قصة قصيرة :
المهرج والعلبة المموهة
لم يمضِ زمان طويل على عرضه الاخير وما يزال مفلساً تنقصه ايامٌ عديدة من الجهد والجنى ليبلغ حلمه ولذلك عليه ان يعمل كي يكسب قوته وبعض الدراهم يدّخرها لذاك اليوم.
دخل القاعة حيث شخصت اليه عديد القامات الصغيرة تلك التي آثرت ان تشاهد العرض ولو كلّفها اكثر من ثمن السكاكر .
تلعثم المهرج فبدا صوته من غير كوكب وخانته العبارات لوهلةٍ، علا الضجيج من كل حدبٍ وصوب وزاد التوتر والخوف والرجل ضائع في احلامه ولم يعِ حجم المهمة الملقاة على عاتقه ، فتلك المشهدية مع اولاد الشارع الفقير
اشدّ تطلباً من ايّ مسرح في العالم .
تبسّم المهرج وتناول علبةً من السكاكر معلياً صوته الغريب :”مَن يتبرع للمساعدة على الخشبة ويحصل أولاً على حصته”
وللساعة توقف الهرج والمرج وغدا المسرح مستراحاً وهمدت القهقهات وللحظة بلع الصغار ريقهم وبدأت مخيلتهم بالتمتع بالسكاكر فأصبح العرض ثانوياً امام أهواء البطون الجائعة او بالأحرى الشفاه والعيون التواقة لعذب طعم السكَّر .
لم يعلم ان تلك العلبة التي استعارها من صديقٍ له يرسم على العلب المركونة في الزوايا ألواناً وأشكالاً ستنقذه من اصعب ورطة
وبات همه بعدُ، النجاة من سيل العصيان والتأفف كي يؤمّن وعده لهم .
صاح بأعلى صوته : “من معه اطياباً ليضعها في العلبة وتفرخ أضعافاً
فالعلبة سحرية بكل تفاصيلها”
وما ان شرح التعويذة حتى غصّت العلبة والمكان بكلِّ أنواع السكاكر الملوّنة .
تسلّى الأولاد باستبدال الأطايب مع قليل من الحظ وكثيرٍ من الحنكة والحكمة وشيء من العرافة .
وهكذا خرج المهرج بوصلةٍ رائعة يتذكرها هو والأطفال الذين حَضَروها ،لايام طويلة .
ايلي جبر / لبنان
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي