روميو و حواء ..إنجاز فني بأقل الإمكانات
ياسر أنور
على مسرح سينما الحضارة بالأوبرا المصرية ، شاهدت مسرحية زجلية بعنوان روميو وحواء ، تدور فكرتها حول مشكلة الزواج الثاني وربما الثالث والرابع من خلال نض مسرحي زجلي يتسم ببنية فكاهية وساخرة، لكي يصل بنا إلى نتيجية تتلخص في نقطتين : النقطة الأولى أن الزواج الثاني رغم إباحته شرعا ، فإن أضراره المجتمعية أكثر بكثير من فوائده ، والنقطة الثانية هي أن الحياة لا قيمة لها دون وجود حواء. عنوان النص دال بشكل كبير ، فبدلا من أن يكون “آدم وحواء” كما هو شائع ، جاء العنوان مغايرا ليصبح ” روميو وحواء” في مفارقة ثنائية باستبدال كلمة آدم من ناحية ، وكلمة جوليت من ناحية أخرى، وهو مؤشر واضح على أن فكرة الزواج الثاني تكون بدافع المغامرة العاطفية في أغلب الأحياء ، وعلى الرغم من أن اسم روميو في أصله لا يشير إلى من يوصف بانه زير نساء ، فإن الكلمة اكتسبت في الثقافة العربية دلالات أخر تختلف عن دلالتها الإنجليزية ، فروميو الأصلي دال على التضحية من أجل الحب،وروميو العربي أصبح لقبا للرجل الذي يلهث وراء النساء. النص كتبه هشام الدشناوي بحرفيته المعهودة وتمكنه الشديد ، وهو معروف بطريقته الخاصة في تركيب الجملة الشعرية بحيث كأنها تلقائية وعفوية ، لكنها في حقيقة الأمر منحوتة بحرفية وإتقان. والنص يؤكد على أن مستويات الشعرية لا تتوقف فقط عند الصورة الفنية ، فالدشناوي ليس من أنصار مدرسة التصوير بشكل عام ، لكنه يتبنى منهجا شعريا مغايرا يؤكد على أهمية المفارقة والتركيب المحكم والقافية التي لا يمكن أن تخذله أبدا حتى في أكثر المواقف الدرامية صعوبة وتعقيدا.
الجدي في هذا العمل المميز أن الممثلين لا ينتمون إلى الوسط الفني ، بل هم من رموز العمل الثقافي المصري ، غادة صلاح وهبة السهيت ووفاء علي و أحمد رضوان و حسام عزام ، ومع ذلك كان الأداء خارج التوقعات حيث تنافسوا جميعا في تقديم بصمتهم الخاصة ، ومع ذلك فإن هبة السهيت بتلقائيتها وعفويتها و وروحها المرحة ، كانت مفاجأة.
استطاع المخرج حسام عزام مع الممثلين و بأقل الإمكانيات من (ملابس- وديكور- و أدوات بسيطة) مع خلفية موسيقية وأحيانا فاصل موسيقي من التراث الشعبي، استطاعوا تقديم عمل فني متكامل ومنافس ولا ينقصه إلا أن تتبناه المؤسسات الرسمية في الدولة .
وكان لافتا للنظر الاستناد أو الاعتماد على الإيقاع الشعري للنص و الأداء بتقطيع عروضي تعويضا عن غياب الإمكانات الموسيقية والادوات الموسيقية المعروفة ، وهي حيلة فنية ناجحة تحسب للعمل لا عليه.
و كأي عمل فني ، فإن هناك بعض الهنات القليلة مثل عدم حفظ المقاطع الزجلية بشكل جيد، ومع ذلك كان الخروج على النص أحيانا متكئا مقبولا لتعويض حالة النسيان الطارئة في ظل حضور جماهيري غير مسبوق.
تحية لغادة صلاح صاحبة الفكرة ، وتحية لكل الكاست الذي فاجأ الجمهور بهذا العمل الفني المتميز.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي