(بِنْتُ الكرام)
أيا زهرةً في حضن أم القرى نَمَتْ
رعتها غيوثُ الطهر والأنفسُ الشُّمُّ
تمنى شذاها عليةُ القوم بعدما
سباهم من العلياء حُسْنٌ فما شَمُّوا
وجاهٌ له عَبْرَ القلوب وجاهةٌ
ولكنّ مَنْ هِيئَتْ لدار العلا تسمو
خبرتِ مقادير الرجال فلم يعد
لذي المال شَصٌّ يستبيكِ ولا طُعْمُ
وقد جئتِ من بيت الكرام كريمةً
لأكرم خلق الله أسرى بكِ الحُلْمُ
وكيف لِذات العقل رَدُّ مهابة ال
أمين لفقرٍ والهيامُ بها جَمُّ
فيا فرحةً قد أشرقت بحبيبها
وقد زفها يوم السرور له العَمُّ
وقد بذلت من مالها وحنانها
وواسته حتى هان في قلبه الظلمُ
أعانته في وصل الأقارب يا لها
من امرأةٍ يحتار في مثلها اليومُ
فكم من غيورٍ تستقلّ بزوجها
وكم زوجةٍ قُضَّتْ على كفها رَحْمُ
وفي ليلة القدر الجليلة أشرقتْ
من الدار شمسٌ ليس يحجبها غيمُ
فيا خير زوجٍ آزرتْ خيرَ مُرْسَلٍ
لقد عظمَتْ فيكِ المروءةُ والفَهْمُ
فآمنتِ يوم الوحي إيمان من رأى
وصدَّقْتِ بالإيمان ما كَذَّبَ القومُ
ودثَّرْتِ قلبَ النور فانزاح روعُهُ
وقد لُذْتِ للبشرى بمن عنده عِلْمُ
وما أنجب الإسلام مثلكِ أسوةً
لكل نساء الأرض ما خانها عَزْمُ
فما وهن العزمُ الجليد بقلبها
ولا ادَّخَرَتْ جهدًا وإن وهن العَظْمُ
وما عزم أم المؤمنين بعاجزٍ
إذا الحربُ نادت أو إذا أسرف الكَلْمُ
جهادٌ بمالٍ أو جهادٌ بهمةٍ
ومثلكِ في ساح البطولة تُؤتَمُّ
وقد كان عامُ الحزنِ أقسى تصدّعٍ
يزيد على الأيام ليس له رَمُّ
على مثلك الأحداق تنفق ماءها
ويفري نياط القلب من بأسه السهمُ
وما أبدلَ الرحمنُ قَطُّ نبيَّهُ
من الزوج خيرًا منكِ، حَقٌّ ولا زَعْمُ
وفيكِ الْتَقَى أُمًّا وروحَ صديقةٍ
وخيرُ الحليلات الصديقةُ والأمُّ
فآنستِ في ليل الهموم جَنانَهُ
على حجركِ الحاني ففارقه اليُتْمُ
إذا سَعَّر الكفارُ غيظَ ضلوعِهِ
ففي نبعكِ الصافي لأضلاعه كَظْمُ
وقد كنتِ عكاز الفؤاد إذا حَنَتْ
رياحُ الليالي القلبَ واستعظم الغم
ومِن نسلِكِ المختار أشرف نسبةٍ
سَمَتْ لا يدانيها على قدره النَّجْمُ
حبستِ دموع الثكل في القلب رأفةً
بقلب رسول الله والقلب مُغتمُّ
بموت وليدٍ كان عِطْرَ حياتِهِ
وفي الحزن إيثارٌ بصبر الحشا ينمو
ولَلثكْلُ أعتى في الفؤاد من الردى
إذا مَسَّ قلبًا ليس يعدله سُمُّ
وكنتِ له يوم العناء وسادةً
عليها يهون الجرح إن أوغل الهَمُّ
لقد خار أُمَّ المؤمنين أنيسَةً
فَعُجِّلَ من دار السلام له قِسْمُ
فيا خيرَ صدرٍ قد رعى خيرَ هامةٍ
مقامُكِ لا يعروه ظلمٌ ولا هَضْمُ
منتصر ثروت القاضي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي