الحوار
الحوار
الأستاذ الشاعر محمود مفلح
شاعر أجيال، عاش القضية الفلسطينية بمراحلها، عانى مرارات النكبة، ثم مرارات اللجوء، ثم الهجرة والغربة، وذاق من كأس لا يحب أن يتذكر طعمها، ظل وفيّاً للقضايا التي آمن بها، وصبغه المعجبون به بما يحبون من الأوصاف، والجميل في هذا الشاعر أن روحه شابة جميلة وهو في سبعينيات العمر، يحب التجريب والتنويع في الوسائل والأدوات، حتى إنه نشيط على وسائل التواصل الاجتماعي، يكتب بنفسه ويناقش، ولم يكفّ عن المحاولة ليستمر على وصالٍ مع جمهور الذي أحبّه.
يستقر الآن في مصر، وعينه ما تزال متطلعة للتجديد والتغيير والتأثير، وما زال يكتب الشعر بأغراضه، ويكتب النقد أيضاً، وهذا الجانب النقدي من حياته ينبغي تدوينه والاهتمام به، لأنه ليس رأياً فحسب بل هو تاريخ لا ينبغي إغفاله.
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف
أن تحاوره وتعرف قارئها على هذا الشاعر العملاق.
الأستاذ الشاعر محمود مفلح
س ١
حدثنا عن منابت هذا الشاعر ونشأته الأولى؟
ج١
محمود حسين مفلح ولدت على ضفاف بحيرة طبريا عام 1943 نشأت في أسرة متواضعة لها باع في الشعر وأخي أحمد كان شاعرا معروفا وله ثمانية دواوين ووالدي كان شاعرا شعبيا وجدي أيضا كان شاعرا شعبيا وورثت الشعر عن هذه الأسرة العريقة
س ٢
لماذا أختصت هذه البقعة الطبرانية بهذا القدر من الفنانين والمثقفين والأدباء ؟
ج ٢
ترجع أصولي إلى عشيرة القضاة في عجلون في عين جنة والمعروفة بكثرة شعرائها وعلمائها، قام جدي مفلح الموسى بالذهاب إلى سمخ، وهذه القرية المتواضعة تقع جنوب بحيرة طبريا، وخرج منها عدد من الشعراء الفلسطينيين مثل الروائي يحيى يخلف والشاعر صالح هواري واحمد مفلح وعماد عمامة وفواز عيد وذياب الغريري .
س ٣
متى بدأ الشعر يتسلل إليك ، ومن الذي أثّر عليك أولاً ؟
ج٣
الشاعر مفطور على الشعر وهو جزء من حياته وبدأت بسماع الشعر من الصف السابع، وكنت أغار من الشعراء وأحاول تقليدهم من حيث القافية والوزن وكانت أول قصيدة نشرتها عام 1964 وكنت طالبا في الجامعة ونشرت في مجلة الثقافة الدمشقية.
و لا أستطيع أن اخص شاعرا بعينه قد أثر في بل إن القصائد هي من أثرت في كقصائد: نزار وبدوي الجبل وعمر أبي ريشة وبعض الشعراء المصريين الكبار أمثال : محمود حسن إسماعيل وكنت أقرأ كثيرا وتأثرت بأسلوب المنفلوطي و كل ما كتب المنفلوطي وجبران والشعراء المهجريون تأثرت بهم من حيث السلاسة والإنسانية والجنوح إلى الخيال
س ٤
كيف أثرت عليك هجراتك المتعددة منذ الهجرة الأولى من أجل العمل في الغربة ثم الهجرة الأخيرة إلى مصر
ج ٤
لا أدري إن كان من حسن حظي أو من سوء حظي أنني كنت من المهاجرين كثيرا فهذه إرادة الله أن أبقى متنقلا من بلد إلى آخر بداية من فلسطين والانتقال إلى عدة دول مثل سوريا والسعودية والمغرب ومصر، ولقد تأثرت بإدبائها، ومن يتابع أشعاري يرى تأثير الهجرات واضحة في كتاباتي وهناك رسالة أنجزت عني بعنوان (مساحة الحزن في شعر محمود مفلح) وهناك ما يقارب عشر رسائل في الدكتوراة والماجستير أنجزت في شعري
س ٥
هل يمكنك أن تقسم لنا الأدوار التي مر فيها شعرك وتطور حتى نضج ؟
ج٥
كانت البدايات في سوريا وكانت فيها مرحلة الطموح والبواكير وكانت مرحلة التأسيس حيث اندمجت مع الموجة الشعرية السائدة وكانت فترة شعر التفعيلة ثم في المغرب وكانت مرحلة التأثر بالنقد وأنجز ت ديوانا شعريا بعنوان (البرتقال ليس يافاويا) ثم في السعودية وكانت مرحلة الجوائز والصحافة لكثرة كتاباتي في الصحافة وحصولي على جوائز عديدة وكان شعري يغلب عليه الحزن والغربة والحنين إلى الوطن ثم العودة إلى سوريا وكانت مرحلة القصائد الغامضة وينبغي على القارئ أن يعيد قراءة القصيدة أكثر من مرة للوصول إلى قصد الشاعر ثم كانت مصر هي المحطة الأخيرة حيث طبع لي فيها ثمانية دواوين وأعمالي الشعرية الكاملة
س ٦
توصف دائماً بأنك شاعر ملتزم، فما الذي يعنيه هذا الالتزام وما الذي يجعل الالتزام مختلفاً عن غيره ؟
ج ٦
أنا لا أحب كلمة الالتزام و أحب أن يكون الالتزام كما قال توفيق الحكيم: كالحمام الزاجل يحمل الرسالة دون أن يشعر بثقلها على أن الالتزام لا بد أن ينبع ذاتيا وعفويا
س ٧
هل كان التزامك يحدّ من إبداعك في بعض الأغراض أو التعابير أو الخيال ؟
ج٧
لا أعتبر نفسي شاعرا ملتزما أنا شاعر قضايا نابعة من قناعتي وأعماقي وتمتزج بدمي وأعبر عنها بأسلوبي الشخصي وإن كنت شاعرا من شعراء الالتزام لا أعتقد أن الالتزام حد من ما أكتب من شعر
س ٨
أنت من شعراء العمود الخليلي، ما سر التزامك بهذا النمط، وهل ترفض التفعيلة أو الشعر الحر ؟
ج ٨
أنا مع كل ألوان الشعر، ومعظم دواويني تشهد بذلك، وشعر التفعيلة حاضر وبقوة في معظم قصائدي
فالأساس في النص الإدهاش
س ٩
تأخرت في نشر أعمالك الشعرية مقارنة بغيرك من الشعراء الكبار، فلماذا كان ذلك ؟
ج٩
قمت بنشر أعمالي الشعرية ولكن للأسف لم يتم طباعتها مبكرا وهذه نتيجة لظروف كالترحال وعدم إيفاء بعض الجهات بالطباعة
س ١٠
هل يمكن أن تسرد علينا أعمالك منذ البدايات حتى يومنا هذا ، وأي الإصدارات أقرب إلى قلبك وعقلك؟
ج١٠
غرد يا شبل الإسلام آخر الحصاد أول البذر
_ مذكرات شهيد فلسطيني
_ إنهم لا يطرقون الأبواب ( مجموعة قصصية )
_ المرفأ ( مجموعة قصصية )
المرايا القارب ( مجموعة قصصية )
_ الراية
_ شموخا أيتها المآذن
_ حكاية الشعر الفلسطيني
_ للكلمات فضاء آخر
_ إنها الصحوة
إنها الصحوة
_ نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني
_ لأنك مسلم
سنابل الشهادة لا تنتظر أحدا سواك
_ ابتسمي ليخضر الكلام
_ لا تهدموا البرج الأخير
_ قصائد في فمها ماء
_ بعيدا تضيء العناقيد
س ١١
هل ترى أنك أخذت فرصتك في الظهور ، أو ما تستحقه من حضور في وسائل الإعلام.
ج١١
بالتاكيد لم أنل ما أستحق من النقد والشهرة ولكنني من جهة أخرى حظيت بإعجاب عدد كبير من القراء وانتشر شعري دون ترتيب أو تخطيط في كثير من الأقطار. والدليل على ما أقول :أن هناك عشر رسائل ما بين الدكتوراة والماجستير نوقشت في شعري في أرجاء الوطن العربي. ودخلت قصائدي في كثير من المناهج الدراسية بالوطن العربي دون علم أو طلب مني وأنا راض عما وصلت إليه ومقتنع به لأنني منسجم مع نفسي وأكتب بعيدا عن أي أعتبار إلا أعتبار النص الشعري الذي أحاول دائما أن أرفع من مستواه
س١٢
لماذا قمت بطباعة مجموعتك الشعرية الكاملة في هذا الوقت بالرغم من أن لديك من الإبداع والعطاء ما يكفي لإنتاح المزيد من الدواوين الأخرى؟
ج ١٢
سؤال وجيه حقا
ليس هناك من سبب إلا الغيرة من الأخرين والتعجل في الأمر وكنت أظن أن نبع العطاء عندي قد جف أو كاد، ولهذا أسرعت بطباعة هذه الأعمال علما بأن لدي سلسة من الدواوين لم تطبع بعد، ولا أدري ماذا أفعل
س ١٣
هل أخذت حقك كشاعر في مصر أو حينما كنت في السعودية والشام وما الفرق بين مصر والدول الأخرى من ناحية تفاعلها مع الشعر على كافه أنواعة؟
ج١٣
لا أبالغ إن قلت أن شهرتي سبقتني إلى مصر لأنني أصدرت فيها قبل قدومي إليها ثلاثة مجموعات شعرية لقيت ترحيبا وقبولا لدى البعض ولكن قدومي إلى مصر وتفاعلي مع الوسط الأدبي أكسبني شهرة أكبر
ولا أنسى صديقي الشاعر :ناصر رمضان الذي عرّفني على الكثير من الندوات،كندوة نادي الصيد، رابطة الأدب الحديث الخ
كما أن تجربتي في مصر قد نضجت وأينعت
لأنني شاركت واطلعت على كثير من نتاج
شعراء مصر الكبار الذين أثروا في الساحة الشعرية العربية
كما أن مصر حاضنة للأبداع العربي دون تمييز وهذا مالمسته تماما بعد صدور كل عمل لي حيث كان النقاد الكبار يناقشونه ويعرفونني جيدا ونلتقي في ندوات يحضرها أدباء ومثقفون وهذا ماحمّلني عبأ التحسين والتجويد والتطوير أيضا وأنا بصدد ذلك
ولا أدري أين وصلت تجربتي الشعرية التي مضى على بدايتها خمسون عاما؟
س١٤
هل برأيك الشعر يتحول إلى حكمة أم ما زال فيه من الأمتاع والجمال ؟ وهل الحكمة تحمل جمالية ما في طياتها ؟
ج١٤
الحكمة وحدها في الشعر لا تكفي لأنها موجودة أيضا في النثر فلابد أن تكون الحكمة خفيفة الظل مغلفة بغلاف الفن وفيها شيء من الطرافة لتخرج من دائرة الرتابة والمألوف في الحِكم
باختصار الشعر يخفف من دسامة الحكمة بمائه
العذب وروحه الخفيفة
س١٥
نود أن نعرف رأيك في ملتقى الشعراء العرب الذي أسسه الشاعر المصري: ناصر رمضان عبد الحميد، هل يؤتي ثماره وهل نجد فيه واحة أمل للشعراء للنشر والأبداع؟
ج١٥
أنا أنطلق في الإجابة عن هذا السؤال من معرفتي الشخصية بالأديب الرائع ناصر رمضان عبد الحميد
فهو أديب مثقف واع مخلص لما يكتب، متواضع ليس عنده تمييز، ويشجع الأدباء من كافة الاتجاهات والأقطار ويجمع شملهم.
ويمتيز عن أقرانه بثقافته الواسعة وإطلاعه على الحركة الأدبية بالوطن العربي وعلاقاته بالشعراء بالوطن العربي أكسبته معرفة بالحركة الأدبية المعاصرة.
صحيح أنني لم أطلع إطلاعا واسعا على الملتقى ولكنني واثق بأنه دوحة غناء تغرد فيها كل الطيور وفيها تحلق على قدر قوة أجنحتها دون تقييد أو تثبيط
شكرا على هذا اللقاء
متمنيا لكم جميعا كل التوفيق
وفي النهاية لاأملك إلا أن أشكر الصحفية الراقية: نجوى الغزال على تفضلها باجراء هذا اللقاء وتوجيه هذه الأسئلة الذكية والدقيقة.
حاورته من لبنان :نجوى الغزال
حاورته من لبنان :نجوى الغزال
حاورته من لبنان :نجوى الغزال
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي