=
محمد علي بن إلياس بن رجب العدواني الموصلي .
………………………………………………
= ولد في قرية “السلامية” من قرى : (الموصل) سنة (1340هـ ــ 1920م) من أبوين عربيين ، فوالده من قبيلة : “عَدْوان” القيسية العربية القديمة ، ووالدته من قبيلة : ” ألبو بدران” المعروفة ، نشأ أول أمره في قريته الواقعة جنوبي “الموصل” فلاحاََ في أسرته ، ولكنه درس في مدرستها ” الابتدائية ” أيضا ، فكان مبرّزا بين أقرانه، ثم انتقل إلى مدينة “الموصل” في الثلاثينيات من القرن العشرين ، فأكمل الدراسة الابتدائية في مدرسة” الوطن” فيها ، وتابع طلب العلم ، وقرأ القرآن الكريم على والده الذي ألحقه بمجالس العلم في المدينة ، فتلقى علوم الشريعة والعربية وما يتصل بهما بشغف وكفاءة وتفوق على زملائه ، ودخل المدرسة “الفيصلية المتوسطة” الدينية ، متدرجاََ في تلقي العلم فيها على كبار علماء ذلك الوقت ، قبل سفره إلى “القاهرة” بمصر ؛ ليلتحق بكلية” الشريعة” في “الأزهر الشريف” سنة : (1943م) ، ويتخرج منها سنة : (1947م) ؛ بحصوله على لقب : (المشيخة في الفقه الحنفي) ؛ مؤهلا بها للقضاء والتعليم ، فانصرف عن القضاء ؛ بعد أن أتيحت له وظيفته ، واختار وظيفة” التعليم” ؛ مدرساََ للعلوم الشرعية واللغوية والأدبية في : (المدرسة الغربية) في عهديها المتوسط والإعدادي ، اللذين قضى فيهما شطراََ طويلا من عمره ، امتد من سنة (1947م) ، إلى سنة : (1983م) ، ولم يغادرها إلى أية مدرسة أخرى في حياته الوظيفية ، ولكن كانت له طول عمره تدريساته الطوعية لطلبة العلوم الشرعية واللغوية في بعض مساجد”الموصل” ؛ حيث سكنه الأول في محلة : “باب البيض” في الجانب الأيمن من المدينة ، وحيث سكنه الثاني في حي “البعث” في الجانب الأيسر منها ، وفيه كانت وفاته ومدفنه – رحمه الله .
= وقد أجاز عدداَ كثيراََ من طلبته باجازاته العلمية اللواتي كان قد حصل عليهن في علوم التكوين وعلوم الدين من شيوخه الموصليين الأعلام ؛ وكان نجله الأستاذ الجامعي الدكتور “عبدالوهاب” كاتب هذه “الترجمة” له أحد الذين أجازهم بها .
= وقد كان عالي الهمة في التأليف والتحقيق ، كثرت و تنوعت “آثاره العلمية” كتباََ وبحوثاََ ومقالات وأشعاراََ وتحقيقا ، نشر منها ما نشر ، وبقي مخطوطا منها ما بقي ، وهي :
- الأفنان – وهو الجزء الأول من : (ديوان شعره) : مخطوط .
- السيرة العدوانية : مخطوط .
- تقريب الصدد بذكرى عبدالصمد : مخطوط ؛ وهو تأريخه ومراثيه لولده الأصغر العسكري الفقيد مذ سنوات الحرب العراقية الإيرانية في العقد الثامن من “القرن العشرين”.
- حكمة تشريع الحدود والتعزير في الفقه الإسلامي : منشور .
- رونق الذهب في منزلة عدوان من العرب : مخطوط .
- معجم مؤلفات الموصليين : مخطوط .
- إعتقاد أهل السنة والجماعة : لعدي بن مسافر – تحقيق منشور بالاشتراك .
- الفرق بين الضاد والظاء : للفدوخي العباسي – تحقيق منشور بالاشتراك .
- المنهج المشهور في تلقيب الأيام والشهور : لشعبان بن محمد الآثاري الموصلي المصري – تحقيق منشور .
- بلغة المحتاج في مناسك الحاج : للسيوطي – تحقيق منشور بالاشتراك ،
- المستدرك على كتاب : ( أدب الغرباء) لأبي الفرج الأصبهاني : مخطوط.
- صحابة سكنوا العراق : منشور .
- معجم ما يحل ويحرم من الحيوان في غير حال الضرورة : مخطوط .
- الغزوات النبوية شهورها القمرية وسنواتها الهجرية : منظومة منشورة ، شرح ابنه المشار إليه – آنفا : “القسم الأول” منها ، ونشره من مجلة : (المورد) البغدادية ، في مجلدها ” التذكاري” الصادر بمناسبة مطلع “السنة الأولى” من القرن الرابع عشر الهجري .
- الجبال والأمكنة والمياه في شعر المتنبي : منشور .
- رسائل قديمة ، كان قد كتبها لنفسه في بداياته” في النحو والصرف والتفسير والحديث والفقه والمنطق : مخطوطة .
= وقد ظل طول حياته باحثاََ دائباََ ، وكاتباََ وشاعراََ كثير الشعر ، قوي الصلة بالصحافة الموصلية ، منذ مجلة : (الجزيرة) الموصلية في أربعينيات القرن العشرين ، والجرائد الموصلية : (فتى العراق/ وفتى العرب/ والحدباء) التي نشر الكثير من نتاجه البحثي والشعري الأخير ، فضلا عن اتصاله بالصحافة البغدادية – أيضا ، ومنها مجلات : (التربية الإسلامية / والرسالة الإسلامية / والمورد) وغيرهن ، ولكنه لم ينشر “ديواناََ” في حياته ، وكان يقول عن نفسه – رحمه الله : (( لم أجعل الشعر هجيرايَ – أي : غرضي – ؛ لأنني منصرف بحكم دراستي الفقهية ، … ، ويأتي الشعر عرضاََ عندي ، ولا أبالغ إن قلت : إنه يأتي من قبيل التفكه والراحة ، وقد قلته في مسائل أخرى ، منها : المناسبات الاجتماعية ، وما شاكل ذلك ، … ، وبعد : فأنا فقيه أولاََ ، وشاعر ثانيا)) ، من خصائص شخصيته الشعرية : كونه شاعراََ فورياََ ، ذا قدرة عجيبة على الارتجال ، مكّنه على ذلك علمه العالي بالعربية ، وتذوقه للشعر العربي القديم ، وحفظه للكثير منه من عصوره المختلفة ، ومن محفوظه منه : شواهد النحو والصرف والبلاغة – أيضا ، وقد رويت عنه أعاجيب ولطائف من مرتجلاته ، من ذلك : أنه كان إذا سئل عن بيت من الشعر ، ذكره للسائل ، واهتبل الفرصة لإجازته ببيت أو اثنين مرتجلين من شعره ، أو تضمينه بينهما ؛ ومن أخباره : أنه سئل مرة عن قول القائل :
………………. …….
ووادٍ حكى الخنساءَ لا في شجونها
ولكن له عينانِ تبكي على صخرِ
……….
= فقال من فوره :
…………………….
أقمنا به ردحاََ طويلاََ قُباله
زماناََ تقضّى كالصُّبابة من عمري
فمن لي بردِّ الماضيات فإنه
جميلٌ بلوغُ الطيبات على فقرِ
…………………………………….
= و مر مرةََ بجماعة كانوا يتذاكرون وصية أبي العلاء المعري ، وما كان يريد أن يكتب على قبره ، فجالسهم ، فسألوه : وماذا يوصي الشيخ العدواني بأن يكتب على قبره ، فقال مرتجلا :
…………
هذا الذي قد عاش لكنّهُ
ظلَّ يداري العيشَ بالصمتِ
أزعجه الدهر بأحداثه
فلاذ بعد الصمت بالموت
……………………………….
= وإلهياته الشعرية ، ومدائحه النبوية ، وتأملاته ، واجتماعياته ، ووجدانياته ، ومراثيه ، ومجارياته ، وتخميساته كثيرة جداََ ، وقد كان مشجياََ مؤثراََ في سائر “مراثيه” العامة لشيوخه وأصدقائه ، والخاصة لأهله ، والأكثر منها : ماكتبه في رثاء ولده : (عبدالصمد) الذي فقد منذ ثمانينيات القرن الماضي ، فتوفي كمداََ عليه ، وما كتبه في : ( أم أولاده ) التي توفيت – رحمها الله – سنة : (1974) ، وقد قال عنه ولده عبدالوهاب في هذا الغرض الوجداني : إنه قد كتب في ” أمي” ديواناََ كبيراََ من الشعر ، يمكن أن يكون “الثالث” في رثاء الزوجات في الشعر الحديث ؛ بعد ديواني الشاعرين المصريين : عزيز أباظة ، وعبدالرحمن صدقي ، ومن ذلك قوله الأسري الجامع : الذي كتبه بعنوان : ( نحن والأحبة) ، وكان قد عاد من “صلاة العيد” بعد وفاة “الوالدة” بسنوات وسنوات ، وبالتحديد في سنة : (1417 – 1997) ، واستوحش البيت الخالي منها ، ومن ولده الفقيد ، وتفرق بعض أبنائه وبناته في بيوتهم ، فكتب قوله المؤسي :
……………………………
تطاولَ البينُ حتى صرتُ أحسبُهم
مثل الخيال فلا شخصٌ ولا أثرُ
بانوا وبنّا فما الأيام تجمعُنا
ولا الليالي كأنا الشمس والقمرُ
أحبةُ ما ظننّا الدهر ينثرنا
مثل النجوم فلا جمعٌ ولا سمرُ
كأنما نحن رسمٌ ضاع في تربٍ
وذي القبورُ نثارٌ أين ندَّكرُ
يا ليت شعريَ فيمَ الموت صيّره
مثل الطيوف وصفوُ العيش يعتكرُ
سيّانِ نحن وليدٌ في أوائله
وساربٌ قبلُ مهما أمهل العُمُرُ
مَن ذا شفيعٌ لنا في ما نكابده
عيشٌ مريرٌ ودهرٌ ليته يذرُ
للهِ نشكو صروفاً كم بها سَقَمٌ
نحن الضعاف ولا صبرٌ ولا وَزَرُ
…………………………………
= ومما يتصل بمراثيه : ما كان يرتجله من “مقطعات” حزينة ، يضمنها “أبياتاََ” من الشعر القديم – كما أسلفنا ؛ كمناجاته للشاعر القديم : “قيس ليلى” في يوم من الأيام بقوله :
…………………………………….
وجدتك مثلي إذ تقول مولهاََ
أيا قيس ليلى دامع العين شاكيا
[وأخرج من بين البيوت لعلني
أحدث عنك النفس في السر خاليا]
وحزني ياقيسٌ وحزنك في الهوى
هما واحد مرٌّ و إن جاء تاليا
……….
= ومثله : تضمينه بيتاََ للشاعر العذري “عروة بن حزام” ؛ في مخاطبة الذين كانوا يلومونه في دوام مواجده الروحية وأحزانه على ما سلف من وقائع حياته :
………
أقول لهم لما تمادوا وأسرفوا
كفى العذل ما لي في البكاء يدان
[ هوى ناقتي خلفي وقُدّامي الهوى
وإني وإياها لمختلفان]
كلانا مشوق فهي تشتاق إلفها
وإلفي مضوا في زحمة الحدثان
………………………………………
= توفي – رحمه الله – في مدينته “الموصل” التي أحبها وأحبته ، وكتب فيها كثيراََ من شعره ، حتى توفي فيها يوم الاثنين : (18/ربيع الثاني/ 1422هـ – 9/تموز 2001م) ، ورثاه جمع من العلماء والشعراء فيها ، وأول من رثاه : ولده الذي رثاه في نفسه في يوم وفاته ، وقبل الخروج به للدفن بقوله :
……………………………………
كم قيل عاش فقال القلب ذا كذبُ
ما عاش من ضمّت الألواحُ والتربُ
أقام يجري ويجري جهد قوته
مع النجوم قريرات بما يهبُ
………………….
= وقوله – أيضا :
وحين أثقلت الآلام شقوته
لمَّ الدقائق والأنفاس عن كثب
وقال : رفقا بني قلبي بني نسبي
الموت أوفر للأحياء في النسبِ
………………………………………..
= وما زال يرثيه حتى يومه هذا ، وقد أقام له : ( الاتحاد العام للأدباء في العراق – فرع الموصل) أربعينية رثائية تذكارية ، جمعت “الكلمات والقصائد” التي ألقيت فيها في “كتاب” لطيف بعنوان : (( العبرة والاستذكار – كلمات و قصائد في الشيخ محمدعلي إلياس العدواني )) ، ومنها : قصيدة لولده ، الذي يلفت القارئ إلى ترجمة “والده” في : ((معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين)) ، وإلى ترجمته الأخرى في موسوعة : ((ويكيبيديا)) الألكترونية ، فضلاََ عن إشارات إليه ، وترجمات له ، ونصوص منه في “مدونات” أخرى غير قليلة ، لايتسع المقام لذكرها .
= ونختم بعد ماذكر من “شعره” آنفاََ بقصيدته – رحمه الله – في ذكرى : ( الإسراء والمعراج) في سنة : (1380 هج) :
………………………………….
في ذكرى الإسراء والمعراج :
……………………………………
سرى محمدُ عينُ اللهِ ترعاهُ
واليُمنُ صاحبُه الأُولى وأخراهُ
أسرى به الوحي جبريلٌ وتلحظُه
أنّى توجّهَ فالألطافُ تلقاهُ
مضى هزيعَ فراحَ الركب منطلقاََ
البدرُ جذلانُ يجري حيث مجراهُ
مضى هزيعٌ وما بالليل آلقةٌ
إلا إلى الركب ترنو حيث مسراهُ
لولا القيود لأهوت نحوَ منطلقِِ
به الركاب وباتت دون مسعاهُ
يا ويحَ مكة لو تدري لما هجعت
بها عيون لأهل الشرك تخشاهُ
يمضي النبيُّ لأمرٍ جلَّ عاقبةََ
وبات أعداؤه كُلَّ وليلاهُ
مهلاََ أهيلَ الحمى فالحقُّ منبلجٌ
والبغي مذ كان أهلُ الجهل صرعاه
تهللَ المسجدُ الأقصى وقد طلعت
عليه بشرى ويا لله بُشراهُ
لأحمد المصطفى المختار زائرئه
به النبيون قد هبوا للقياه
فأمّهم في صلاة لست أحسبها
إلّا لأحمدَ من أسنى عطاياه
سيماء فضل تعالى الله مرسله
بين النبيين من أجلى مزاياه
علا المقام به يوم العروج به
فأين منه بفضل الله أشباه
ذي سدرة المنتهى بالعين يبصرها
تبارك الله أدناه وأولاه
هي العناية بالهادي تقربه
هي الرعاية والتكريم والجاه
وعاد أحمد من إسرائه رغداََ
يقص في القوم ما أولاه مولاه
فأنكروا قوله كبراََ وما عدلوا
وكم بهم لدواعي الشر أفواه
هذا أبو بكر الصديق يرعبهم
بقولة الحق فاضت من حناياه
أنْ قد صدقت رسولَ اللهِ فاروِ لنا
ومَن يكذبْ فإن الله أخزاه
أما النبي فيروي غير مكترث
والبشر يطفح من أعلى محياه
وذا الشقي أبو جهل يخاصمه
وكان تكذيبه الهادي قصاراه
يقول هاتوا فإنا معشر خُبُرٌ
بأربع القدس لكن كيف مرآه
هذا لعمر أبيكم لست أعقله
وهل عليَّ إذا قلبي تحاشاه
إنّا بأُم القرى والشام أقربه
فوق الثلاثين عدّاََ حين نغشاه
خطب عظيم لعمري كيف ندفعه
ودونكم فهذا اليوم عقباه
محمد عندنا والله أصدقنا
فكيف نقنع مَن بالصدق أغراه
تفرق القوم أشتاتاََ على مضض
ورُب مستثقل يوما نداماه
فلو رأيت أبا جهل وعصبته
إذن لألفيت آهاتِِ وويلاه
فيم اللجاج وإن الله خاذلهم
ولن تقيل عثار القوم عُزَّاه
أما النبي فإن الله ناصره
في كل أمر وليس اليوم ينساه
هو الصدوقُ الأمينُ البَرُّ قد علموا
نفسي فداه فما أحلى سجاياه
…………………………………….
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي