على قــــــارعــــةِ المَــــصــــــــيـــرِ
بقلم الأديبة التّونسيّة: إبتسام عبد الرّحمن الخميري
مَضتْ…
بِلا غايةٍ يا صَديقْ
و لا آيةً للطّريقِ…
مَضتْ…
قبلَ بدْءِ الوُقوفِ جَهارًا
أمامَ جِراحٍ و ذنْبٍ خَفيٍّ
عِيسَى يُصَلّي..
و المصْطفى جاثِمٌ ها هُنا..
مَضتْ…
تبثُّ شَذاها…”كريحِ صَرْصَرْ”
تُسابقُ مَداها…
تُراها في “عيشةٍ راضيةٍ”؟؟
الملكوتُ ساجدٌ…
التّاريخُ توقّفَ و اسْتكانَ..
لحظةً…. لحظةً يا رفيقْ:
سَبيلاً خطَطْنَا و حُلمًا كالجبالِ.. عَبرْنا
الجراحُ “سِيزيفٌ” أمْ نَزيفٌ..
و الصَّدى كم تراقَصَ؟؟
هل أضَعْـنا الخُطى؟؟؟
مَوازِينُنا قدْ تمـــــيـــدُ.. أوْ تحيدُ؟؟
مَراتِيجُنا أُرجوحةٌ و غرامٌ
و الدُّروعُ صدَأْ..
القُــدْسُ.. تــــــئِــــنُّ
و بَــــغـــدادُ تعــــــزفُ: “شيَّعوا أعظمَ ما كان بي..”
عندَ بابٍ تهدّمَ…أحْلامُــنا
نبضٌ ضعيفٌ يُغنّي…
دَعُونا نُصلّي… وَ كمْ رَكعْنا!!
وُجوهًا حزينةً ندُسُّ وَ أصواتُنا تَهمسُ:” جاءَ العَسَسْ.”
لِسُور “حَــيْــفَا” تِلالٌ و عَوْسجٌ
وَ دمْعٌ مُلوَّنٌ…
ربوعٌ مضتْ…” كالفراشِ المبثوثِ”
تُراها بَقَتْ…أو مضتْ؟؟
هَــا هُنا.. قاطراتٌ محمّلةٌ بالذّنوبِ أو بالذّبابِ!
خلفَ رُضابِ الأنينِ… وِحشةُ “حــيـْـــفـــا”
اِسْتَداروا و اِسْتكانُوا
القُدسُ تـَـــئــــنُّ
و بـــغــــدادُ تعزفُ: شَيّعوا أعظمَ ما كان بي..
فتَهمي” نارُنا الحاميةُ”
بِلا آيةٍ للطّريقِ… مَضتْ
تجوبُ البلادَ بلا بَوْصلةٍ وَ تحجُبُ نحيبَ الأفقِ
و ترحلُ بِلا مِئذَنةٍ…هناك…
تَرتَعُ في أمانٍ عِجافٍ و تَنتظِرْ…
” هلْ يُؤذّنُ لها؟؟”
مضتْ… تحلمُ:
“هل تُراني الأميرةَ؟ وَ ذاك شَعْبي يَصرخُ: تَعاليْ..”
و تركضُ…تركضُ
تَنْسَى البِساطَ الغَريبَ
تَنْسى نحيبًا هطلْ عندَ بابِ “قـــانا” و “حيْفا”
و تضحكُ.. تضحكُ
إذْ رَأتها الأميرةَ..
و يضحكُ منَّا القدرُ.
تَعبرُ صَمتًا… تُسارعُ و السّوادُ أنيسٌ
جُرِّدتْ منْ بياضٍ و لحنِ الدُّروبِ
وَ طارتْ…
عندَ بابِ الوليدِ حَطّتْ…
حطّتْ أوْزارَها و اسْتكانتْ..
زِمّةٌ بينَ حلمٍ و حلمٍ. رَسمتْ… ثُمّ عَــلتْ
عَــلتْ محُمّلةً برُسومٍ عجيبةٍ:
و أصواتهنَّ تنوحُ فتُحْجَبُ
تُراها اسْتكانتْ؟؟
وَ ليسَ لنا عندَ بابِ “قانا” تأشيرةً أوْ رغـــيــفًا..
فــ.. “حَـــيــفــا” تـــئــنُّ
و بــغــدادُ تعزفُ: شَيّعوا أعظمَ ما كان بي..
مضتْ… بلا آيةٍ للطّريقِ
و مضيْنَا…نحثُّ الخُطى تائِهينَ.
ليسَ لنا حُماةً لنَضْحَكَ
ليسَ لنا تُقاةً لِنسْــــجدَ
ليسَ لنا من بَقايا الرُّتبِ سِوى هَدْأةٍ…
قبلَ بدْءِ الوُقوفِ نهارًا..
أمام جِراحٍ و ذنبٍ خَفيٍّ
” قِلْمامِشْ” يبكي…
و “بابلُ” تسألُ “بغدادَ”: منْ أضاعَ الطّريقَ؟؟؟
فَهل تَغفِرُ” عَشْترْتُ” أخْطاءَنا؟؟؟
و الحروبُ إنارةٌ!
و ليسَ لنا إنْ مَضينا سِوى:
خَربشةٌ تُعطّرُ مَضارِبنا بجوفِ المصيرِ..
و أيُّ مصيرٍ؟؟
عندَ نَجعِ اليَتامى إكليلٌ و زِئْبَقٌ
و هَسيسٌ قُدَّ بلا غَيمةٍ
و لا هِمّةٍ لانْبلاجِ الأُفُقْ..!
و كلُّ البِقاعِ الّتي رحَّلتْنا تَعزِفُ:
” سوفَ تأتي يومًا بلا مَوعدٍ”
وَ تصرخُ:
فوقَ عَرشِ الطّفولةِ… أقبعُ
فوقَ عرشِ الفضيلةِ… أرقصُ
فوقَ عرشِ الأميرةِ… أسبحُ
يا لَهذا السُّباتِ للأغنياتِ!!
يا لهذا السُّباتِ للغانياتِ!!
و يـــا لأرجوحةٍ بلا ذبذباتٍ!
مَـــضـــتْ…
بذاتِ الطّريقِ شريدةً
بذاتِ الجراحِ الفريدةِ
رَفْرَفتْ….
خمّرتْـــــها
وعـــــــــودٌ
عـــــــــــــــــــابـــــرةٌ…..
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي