اللي ينكسر ما بيتصلح….
عبارة من ضمن الكثير من العبارات التي تتردّد على مسامعنا وتدخل عقولنا وتترسخ داخلها وتتملّكنا، كأنها حقيقة لا تحمل أيّ جدل أو نقاش.
نحملها وتردّدها السنتنا دون ادنى فكرة عن ماهيتها او من صاحب تلك المقولة وما كانت ظروفه او الهدف من وراءها.
جّلّ ما نعرفه هو انّها باتت معتقدٌ نتوارثه عبر الاجيال لنبرّر
ضعفنا وهزائمنا واستسلامنا.
ضعفنا تجاه انفسنا والآخرين، هزيمتنا امام التّحديّات والآلام، واخيراً استسلامنا أمام مشاعرنا واحاسيسنا.
اتعجب لفكرة تشبيه أنفسنا بألواح زجاج تُجرح وتُكسر وتتناثر لدرجة انّه لا يمكن جمعها من جديد وجعلها متماسكة مرّة اخرى.
واستغرب تجاهلنا لما منحنا إيّاه الله عز وجل من قوّة للتّشافي والتّعافي من أيّ جرحٍ وسقم.
كما ويُدهشني اصرارنا على التّمسك بهذا القول بالرغم من انّنا على يقين انّ جمع الكسور وعلاجها متاحاً وممكناً حتى ولو تركت بعض
النّدوب والأثار.
تساؤلات كثيرة تُطرح دون ان نتكبُد أيّ عناء لإيجاد ولو معنىً واحداً لتلك العبارة التي نردّدها دون ادنى تفكير للهروب والإختباء
من أيّ اذىً او ألم، فنصبح رهينة ضعفنا واستسلامنا للأسف.
ومن اجل هذا يرد الى ذهني ما قراته عن عادةٍ يابانية يعتمدونها في
ترميم أيّ كسر اوشرخ في الاواني الزّجاجية وهي ملؤها بمادة الذهب، مما يُضفي عليها جمالاً ورونقاً لا مثيل لهما.
وكأنهم يعلموننا اننا نستطيع ليس فقط ترميم ما انكسر او تناثر بل وان نجعل منه تحفة فنيّة متفرّدة تُمتّع الأنظار وتمنحه الصلابة الكافية امّام الصّدمات. وبرايكم لا يمكن تطبيق هكذا اصلاح على كسورنا نحن البشر؟
احيانا التعافي من الانكسار واصلاحه يكون صعباً وانما لملمة الاجزاء يمنحنا الارادة الصلبة، وتساعدنا على شق طريقنا بالطريقة الامثل.
إنّ كلّ ما نمرّ به أصدقائي من معاناة ومواقف صعبة وتحدّيّات يجب الّا تُثنينا عن النهوض وترميم أنفسنا لمجرد اعتقادنا انّ “اللي ينكسر ما يتصلح”.
لم لا نلون تلك الكسور بخيوطٍ من الذّهب ونطعمها بالإيجابيّة، الصبر والمثابرة ونستمد منها القوة والجمال ونمضي قدماً في حياتنا.
انظروا الى انفسكم واحبّوها وتقبّلوا الكسور وآلامها، وحاولوا فهم دروس الحياة، فهي التي جعلت منكم ما انتم عليه اليوم. ومن الممكن ان تجعل منكم اشخاصا افضل واجمل.
لا ضير يا اصدقائي في ان نجتهد ونبحث عن حقائق وصحة ما تتداوله عقولنا وافكارنا ومعرفة مدى تأثيره علينا.
لذا لا تتوانى صديقي عن سؤال نفسك عما تعنيه وما تقدم لك أيّ فكرة أو عبارة تستخدمها وتكرّرها.
تعرّف على ذاتك وامنحها فرصة الاختيار واختار ما يجعل منك شخصاً افضل يتمتع بالقوة والصلابة والوعي في مواجهة أيّ درس من دروس الحياة.
إبحث عمّا يدفعك للاستسلام والتّسليم لتلك الكلمات واكتشفه من خلال معرفتك لنفسك وإلى أيّ فئة تنتمي.
هل انت ممن يبحثون دائماً على تبريرات لاستسلامه؟؟ او انت ممن يرضخ لغضبه واحكامه على نفسه والآخرين؟ أم ممن يبغي العيش مع آلامه ومشاعره السلبية باستمرار؟ وأخيراً وليس آخراً هل انت شخص تهوى لعب دور الضحيّة على الدّوام؟
تحديّات الحياة ودروسها كثيرة وبأمكانها كسرنا في بعض الأحيان للاسف، ولكن لا بد لنا ان نستمر ونكمل هذا المشوار بعقولنا وافكارنا وليس بما اورثونا إيّاه من افكار خاطئة وغير مجديّة بل وأكثر مؤذية ومؤلمة.
شاركت معكم ما يجول في خاطري آملةً أن اكون قد وُفقت في إيصال ما اردته، راجية اللّه أن يمنّ على الجميع بنوره وسلامه في حياتكم وحياة من تحبون.
وسأنهي خاطرتي اليوم واقول” اللي بينكسر صلحوا كرمالك”
✍سميرة مينا الحداد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي