أنا ابنة اللحظة
تلك التي ولدت من لدن اللامبالاة
وقذفت بي إلى لجين الحقيقة
حينما جف ماء رحمها
وجف ملحه على جسدي
كان لابد من عملية ما
تلهي بها الوحدة عن افتراسك
وتسكت عصافير أمعائك
من شدوها المتكرر
كان لابد من يقين
يجعل شياطين الصمت تنكسر
ومن صرخة تقذف بها
عواء الذئاب خلف عجزك
كان لابد أن أكون أنا
دونما أسباب
كجواب عن الكثير من الأسئلة
تلك التي تعقدها الحياة
في شباكها
لترمي بك
وتنتشلك مجددا لمصيدة جديدة
كان لابد أن أكون
لألمّع حزنك
وأرتق خيباتك
وأحصد قمح خطواتك المتعثرة
كنت أنا
بعد هزيعك الأخير
وصيتك التي لم تكتب بقلم
ولم تحرر على بياض
بل جاءت كثيفة جدا
ومختصرة جدا
وبليغة لدرجة الغموض
ماكنت فكرتك التي ضاجعت أحلامك
لكنني أنزلقت كزلة لسان
وتدحرجت مثل خرزة
فوق قش الحياة
سايرت رياح الشك
وتعلقت كقرط في أذن الحقيقة
أهمس لها
انا ابنتك بالتبني
علها تكشف لي عن صدرها
وترضعني لبن اليقين
قبل أن تصفعني
كنت أنا
قمحك الذي يجاهد بين فكي الرحى
وماكنت الدقيق المبتغى
ولا زؤان الندم
رغيف فطير
من حسك السنابل
لايشبع جوعك
ولايكسر صيامك
(ولاينزل بزور )
وكنت أنت
ابن الظلمة
ترشق الشمس بحجارتك
وتقنص النجوم
لتهدني ليل طويل
واسع
وعميق
لاواحة فيه لأنفاسي ألمرهقة
لانخيل يظللني من حرارة الشوق
ولاينبوع يطفئ سعير جمري
كنت أنت
بعبارات السود
تبني لي خيمة لجوئي
وتمنحني إقامة دائمة
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي