب في الإنسان؟
نعم، أؤمن بذلك بكلّ قلبي.
فالأدب هو الذاكرة التي تشفي حين تروي،
هو الكلمة التي تجمع ما بعثره الخوف،
هو المرآة التي تُعيد للإنسان ملامحه بعدما شوّهتها النيران.الحرب تدمّر الجسد والمدينة،
لكن الأدب يعيد بناء الروح.
حين نكتب الألم، نُخرجه من داخلنا ليتحوّل إلى معنى،
وحين نقرأه، ندرك أنّنا لسنا وحدنا في هذا الوجع.الأدب لا يغيّر الماضي،
لكنه يعلّمنا كيف نواصل الحياة بعده،
ويذكّرنا أنّ الجمال ممكن حتى بعد الدمار.9. تنتمين إلى عائلةٍ يلتقي فيها الفكر بالعلم… ما معنى “العائلة” بالنسبة إليكِ؟
العائلة بالنسبة إليّ ليست فقط سلسلة من الألقاب أو إرثًا أكاديميًّا،
بل هي ذاكرة القلب التي تغذّي العقل،
والمكان الذي تعلّمتُ فيه أنّ العلم بلا محبّة يفقد معناه.من عائلتي تعلّمت أن التفوّق الحقيقي ليس في الدرجات أو الألقاب،
بل في التواضع والعطاء.
العائلة هي حنين القلب وامتداد العقل معًا؛
الجذر الذي يثبّتني حين تشتدّ الريح،
والجناح الذي يدفعني لأن أطير أبعد.10. أنتِ ابنة الجنوب… كيف صاغت هذه الأرض ملامح قوتكِ وصبركِ؟
أنا ابنة الجنوب… الأرض التي لا تُهزم،
التي كلّما انكسرت، أنبتت من شقوقها زهرًا أقوى من الجرح.منها تعلّمت أنّ الصبر قوّة تعرف متى تصمت ومتى تنهض،
وأنّ الجمال يولد من الألم،
وأنّ الزرع فعل إيمان قبل أن يكون عملًا.من الجنوب ورثت العناد الجميل،
وإصرار الأرض على البقاء،
ومن نسائه الكرامة والدفء والحنان المقاوم.أنا ابنة الجنوب،
وفي كل خطوة لي ظلُّ جبلٍ وصوتُ موجةٍ من هناك،
يذكّراني أن الانكسار لا يخيف من وُلد من رماده ألف مرّة.⸻
11. حين تمرّين ببلدتكِ التي طالها الدمار بعد الحرب، ما الذي يتكلّم فيكِ أولًا: الذاكرة أم الإيمان؟
حين أمرّ ببلدتي التي أنهكتها الحرب،
يتكلّم فيّ الاثنان معًا: الذاكرة والإيمان.الذاكرة تهمس بالحنين،
تعيد إليّ رائحة البيوت القديمة،
ضحكات الأطفال، وأصوات الأمهات.
أما الإيمان فينهض قائلاً:
“الأرض ما زالت تتنفّس، ومن تحت الركام تولد الحكايات من جديد.”الذاكرة تُبكيني،
والإيمان يُنهضني.
وبين الاثنين أجد نفسي إنسانةً كاملة:
تتألم لأنها تتذكّر، وتنهض لأنها تؤمن.⸻
12. ما رأيكِ بالملتقيات العربية تحت مظلة الإبداع المشترك؟
أرى في الملتقيات العربية تحت مظلّة الإبداع المشترك جسورًا من النور تمتدّ بين العقول والقلوب.
هي ليست فعاليات ثقافية فحسب، بل مساحات تواصل تُعيد تعريف العروبة بعيدًا عن السياسة،
وتُبرز وجهها الأجمل: وجه الكلمة والفكر والفنّ.حين يلتقي المبدعون العرب،
تتلاقح التجارب وتولد أفكار جديدة تُغني المشهد الثقافي العربي.
أؤمن أنّ الإبداع المشترك هو مستقبلنا الثقافي،
فلا نهضة بلا تعاون،
ولا إبداع بلا حوار.وفي كل لقاء عربي كهذا،
أرى وطنًا أكبر من الجغرافيا،
وبيتًا يسكنه الشعراء والكتّاب والفنانون…
بيتًا اسمه: العروبة المبدعة..
كما أتوجّه بخالص الشكر إلى رئيس الملتقى الشاعر ناصر رمضان وأمينة السر الشاعرة غادة الحسيني على جهودهما الحقيقية التي كانت وراء نجاح هذا اللقاء.
وأخصّ بالشكر الشاعرة المبدعة رحاب هاني على استضافتها لي وحفاوة الترحيب التي غمرتني.
دمتم سندًا للجمال والكلمة الراقية.
حاورتها من لبنان رحاب هاني
عضو ملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
الطقس والكتابة: الشعر بوصفه عبورًا وجوديًّا بين اللغة والدهشة /عماد خالد رحمة :
٧الطقس والكتابة: الشعر بوصفه عبورًا وجوديًّا بين اللغة والدهشة : بقلم: عماد خالد رحمة _ برلين. منذ أن وُجد الإنسان...
اقرأ المزيد



















