الدموع
لم أدر ما الذي دفعني لكي أكتب عن العيون الدامعة، ربما لأنني لم أستطع تجاهل دمعتي السخية، والتي قوامها العاطفة القوية .
مَن كان بلا دموع فهو بلا شعور، و مَن منا بلا دموع؟ تعددت الأسباب، فكان الحزن والفرح، و كان الخوف و الغضب، و كان المرض أو فقدان عزيز علينا.
إلا أن أشد أسباب البكاء هو الألم الناتج عن ظلم ذوي القربى، أو ظلم المجتمع المنتفع بيد القانون الذي لا يعرف الرحمة، فإذ بالصدأ يأكل الحديد، وإذ بالحزن ينهش الفؤاد.
وصدق الشاعر عندما قال: “وظُلم ذوي القربى أشدُّ مضاضةً .. على المرء من وقع الحُسام المُهَنَّد”.
…
أيتها الإنسانية لقد فقدتِ قِيَمًا كثيرة من معالمك البشرية، فوقفتِ مكتوفةَ الأيدي أمام القضايا الهامة التي تحتاج إليك؛ عاثت الشرورفي الأرض فسادا، فترى الظلم والفقر والجهل والقتل وغيرها تختال في الأرجاء.
كيف لنا أن نكتم مشاعرنا في ظل هذا الظلم وما فيه من قهر للبشرية واستهتار بالقيم الإنسانية! لقد عمَّ الفساد، وألقى بظلاله في كل مكان، وانتشر القتل والسرقة والخطف و… و… فالقائمة لا تنتهي.
كثر طغاة العالم واشْتَدَّ عودُهم، وشُحِذت سيوفهم، وزاد حقدهم، فبات الضعيف هو الضحية، و سادت شريعة الغاب؛ فالبقاء للأقوى.
فها هي الشهيدة شيرين – رحمها الله – تمتد إليها يدُ الإجرام، وهي لم تقترف ذنبا سوى أنها قد دافعت عن وطنها بإخلاص ومحبة.. دافعت عنه بالكلمة، فعجبا لزمان أصبح فيه الذود عن الوطن جريمة يعاقب عليها المرء؟! وأضحى حب الأهل كارثة مهيبة ؟!
لقد قيل إن بكاء الرجل أندر من بكاء المرأة؛ ربما لارتباط الموقف بالرجولة؟ لكن كيف لدموع شاعر شاركته الدموعُ في حزنه على نكبة الوطن سوى أن تؤكد هذه الرجولة؟! فها هو معروف الرصافي يقول: كان لي وطن أبكي لنكبته … واليوم لا وطن ولا سكن.
وكيف يقال إن دموع المرأة كدموع التماسيح؟! ألم تكن دموع الخنساء كاللؤلؤ، تنبثق من القلب فتعبر عن أصدق المشاعر، مشاعر حزنها الشديد على أخيها صخر حين قالت: “أعيني جودا ولا تجمدا”؟!
….
هل باتت الدموع التي تُزيل الهموم وتريح النفس وتغسل العيون عنوانا للضعف؟ فيا ترى كيف لي أن أحبس دمعي أو أن أضبط انفعالاتي؟
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي