الأربعاء, ديسمبر 10, 2025
  • أسرة التحرير
  • مجلة أزهار الحرف
  • مكتبة PDF
  • الإدارة
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير
البداية أدب النقد

الشاعر محمد فايد عثمان: فارس القصيدة وكوسوفا بقلم أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي

ناصر رمضان عبد الحميد by ناصر رمضان عبد الحميد
ديسمبر 10, 2025
in النقد
الشاعر محمد فايد عثمان: فارس القصيدة وكوسوفا بقلم أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي

الأثر الأدبي والفكري للشاعر محمد فايد عثمان في سياق كوسوفا

بقلم: الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
E-mail: [email protected]
المقدمة: شهادة في حق شاعر وقضية
يمثل الشاعر محمد فايد عثمان (مواليد 15 يناير 1951م) نموذجاً فريداً للمثقف العربي الذي جمع بين الالتزام الوطني العميق والإبداع الشعري الراسخ، مقترناً بسيرة مهنية وعسكرية حافلة. إن تقييم أثر هذا الشاعر لا يقتصر على الإنتاج الأدبي فحسب، بل يمتد ليشمل بصماته في الحياة الفكرية، والثقافية، والاجتماعية، وحتى أدواره غير المعلنة في دعم القضايا الإنسانية والدولية. وقد كانت علاقتي الشخصية بالشاعر، التي قامت على الاحترام المتبادل والعمل المشترك، خير شاهد على عمق التزامه وقوة تأثيره.
يسعى هذا المقال الأكاديمي إلى تفكيك وتحليل هذا الأثر المتعدد الأوجه، بدءاً من الخلفية العسكرية والوطنية التي صقلت وجدانه، مروراً بالريادة الثقافية التي مارسها من خلال مؤسساته، ووصولاً إلى الشعر القضاياوي الذي عكست قصائده آلام الأمة وآمالها، متوقفين تحديداً عند مشاركته الفعالة في مؤتمرات قضية كوسوفا وإبداعه الشعري فيها، وهو ما يعكس أثراً يتجاوز الحدود المحلية إلى البعد الدبلوماسي والثقافي الدولي.
الفصل الأول: التأثير الوطني والعسكري كمصدر للإلهام الشعري
1.1. فارس أكتوبر وشاعر الالتزام
يُعدّ الانتماء للجيش المصري والمشاركة البطولية في حرب العاشر من رمضان (أكتوبر 1973م) نقطة تحول جوهرية في تشكيل وعي الشاعر محمد فايد عثمان. فكونه “بطلاً من أبطالها”، شعاره “النصر لمصر أو الشهادة في سبيل الله والحق والوطن”، منح شعره مصداقية التجربة الحية وسلطة الفارس الذي تجاوز المحنة.
هذا الميراث الوطني يُفسر لماذا ظل شعره ملتزماً بـ “خدمة قضايا أمته متغنياً بقيم الحق والخير والجمال”. فالوطن في شعره ليس مجرد أرض، بل هو مبدأ متأصل، يمنح قصائده الوطنية والاجتماعية عمقاً لا يتوافر للشعر المستند فقط إلى المشاهدة أو العاطفة المجردة.
2.1. الأثر العلمي والمهني
على الصعيد العلمي والمهني، فإن تخرجه في إعلام جامعة القاهرة وعمله كـ مدير عام بجامعة القاهرة سابقاً، يوضح تملكه لأدوات التنظيم الفكري والمهني والإداري. وهذا الانضباط الأكاديمي والإداري انعكس على حضوره الفكري المنظم في الملتقيات والمؤتمرات، ما جعله صوتاً مؤثراً يتمتع بالقدرة على صياغة الرؤى بوضوح ودقة، وليس مجرد شاعر عاطفي.
الفصل الثاني: الأثر الثقافي والدبلوماسي: كوسوفا نموذجاً
1.2. الريادة في المؤسسات الثقافية
لم يكتفِ الشاعر بالإبداع المنفرد، بل كان فاعلاً محورياً في المشهد الثقافي من خلال عدة مناصب:
• رئيس نادي الأدب بالجيزة والمشرف على نادي أدب الطفل: يكشف هذا الدور اهتماماً عميقاً بـ تنمية النشء وبناء القاعدة الثقافية، مما يمثل أثراً غير مباشر لكنه دائم على الحركة الفكرية المصرية.
• عضو اتحاد كتاب مصر ورابطة الأدب الإسلامي العالمية: يؤكد انخراطه في تيار الأدب الهادف والملتزم.
إن هذا التواجد المؤسسي منح إنتاجه مساحة أوسع من الانتشار والتأثير، وجعل منه قوة دافعة وليست مجرد إضافة.
2.2. الأثر الدبلوماسي والشعر القضاياوي: شهادة كوسوفا
يظهر الأثر الفكري والدبلوماسي للشاعر في تعامله مع القضايا الإنسانية العابرة للحدود، وأبرزها قضية كوسوفا. إن مشاركته الدائمة في الندوات والمؤتمرات حول هذه القضية، وما أفرزه من قصيدتين شهيرتين عنها، يضع الشاعر في خانة “شاعر الدبلوماسية الشعبية”.
هذا الجانب يثبت أن الشاعر:
1. يتجاوز الوجدان الشخصي إلى الالتزام بقضايا العدل العالمي.
2. يستخدم القصيدة كـ وثيقة تاريخية ورسالة سياسية، مما يمنحها بعداً فكرياً يتخطى حدود الجماليات اللغوية.
3. كانت مشاركته في هذه الملتقيات، خصوصاً في وجودي أنا (الدكتور بكر إسماعيل)، تثبت الدور الحيوي الذي لعبه في تعبئة الوعي بقضايا البلقان المستجابة للضمير العربي والإسلامي.
الفصل الثالث: الأثر الشعري والفكري في نتاجه الأدبي
1.3. التنوع الجمالي والعمق الفكري
يتميز النتاج الشعري لمحمد فايد عثمان بـ التنوع في الأغراض الشعرية، ما بين الوجداني والاجتماعي والوطني، إلا أن خيطاً فكرياً واحداً يربطها: البحث عن الحق والجمال. وتبرز مجموعاته كالتالي:
المجموعة الشعرية الأثر الفكري / الجمالي
أغنية في حرس الحلاج تكشف عن بعد صوفي وإنساني عميق في شعره، والبحث عن المعنى المتجاوز للمادة.
ركعتان للعشق وضوءهما دم تعكس الربط بين العاطفة والتضحية، وهي ثنائية متجذرة في وعيه كفارس سابق.
أغاني للحب نغني (للأطفال) يظهر الالتزام بتربية الوجدان، ويعكس بعداً تربوياً وأخلاقياً في مشروعه الشعري.
محاولة إغتيال شاعر مسرحية شعرية تعمق الوعي بآلام المبدع وصراع الفن مع الواقع المضطرب.
2.3. الشاعر بين الجائزة والتأثير
إن فوزه بالعديد من الجوائز على مستوى مصر والعالم العربي يؤكد على جودة منتجه الفني وسعة انتشاره. ولكن الأثر الأعمق يكمن في دوره كـ أمين صندوق جمعية الأدب والفكر المعاصر وعضوية منتدى المثقف العربي، مما يثبت دوره في تفعيل الحركة النقدية والبحثية، وليس فقط في الإنتاج الشعري.
الفصل الرابع: “فُرْجَةُ النُّور”: تحليل نقدي للأثر الشعري في قضية كوسوفا
تُعد قصيدة “فُرْجَةُ النُّور”، المهداة إلى “أشقَّائنا في دولة (كوسوفا)”، وثيقة أدبية بالغة الأهمية لفهم الأثر الفكري والدبلوماسي للشاعر محمد فايد عثمان. هذه القصيدة ليست مجرد رثاء أو تهنئة، بل هي بيان شعري متكامل يربط بين الوجدان الذاتي للشاعر وقضايا أمته الكبرى، ما يُثبت دور الشعر كأداة فاعلة في التعبير عن الالتزام السياسي والثقافي.
1.4. العنوان والتركيب البنيوي
العنوان (“فُرْجَةُ النُّور”): يحمل العنوان دلالة رمزية مكثفة. فـ “الفُرْجَة” تشير إلى الشق أو المَنفذ الذي يأتي منه الخلاص بعد فترة “دَيْجُورِ مِحْنَتِنَا”، حيث يُمثل استقلال كوسوفا بصيص أمل يُضاء في خضم العتمة العربية الممتدة.
البنية: تنقسم القصيدة هيكلياً إلى ثلاثة محاور رئيسية، وهو تنظيم فني يدل على وعي الشاعر ببناء النص الطويل:
1. المقدمة الغزلية/الوجدانية (الأبيات 1-10): يستهل الشاعر بنبرة وجدانية تقليدية تبدو في ظاهرها غزلية (“غَيْدَاءُ في خَدِّها خَالٌ”)، لكنه سرعان ما يؤولها لخدمة الموضوع العام، حيث يُصبح العشق “شَاغِلِي عَنْكُـمْ”، ليتحول الحب الذاتي إلى حب قضائي أسمى.
2. شعر الموقف والاعتذار (الأبيات 11-37): يُمثل هذا الجزء جوهر الالتزام، حيث يوجه الشاعر اعتذاراً قاسياً لأهل كوسوفا (“مَوَدَّتي أَهَلَ ( كوسوفا ) وَمَعْذِرَتِي / قَارَفْتُ ذَنْباً وَمَا لِي مَا يُبَرِّرُهُ”) عن عجزه و”قُعُود” العالم العربي. وهنا يظهر الأثر السياسي بوضوح، عبر إدانة القعود عن نصرة القضية والتعبير عن المشاركة المعنوية بالروح والدم (“الرُّوحُ والدَّمُ ( كُوسُوفَا ) فِدَىَ وَطَنٍ”).
3. البيان السياسي والوصايا (الأبيات 38-76): يتحول النص إلى خطاب توجيهي مباشر، يهنئ فيه الشاعر على “يَوْمَ اسْـتَقَلَّتْ بِكُـمْ أَرْجَاءُ دَوْلَتِكُـمْ” 9، ويقدم وصايا سياسية (كالعدل والشورى) وفكرية للحفاظ على كيان الدولة.
2.4. الأثر الفكري والسياسي (المحتوى القضاياوي)
النقد الذاتي اللاذع: يمثل هذا الجانب قمة الأثر الفكري. فالشاعر لا يلوم الظالم فحسب، بل يلوم الذات العربية القابعة والمعجزة عن النصرة، وهو ما يرفع القصيدة من مستوى العاطفة إلى مستوى النقد الحضاري. هو يعترف صراحة بالعجز: “لَََكِنَّه الظُّلْمُ ضَمَّ القَيْدَ في جَلَدِي / وَأَغْلَقَ القَلْبَ لا أَقْوَى أُغيِّرُهُ”.
الربط الملحمي بالقضايا العربية: لا ينسى الشاعر أن يربط نصر كوسوفا (فرجة النور) بظلام القضايا المستمرة في الوطن العربي: “فِدَى ( العِرَاقِ ) الذِي طُمَّتْ مَصَائِبُهُ” و “وَذِي (فِلَسْطِينُ) جُرْحٌ لَيْسَ يَجْحَدُهُ”15. هذا الربط يرسخ القصيدة كجزء من المشروع الفكري القومي، وليس حدثاً معزولاً.
الوصايا الفكرية والتشريعية: في ختام القصيدة، يقدم الشاعر سلسلة من الوصايا الفكرية والدينية والسياسية، مؤكداً على:
• ضرورة إقامة الدولة على أساس العدل والشورى.
• التحذير من أربعة أصناف تهدد الدولة الجديدة: الظالم (من العدو أو الإخوة)، والعالم غير الراشد، والشاعر المهين لمجد أمته، والكاتب الذي يظهر الإلحاد. هذا التصنيف يعكس رؤية فكرية شاملة لأركان المجتمع الصالح (السياسي، والديني، والأدبي، والاجتماعي).
3.4. الأثر الشعري والفني (الجماليات)
اللغة والمفردات: يستخدم محمد فايد عثمان لغة فصيحة قوية، تميل إلى الجزالة والرصانة، مستخدماً مفردات تقليدية تحمل ثقلاً دلالياً مثل “الغيداء” و”العابرة” و”الدَيْجور”، مما يؤكد انتماءه إلى مدرسة الشعر الملتزم ذات النفس الكلاسيكي الجديد.
البلاغة والصورة: تتسم القصيدة بالصور الحسية القوية، أبرزها:
• الاستعارة الملحمية: تشبيه نصر كوسوفا بـ “يَوْمِ بَدْرٍ نَشِيدُ الدَّهْرِ يَذْكُرُهُ”، ما يضفي قداسة تاريخية على الانتصار.
• تصوير القعود: يستخدم الشاعر صوراً حركية قاسية لوصف تردده عن النصرة: “كَمْ مَرَّةٍ مَدَّ سَاقاً نَحْوَكُمْ بَطَلاً / يَوْمَاً يَحُثُّ الْخُطَىَ أَلْفاً يُؤَخِّرُهُ”22.
4.4. تقييم الأثر المندرج
تؤكد “فُرْجَةُ النُّور” الأثر المتعدد للشاعر في جميع المجالات المطلوبة:
• الأثر الشعري: يثبت قدرته على تطويع الشعر الطويل الملتزم لخدمة القضايا المستجدة.
• الأثر الفكري والسياسي/الدبلوماسي: تحويل القصيدة إلى منصة نقد ذاتي ووصايا تشريعية لمجتمع جديد (كوسوفا)، مما يجعله شاعراً يُساهم بفعالية في صياغة الوعي الدولي والإسلامي.
تحليل الأبيات المتعلقة بقضية كوسوفا
تتجاوز الأبيات التي تناولت كوسوفا في القصيدة الإهداء العابر، لتقدم نظرة الشاعر النقدية والملتزمة تجاه القضية، مقسمة بين الاعتذار والالتزام، والتهنئة والوصايا.
1. محور الاعتذار والالتزام (النقد الذاتي)
يبدأ الشاعر بالاعتذار الصريح لأهل كوسوفا عن تقصيره وتقصير أمته، وهذا الاعتراف يمثل ذروة الوعي النقدي في القصيدة.
الأبيات التحليل والدلالة
مَوَدَّتي أَهَلَ ( كوسوفا ) وَمَعْذِرَتِي / قَارَفْتُ ذَنْباً وَمَا لِي مَا يُبَرِّرُهُ اعتراف مباشر بالتقصير: الشاعر هنا لا يرى نفسه معذوراً رغم بعده الجغرافي. يصف القعود عن النصرة بـ “الذنب”، مما يحمل القضية من البعد السياسي إلى البعد الديني والأخلاقي، وهو ما يتسق مع كونه عضواً في رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
هَاأسْكُبُ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنِ الأَسَى أَسَفاً / لَعَلَّ دَمْعاً جَرَى مِنِّي يكََُفِّرُهُ التكفير بالوجدان: يربط الشاعر بين البكاء (الدمع) و التكفير عن ذنب القعود. الدمع هو أقصى ما يستطيعه “القاعد” لتقديم العزاء الروحي في مواجهة السيف4.
نَأَيْتُ عَنْكُمْ وَسَيْفُ الشَّـرِ يَحْصُدُكُمْ / بِخَاطِـرٍخَاضِعٍ لِلبَطْشِ يَحْذَرُهُ وصف الواقع الأليم: يصور سيف الشر (الصرب) وهو يحصد الضحايا، ويعترف بأن قلبه كان خاضعاً وخائفاً من البطش، وهذا يعزز الصدق الفني للنص من خلال الاعتراف بالضعف البشري في مواجهة القوة الغاشمة.
الرُّوحُ والدَّمُ ( كُوسُوفَا ) فِدَىَ وَطَنٍ / يُصَارِعُ الشِّرَ في البَلْقَانِ يَدْحَرُهُ تأكيد الالتزام الروحي: هذه الأبيات هي شعار القصيدة، حيث يضع الشاعر روحه ودمه فداءً للوطن، ويعبر عن أمله في أن يكافح هذا الوطن الشر في البلقان. هذا يربط بين نداء الشاعر في حرب أكتوبر (“النصر لمصر أو الشهادة في سبيل الله والحق والوطن”) والنداء الجديد لنصرة كوسوفا.
دَاعِي الْجِهَادِ دَعَا فَارْتَاعَ قَاعِدُهُ / فَمَنْ تُرَىَ عَنْ قُعُودٍ مِنْهُ يَعْذُرُه؟ لوم القُعُود: يوجه الشاعر لومًا شديدًا للذين تخاذلوا عن نصرة الحق، ويستفهم إن كان هناك عذر عن التخلف عن داعي الجهاد، مشيراً إلى أن العذر غير مقبول.
لَََكِنَّه الظُّلْمُ ضَمَّ القَيْدَ في جَلَدِي / وَأَغْلَقَ القَلْبَ لا أَقْوَى أُغيِّرُهُ تصوير العجز: يختم الشاعر هذا المحور بتصوير رمزي للاستبداد والظلم (الذي لم يحدده صراحة، لكنه يشمل عجز الأمة)، حيث أصبح هذا الظلم قيداً يمنعه من الفعل والتغيير.
2. محور التهنئة والوصايا (الأثر الدبلوماسي/الفكري)
ينتقل الشاعر إلى مرحلة الاحتفاء بالاستقلال، مُحوّلاً القصيدة إلى بيان سياسي وفكري يقدم فيه نموذجاً للحكم الرشيد.
الأبيات التحليل والدلالة
يَوْمَ اسْـتَقَلَّتْ بِكُـمْ أَرْجَاءُ دَوْلَتِكُـمْ / وَأَسْـفَرَالفَجْـرُ يُرْدِي اللَّيْلَ يَنْحَرُهُ صورة النصر الملحمية: يصور الاستقلال كـ “فجر” يقتل وينحر “الليل” (الاحتلال والظلم)، وهي صورة حركية عنيفة تعكس حجم التضحية التي أدت إلى النصر.
حَقٌّ لَكُمْ شَعْبَ ( كُوسُوفَا ) نُعَانِقَكُـمْ / وَنَلْتَـقِي فَرْدَكُـمْ فَرْداً وَنَشْكُرُهُ التعبير عن الأخوة: يؤكد الشاعر على حق شعب كوسوفا في التكريم والاحتضان من قبل باقي الأمة، معتبراً نصرهم انتصاراً للجميع.
رَكَزْتُمُوا رَايَةَ الإسْلامِ عَالِيَةً / وَسِفْرُهُ نَاصِعُ التَّارِيخِ يَسْطُرُهُ البعد الديني والثقافي: يشير إلى أن الاستقلال هو بمثابة إعلاء لراية الإسلام، خاصة في قلب أوروبا. هذا يبرز البعد الحضاري والرسالي للقضية.
في قَلْبِ ( أُوْرُوبَّةٍ ) يَعْلُو الأذَان ُوَكَمْ / مِنْ غَافِلٍ رَاحَ في رِفْقٍ يُبَشِّرُهُ الأثر الدولي/الحضاري: يركز على رمزية ارتفاع الأذان في قلب أوروبا، مما يثير الوعي لدى الغافلين ويجعل من كوسوفا منارة ثقافية.
وَلا تُقِيمُوا بِغَيْرِ العَدْلِ دَوْلَتَكُمْ / فَلا يُرَى غَيْرُ نَبْعِ الْحَقِّ كَوْثَرُهُ الوصية السياسية الأهم: يضع الشاعر أساس الحكم الرشيد في العدل، محذراً من أن الظلم لا يمكن أن يبني داراً أو يقيم وطناً مستقلاً.
وَالأمْرُ شُوْرَى إِذَا رُمْتُمْ بِهَا بَدَلاً… / فَيَحْمِلُُ النَّاسَ قَسْراً في تَخَاذُلِهِمْ التحذير من الاستبداد: يحذر صراحة من الاستبداد (حيث “يَبْـدُو تَجَـبُّرُهُ”)، ويصف المستبد بأنه يسير الناس “كَأَنَّهُمْ سِرْبُ أَنْعَامٍ”، مؤكداً أن الشورى هي البديل الوحيد للعدل والاستقامة.
أَوْ ( شَاعِـرٍٍ) لايُجَلِّي مَجْدَ أمَّتِهِ / أَوْ يَسْتَهِينُ بِهِ إِنْ جَدَّ يَذْكُرُهُ وصية أدبية مهنية: يختم الشاعر بتحذيرات موجهة للمثقفين، تحديداً الشاعر (وهو منهم)، مؤكداً على مسؤولية الأديب في تخليد أمجاد الوطن، مما يؤكد أثره في الحياة الأدبية المهنية.
الخلاصة: تُعد هذه الأبيات دليلاً على استخدام الشاعر محمد فايد عثمان لقصيدته كأداة نقدية وفكرية ودبلوماسية تتجاوز الغرض الشعري التقليدي، لتسجل موقفاً حضارياً تجاه قضية كوسوفا.
الفصل الخامس: “أغنيات العشق في كوسوفا”: غزل الأمل في محراب البطولة
تمثل قصيدة “أغنيات العشق في كوسوفا” الوجه المضيء لالتزام الشاعر محمد فايد عثمان، وتأتي لتكمل الصورة التي بدأتها قصيدة “فُرْجَةُ النُّور”. فبينما كانت “فرجة النور” تعبيراً عن الاعتذار الممزوج بالأمل، جاءت “أغنيات العشق” كتتويج لانتصار المبدأ وتحويل التضحية إلى مصدر للإلهام الوجداني والروحي.
1.5. دلالة “العشق” والتحول الميتونيمي
يستعير الشاعر مصطلح “العشق”، الذي عادة ما يرتبط بالغزل الوجداني، ليُسقطه على قضية كوسوفا. هذا التحول ليس مجرد مجاز، بل هو تصعيد لمفهوم الالتزام؛ فالوطن والقضية يصبحان هما المعشوق المثالي الذي يستحق التضحية. هذا التحول يظهر بوضوح في البيت:
الآن يا لحن البطولة لم يعد / إلا أغاني العشق في كوسوفا
حيث يُعلن الشاعر أن البطولة نفسها تحولت إلى قصيدة حب، مما يعكس الأثر الفكري للقصيدة في تطهير الوجدان وجعله مرتبطاً بقضايا الأمة، فيثبت أن أعلى مراتب الحب هي حب الأوطان والقضايا العادلة.

2.5. تحليل خطاب البطولة والانتصار
يُركز الشاعر على تصوير البطولة كحالة عزة دائمة، بعيداً عن الرثاء والتأوه، وهو ما ينسجم مع خلفيته العسكرية كبطل من أبطال حرب أكتوبر:
في عزة الأبطال تعصر خمرها / وترد كيد المعتدين حُتوفا
يا وقفة الشعب المجاهد عزمةً / ردت عتل المجرمين حسيفا
هنا، يغلب الطابع الملحمي على النص، فمقاومة الشعب المجاهد ليست مجرد دفاع، بل هي قوة فعالة تجعل المعتدي (العتل) يعض على يديه بحسرة و”يجر ذيل خساره مأسوفا”.
ويقدم الشاعر صورة رمزية لشبل كوسوفا:
يا شبل كوسوفا رأيتك للحمى / بطلاً وتعدل في القتال ألوفا
وهو تصوير يزيد من الأثر الأدبي للقصيدة في أدب أطفال الأمة والنشء، ويوضح لماذا أولى الشاعر أدب الطفل اهتماماً خاصاً (كمشرف على نادي أدب الطفل بالجيزة).

3.5. البعد الديني والاجتماعي
يرسخ الشاعر الأثر الثقافي والروحي لانتصار كوسوفا من خلال ربطه الوثيق بالهوية الدينية، مع التأكيد على أن الدين هو أساس الصمود:
لولا التزام الدين ما ترتم ولا / كان البلاء عن أرضكم مصروفا
كما يختتم القصيدة بـ مشهد التعبد في الأرض المحررة، حيث تتحول مآذنها وسجدات العابدين فيها إلى معراج روحي:
لكما بكل مآذن في أفقها / صدحَت فؤاداً عاشقاً ورؤوفا
وبكل سجدة عابد يدعو بها: / وجّهت وجهي مسلماً وحنيفا
ومنائرٌ تصف الطريق إلى العلا / تجلو بهاء جمالها موصوفا
وهذا يُعلي من الأثر الفكري للقصيدة، ويجعل من كوسوفا رمزاً للالتزام في مواجهة الإلحاد وضياع الهوية.
4.5. الأثر السياسي والدبلوماسي: نقد الأشقاء (تحليل أبيات كوسوفا)
يبرز الأثر السياسي والدبلوماسي للشاعر في الأبيات التي يوجه فيها نقداً لاذعاً للأشقاء العرب المتقاعسين عن الاعتراف والمساندة الفورية:
الأبيات التحليل والدلالة
ما ضركم أن اعتراف أخيكم / أبطا لقصد لا يكون شريفا نقد الدبلوماسية العربية: هذا البيت هو نقد سياسي مباشر وعلني للدول العربية التي تأخرت في الاعتراف بكوسوفا. يصف الشاعر التأخير بأنه “قصد لا يكون شريفاً”، مما يعني اتهاماً صريحاً بالخوف السياسي أو التبعية لجهات دولية، وهو ما يضع الشاعر في موقع المرجعية الأخلاقية للأمة.
الخائفون وشعبكم لما يخف / والمرجئون قرارهم تسويفا المقارنة المخزية: يعقد الشاعر مقارنة بين شجاعة الشعب الكوسوفي وبين “الخائفين” و “المرجئين” لقراراتهم، وهي إدانة للتردد والتخاذل السياسي الرسمي.
لكنما جرح القرابة غائر / في النفس يبقى لا يكف نزيفا التأكيد على وحدة الوجدان: رغم النقد اللاذع للقرار الرسمي، يؤكد الشاعر على أن الشعوب (جرح القرابة) تتألم لهذا التقصير، مؤكداً على الوحدة الفكرية بين الشعوب التي تفوق الانقسام السياسي.
هذا التناول يُثبت أن القصيدة هي أداة ضغط مارسها الشاعر لإحداث أثر دبلوماسي غير رسمي في المشهد السياسي العربي.
الفصل السادس: الشاعر محمد فايد عثمان – صوت التضامن الأدبي والسياسي بين مصر وكوسوفا
يأتي هذا السرد في سياق تاريخي وثقافي بالغ الأهمية، حيث تتقاطع فيه الكلمة الشعرية مع الموقف السياسي، ليعكس عمق العلاقة بين الأدب والحرية، وبين المثقف والهوية الوطنية. إن رسالة الشاعر محمد فايد عثمان ليست مجرد خطاب شكر، بل هي وثيقة أدبية ـ سياسية تحمل دلالات رمزية عن دور المثقف العربي في دعم قضايا الشعوب المقهورة، وفي مقدمتها قضية كوسوفا التي سعت لنيل الاعتراف والشرعية الدولية بعد عقود من المعاناة.
النص المحرر
قال الشاعر محمد فايد عثمان:
“الأخ الكريم الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أود أن أعبر عن خالص شكري وتقديري لحفاوتكم البالغة وضيافتكم الكريمة لنا، ويسعدني أن أنقل إلى سعادتكم مشاعر الود والسرور التي شاركتني فيها نخبة من الأدباء والشعراء الذين حضروا الندوة الثقافية الشعرية التي أقامها مكتب دولة كوسوفا بالقاهرة يوم الثلاثاء الموافق 26/4/2011م.
إننا نقدر جميعاً دوركم الهام وجهودكم الفاعلة في تقديم صورة مشرقة لدولة كوسوفا الحرة وشعبها المجاهد البطل، ونتابع باهتمام بالغ حرصكم على تعزيز العلاقات الأخوية بين مصر وكوسوفا. لقد شعرنا بالفخر والاعتزاز وأنتم تتحدثون عن أهمية اعتراف الحكومة المصرية بدولة كوسوفا ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفارة، بما يفتح آفاقاً أوسع للتعاون في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.
إن الشعب الكوسوفي يدرك مكانة مصر العريقة، كما أن الشعب المصري يحتل مكانة رفيعة في قلوب أبناء كوسوفا، ويولي مصر ما تستحقه من تقدير واعتراف بدورها العربي والإسلامي المؤثر. لقد لمسنا منكم محبة صادقة وتقديراً عميقاً لشعب كوسوفا البطل، ونعدكم نحن رجال الفكر والأدب والثقافة في جمهورية مصر العربية أن نبذل كل جهد ممكن لدى حكومتنا وقادة الرأي في مصر الحرية والكرامة، من أجل الاعتراف بدولة كوسوفا ومد جسور التعاون بين الشعبين الشقيقين.
بارك الله في جهودكم، وحقق على أيديكم لبلدكم العظيم كل تقدم ورفعة وازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم الشاعر محمد فايد عثمان
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.”
التحليل النقدي الأدبي والسياسي
• البنية الأدبية: النص يتخذ شكل رسالة أدبية ذات طابع وجداني، حيث يزاوج بين لغة الشكر والامتنان وبين لغة الالتزام الأخلاقي والسياسي. الأسلوب يتسم بالجزالة والوضوح، مع حضور بارز للصور البلاغية التي تعكس التضامن والاعتزاز.
• الرمزية الشعرية: رغم أن النص ليس قصيدة، إلا أن الشاعر يوظف لغة شعرية في التعبير عن القيم الكبرى: الحرية، الكرامة، الاعتراف، التضامن. هذه المفردات تحمل طابعاً رمزياً يتجاوز حدود المناسبة ليصبح خطاباً إنسانياً عاماً.
• البعد السياسي: الرسالة تكشف عن وعي المثقف بدوره في دعم القضايا العادلة، حيث يربط بين الأدب والسياسة، ويضع المثقف في موقع “المحامي الأخلاقي” عن الشعوب المقهورة. الدعوة إلى اعتراف مصر بكوسوفا ليست مجرد مطلب دبلوماسي، بل هي تجسيد لفكرة أن الثقافة يمكن أن تكون جسراً للتأثير السياسي.
• البعد الثقافي – الحضاري: النص يبرز مكانة مصر في الوعي العربي والإسلامي، ويعكس إدراكاً عميقاً لدورها التاريخي كقوة حضارية. في المقابل، يظهر كوسوفا كرمز للمقاومة والحرية، مما يجعل العلاقة بين البلدين علاقة تكامل بين “التاريخ العريق” و”التجربة الحديثة في التحرر”.
• التحليل النقدي: يمكن اعتبار الرسالة نموذجاً للأدب الملتزم، حيث يتجاوز الشاعر حدود الذاتية ليخاطب قضايا الأمة. إنها وثيقة أدبية – سياسية تؤكد أن المثقف ليس مجرد شاهد، بل هو فاعل في صياغة الوعي الجمعي والدفع نحو التغيير.
وأخيرا نقول إن رسالة الشاعر محمد فايد عثمان إلى الدكتور بكر إسماعيل تمثل لحظة تلاقي بين الأدب والسياسة، بين الكلمة والقرار، وبين المثقف والديبلوماسي. إنها شهادة على أن الشعراء والأدباء العرب كانوا وما زالوا جزءاً من معركة الاعتراف والحرية، وأن صوتهم يظل سنداً معنوياً للشعوب الباحثة عن مكانها تحت الشمس. إن إدراج هذا السرد في الكتاب يرسخ قيمة الأدب كوثيقة تاريخية، ويؤكد أن الكلمة الصادقة قادرة على أن تكون جسراً بين الأمم، ورافعة للكرامة الإنسانية.
الفصل السابع: قصيدة الإخلاص المتبادل بين القاهرة وبريشتينا: إهداء الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي إلى الشاعر محمد فايد عثمان
انطلاقًا من العلاقة المتميّزة التي جمعت بين كاتب هذا الكتاب، الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي، والشاعر الكبير محمد فايد عثمان، منذ اللقاء الأول الذي جمعهما في القاهرة، تعزّزت جسور التواصل بينهما عبر تعاون علمي وثقافي وفكري مستمر، كان محورها الأساسي قضية كوسوفا وما تحمله من آلامٍ وتطلعاتٍ نحو الحرية والعدل.
وقد مثّل الشاعر محمد فايد عثمان نموذجًا نادرًا للمثقف العربي الذي جعل من قلمه منبرًا لنصرة قضايا الشعوب المقهورة، وفي مقدمتها قضية كوسوفا التي احتلت مساحة واسعة من اهتمامه وشعره ومواقفه. ومن بريشتينا إلى القاهرة، ومن مآذن كوسوفا إلى فضاءات الثقافة المصرية، بقيت هذه العلاقة شاهدةً على تاريخٍ من الإخلاص المشترك للدفاع عن قيم العدالة والحرية.
وانطلاقًا من هذا الوفاء المتبادل، يقدّم الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفيب في هذا الفصل هذه القصيدة إهداءً خاصًا إلى الشاعر محمد فايد عثمان، تعبيرًا عن الامتنان والتقدير، وتوثيقًا لجسر الأخوّة الذي جمع بينهما، وليبقى هذا النص شاهدًا أدبيًّا على اللحظة التي التقت فيها الكلمة مع الموقف، والشعر مع القضية، والإنسان مع أخيه الإنسان.
القصيدة
من بريشتينا إلى القاهرة…
سلامُ شِعري إلى فارس القصيدة
بقلم: أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي
يا مِصْرُ، يا نبضَ القصائدِ إنْ نَغَتْ
وتهادَتِ الأرواحُ في أفقِ الهُدى
فيكِ التَقَينا فارسًا يسمو بِقَوْلٍ
لا يعرفُ الزَّيفَ المُضلِّ ولا الصَّدى
هذا محمدُ فايدٌ، قلمٌ بدا
كالنورِ يمسحُ من دُجى الظُّلْماءِ رَدَى
قفْتُ على شطآنِهِ فوجدتُهُ
بحرًا يُفيضُ نُبُوْلَهُ جُودًا وَنَدَى
نصرٌ لكوسوفا أضاءَ مدَى الرُّؤى
فغدَا شِعارًا للمروءَةِ إنْ سَعَى
قد كانَ يرفعُ رايةَ الأحرارِ إذْ
لم يَنْثَنِ قَلَمٌ لهُ أو يَنْحَنِي
يا شاعرًا خطَّ الجهادَ قصيدةً
وسَكَبْتَ وَجْدَكَ في المَلاحِمِ والعِبَرْ
يا من حملتَ من البِطانَةِ صوتَها
وترجَّمَ الوطنُ العزيزُ على السُّطُرْ
من بريشتينا قد أتيتُكَ شاكرًا
حُسْنَ الوفاءِ وطيبَ ما جادتْ يَدَا
وأتيتُ أحملُ في القصيدةِ وردةً
قد فاحَ من عشقِ البلادِ ومن صَدَى
ورأيتُ مصرًا فيك أبهى حينما
تُصغي لآهاتِ الشعوبِ إذا بكتْ
وترى بقلبِكَ ما تعاظمَ من جراحٍ
وتواسي المظلومَ إنْ ظُلْمٌ نَزَلْ
يا صاحبي… يا من وقفتَ مُدافعًا
عن حقِّ قومي حين عاثَ الظُّلْمُ فينا
كنتَ الشهادةَ حين ضاقتْ حيلتي
وكنتَ بُوصلةَ الأمانِ لِأَرْضِنَا
قد جئتُ أشكرُ مَن حملتَ قصيدَهُ
لِترى البلقانَ أزهَرَ بالسَّنا
ولِتُسمِعَ العالمَ أنَّ قضيَّةً
للحقِّ تُرفعُ لا تُباعُ ولا تُشترى
فاجعلْ قصيدتيَ الصغيرةَ هَدْيَةً
تَتْلو صداكَ على المدى وتستقيمْ
كم عانَقَتْكَ روحي وكمْ دَعَتِ الدُّنَا
أن لا يُخيبَ اللهُ فيكَ لنا الحُلُم
هذا اعترافي: أنتَ صوتُ أحبَّتي
وجناحُ شعبي حين يمضي في الطَّريقْ
تبقى القصائدُ بيننا جسرَ الوفا
وتظلُّ أنتَ النورَ في ليلٍ عميقْ
وفي نهاية الفصل تأتي هذه القصيدة لتشكّل وثيقة أدبية وإنسانية تُجسّد بعمق العلاقة الرفيعة التي جمعت بين الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي والشاعر محمد فايد عثمان. وهي ليست مجرد كلمات تُهدى، بل هي شهادة على دور الكلمة حين تكون صادقة، وعلى مكانة المثقف حين يكون منحازًا للحق، وعلى قدرة الشعر على أن يكون جسرًا بين الشعوب، ومرآةً لقيم الوفاء والإخلاص.
لقد منح الشاعر محمد فايد عثمان قضيّة كوسوفا حضورًا شعريًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا متميّزًا، فجاء هذا الإهداء تقديرًا لجهوده وتخليدًا لموقفه. وسيبقى هذا النص شاهدًا على أن القاهرة وبريشتينا يمكن أن تلتقيا على ضفاف الشعر، وأن الكلمة الحرة قادرة على أن تفتح أبوابًا من النور لا يغلقها الزمن.
الخلاصة والتقييم
يمثل الشاعر محمد فايد عثمان نموذجاً فريداً للمثقف العربي المتكامل، الذي جمع في مسيرته بين:
• سلطة الإدارة الأكاديمية (مدير عام بجامعة القاهرة).
• سلطة السيف (بطل في حرب أكتوبر 1973م).
• سلطة القلم (شاعر وناقد وأديب ملتزم).
ويتجلى تقييم أثره المتعدد الأوجه كما يلي:
1. الأثر الوطني والعسكري:
مشاركته البطولية في حرب أكتوبر 1973م منحته مصداقية “الفارس الشاعر”، وكرَّس شعره لقيم التضحية والدفاع عن الوطن والقضايا العادلة.
2. الأثر العلمي والثقافي:
بصفته خريج إعلام ومسؤولاً إدارياً، ورئيساً لنادي الأدب بالجيزة ومشرفاً على أدب الطفل، أسهم في بناء الأجيال وتنمية الحركة الثقافية المؤسسية، مع تركيز واضح على تنمية الوعي لدى النشء.
3. الأثر الشعري والفكري:
تميز نتاجه بالالتزام بالقضايا الكبرى، وجمع بين الغزل الرفيع والشعر السياسي والملحمي، كما يظهر في مجموعاته مثل “أغنية في حرس الحلاج” و “ركعتان للعشق وضوءهما دم”، مما يعكس عمقاً صوفياً وإنسانياً.
4. الأثر السياسي والدبلوماسي:
برز هذا الجانب بوضوح من خلال قصيدتيه الشهيرتين عن كوسوفا:
• “فُرْجَةُ النُّور”: التي حوَّلها إلى وثيقة نقدية وسياسية، تعبر عن الاعتذار والالتزام معاً، وتقدم وصايا للحكم الرشيد.
• “أغنيات العشق في كوسوفا”: التي حوَّلت البطولة إلى خطاب غزلي ملتزم، مؤكدة على دور الشعر في توثيق الانتصار ورفع المعنويات.
كما أن مشاركته الفاعلة في المؤتمرات والندوات حول قضية كوسوفا، ورسائله الأدبية الموجهة إلى النخب الكوسوفية، جعلته “صوتاً للضمير العربي” و “قوة ضغط أدبية” تنتقد التخاذل وتدعو إلى التضامن.
5. الأثر كجسر ثقافي بين مصر وكوسوفا:
من خلال الفصل السادس والسابع، يتضح كيف تحول الشاعر إلى حلقة وصل أدبية ودبلوماسية بين القاهرة وبريشتينا، حيث مثلت رسائله وقصائده وعلاقته بالدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي نموذجاً للإخلاص المتبادل والتضامن عبر الحدود. وقد تجسد ذلك في القصيدة المهداة إليه “من بريشتينا إلى القاهرة”، والتي تكرس دور الشعر كجسر للوفاء والإخاء.
لقد نجح محمد فايد عثمان في توظيف تجربته الحياتية الشاملة ليصبح شاعر الموقف والشهادة، حيث ترك أثراً لا يقتصر على الدواوين، بل يمتد إلى صياغة الوعي في لحظات تاريخية فارقة، مجسداً الدور الحقيقي للمثقف الملتزم في الحياة الفكرية والسياسية والدبلوماسية للأمة.
كاتب الدراسة:
السفير والممثل السابق لكوسوفا لدى بعض الدول العربية
عضو مجمع اللغة العربية – مراسل في مصر
عضو اتحاد الكتاب في كوسوفا ومصر
E-mail: [email protected]

مشاركةTweetPin

آخر ما نشرنا

الشاعر محمد فايد عثمان: فارس القصيدة وكوسوفا بقلم أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي
النقد

الشاعر محمد فايد عثمان: فارس القصيدة وكوسوفا بقلم أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي

ديسمبر 10, 2025
2

الأثر الأدبي والفكري للشاعر محمد فايد عثمان في سياق كوسوفا بقلم: الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي E-mail: [email protected] المقدمة: شهادة...

اقرأ المزيد
جديد ليلاس زرزور الحب الأبدي

جديد ليلاس زرزور الحب الأبدي

ديسمبر 9, 2025
17
زهرة المدائن متجر يحمل عبق فلسطين/بقلم ناصر رمضان عبد الحميد

زهرة المدائن متجر يحمل عبق فلسطين/بقلم ناصر رمضان عبد الحميد

ديسمبر 9, 2025
5
السيرة الذاتية والأدبية للروائية الفلسطينية صباح بشير

السيرة الذاتية والأدبية للروائية الفلسطينية صباح بشير

ديسمبر 9, 2025
13
صباح بشير: “قبل أن يستيقظ البحر”.. مرثية الحبّ في زمن الرّماد والمنفى

صباح بشير: “قبل أن يستيقظ البحر”.. مرثية الحبّ في زمن الرّماد والمنفى

ديسمبر 9, 2025
29
  • الأكثر شعبية
  • تعليقات
  • الأخيرة

ليل القناديل /مريم كدر

يناير 15, 2024
ومضات /رنا سمير علم

رنا سمير علم /قصور الروح

أغسطس 11, 2022

ومضة /رنا سمير علم

أغسطس 11, 2022

الفنانة ليلى العطار وحوار مع أسرتهالمجلة أزهار الحرف /حوار مي خالد

أغسطس 23, 2023

ومضة

ومضات

زمن الشعر

عطش

الشاعر محمد فايد عثمان: فارس القصيدة وكوسوفا بقلم أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي

الشاعر محمد فايد عثمان: فارس القصيدة وكوسوفا بقلم أ. د. بكر إسماعيل الكوسوفي

ديسمبر 10, 2025
جديد ليلاس زرزور الحب الأبدي

جديد ليلاس زرزور الحب الأبدي

ديسمبر 9, 2025
زهرة المدائن متجر يحمل عبق فلسطين/بقلم ناصر رمضان عبد الحميد

زهرة المدائن متجر يحمل عبق فلسطين/بقلم ناصر رمضان عبد الحميد

ديسمبر 9, 2025
السيرة الذاتية والأدبية للروائية الفلسطينية صباح بشير

السيرة الذاتية والأدبية للروائية الفلسطينية صباح بشير

ديسمبر 9, 2025

الأكثر مشاهدة خلال شهر

معرض الاستقلال برعاية مدرسة الشويفات
أخبار

معرض الاستقلال برعاية مدرسة الشويفات

نوفمبر 23, 2025
152

اقرأ المزيد
يا صاح هذي غزة /سامح محمود

يا صاح هذي غزة /سامح محمود

نوفمبر 15, 2025
111
الشاعر السعودي صالح الهنيدي لمجلة أزهار الحرف حاورته من السعودية نازك الخنيزي

الشاعر السعودي صالح الهنيدي لمجلة أزهار الحرف حاورته من السعودية نازك الخنيزي

ديسمبر 4, 2025
79
الدكتورة الناقدة لورانس عجاقة لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان رحاب هاني

الدكتورة الناقدة لورانس عجاقة لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان رحاب هاني

نوفمبر 11, 2025
78
الشاعرة السورية سهام السعيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان د. جيهان الفغالي

الشاعرة السورية سهام السعيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان د. جيهان الفغالي

نوفمبر 27, 2025
76
جميع الحقوق محفوظة @2022
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير