فتيحة بجاج
الدار البيضاء، المغرب.
عضو ملتقى الشعراء العرب، شاعرة وأديبة من طراز فريد مع
الاشتغال على الكتابة والترجمة مع مؤسسات مغربية وأجنبية وأدباء من الشرق، وإسبانيا، وأميركا اللاثينية، إضافة إلى تدريس اللغة الإسبانية للخواص.
صدر لها مؤخرا ديوان (حين اتساقط رطبا)
بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2024
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار لنتعرف على جديدها
حاورتها من لبنان جميلة بندر.
1.ماذا كان شعورك بمشاركتك بديوان (حين اتساقط رطبا) في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024
وماذا تمثل لك مصر ثقافيا وادبيا؟
2.كونك عضو في ملتقى الشعراء العرب ماذا اضاف لك على الجانب الأدبي
وماذا عن الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
3.هناك مقولة قديمة نسبت للجاحظ (أن الشعر لا يترجم)
فماذا عن الترجمة المعاصرة وهي تفي بالغرض؟
4.انفتاح المغرب على الثقافات الغربية واضح وخاصة في الجانب النقدي
فماذا استفادت شاعرتنا كشاعرة ومترجمة؟
5.ما هي الأعمال التي شاركت فيها والتي تعتبرينها أبرز إسهاماتك الأدبية؟
- كيف يؤثر تدريسك للغة الإسبانية على أسلوبك في الكتابة؟وكيف تنظمين وقتك بين الكتابة والترجمة والتدريس؟
- ما هي التحديات التي واجهتك خلال عملك في فريق “الترجمة بلا حدود”؟
- ما هو دور الترجمة في بناء الثقافات وفهمها بين الأدباء العرب والأجانب،وما هي التجارب التي ترتبط بترجمتك لشعراء عرب وأجانب؟
9.كيف تحضرين للدراسات المعمقة في اللسانيات والترجمة؟
وما هي المواضيع التي تجذب اهتمامك في الترجمة؟
10.كيف يمكن وصف دورك كمدرسة في مؤسسة ثانوية عمومية وهل تجدين صعوبة بالمحافظة على التوازن بين أدوارك المتعددة ككاتبة ومترجمة ومعلمة؟
- كيف تختارين الأعمال التي تقومين بترجمتها، وما هي المعايير التي تأخذينها بعين اعتبارك؟
12.ما هي المصادر الملهمة التي تستمدين منها أفكارك الأدبية والثقافية؟
13.كيف يمكن وصف تأثيرك كمساهمة في فريق “الترجمة بلا حدود” على المستوى الثقافي والاجتماعي؟
14.ما هي التوقعات التي تسعين لتحقيقها من خلال إصدار ديوانين جديدين؟
حاورتها من لبنان
جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
*
فتيحة بجاج
الأجوبة
1
المعارض عادة مكان تعريف وانتشار الكاتب أو الشاعر، والبوابة نحو الشهرة والرقي. هناك تتمثل الواجهة الحقيقية للمؤلف كيفما كان سواء رواية أو قصة أو ديوان شعري أو غيرها. وحين يعرض لأي كاتب، فإن ذلك يكون مجال فخر واعتزاز وأيضا فرصة لفتح آفاق واسعة في مجال الكتابة لما يجنيه من اهتمام وتشجيع. من المؤكد أنني جدا فخورة بمشاركتي المتواضعة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، وذلك بعرض ديواني “حين أتساقط رطبا”، وما أدراك ما تعنيه القاهرة، وأكثر من ذلك، مصر البلد العريق في التاريخ والعلوم والثقافة والأدب، وهذا أمر بديهي لا يمكن لأحد أن يجادل فيه، فصدى مصر يصدح في كل العالم. ليس لي إلا أن أكون سعيدة جدا بهذا الكرم حين أرى ديواني معروضا هنا، وأرى نفسي محظوظة بحضوري من خلال الديوان ضمن كتاب مرموقين من كل العالم. وأستغل هذا الظرف لأوجه شكري وامتناني لمؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع، ولرئيسها الدكتور حسين نهابة، على ثقتهم وتشجيعهم ودعمهم المتواصل.
2
أن أكون عضوا في ملتقى الشعراء العرب يعني الكثير من الإيجابيات. الإضافات التي جنيتها وأجنيها من تواجدي بالملتقى ثمينة جدا، يكفي أن يكون لنا تواصل مستمر مع أدباء وشعراء ونقاد من الطراز الرفيع. وإذا كان ملتقى فإن التسمية لائقة عليه، إذ أننا نلتقي تقريبا يوميا من خلال التحاور والمناقشة في أمور أدبية وشعرية، نتعلم ونستفيد. ونتبادل الحديث في مجال إبداعاتنا. هذا عدا عن الإضافة الإنسانية، حتى أننا صرنا مثل العائلة، وهذا شيء جميل للغاية حين تحس أنك اكتسبت صداقات متميزة من مستوى عال. وأيضا التحاور من خلال الملتقى عبر المنتديات واللقاءات الحوارية يزيد من المدارك والمعرفة ويصحح المسارات نحو الطريق الصحيح. وأصر على أن أشكر، رئيس الملتقى، الأستاذ ناصر رمضان الناقد والشاعر والأديب المصري، والأخ العزيز، الذي تجمعني به صداقة من قبل الملتقى، ودعاني لأكون عضو بالملتقى منذ تأسيسه، وهو بمثابة الشخصية البوصلة التي تتمحور حولها كل فعاليات الملتقى، وأيضا الصدر الرحب والقلب الطيب الذي يحث ويشجع على مشاركة الجميع في كل إنجازات الملتقى. وأظن أن كل المطلوب يكمن في هذه الأمور.
3
أظن أن مقولة الجاحظ أن الشعر لا يترجم، فيها نقاش كبير وفي نفس الوقت بسيط. لنتصور أنه لفهم الآخر من خلال شعره، ولا أعني بالآخر الشاعر لوحده، على اعتبار أنه لا يمثل أشخاصا فقط بل، أمة بكاملها، هل من الضروري أن تتعلم الشعوب كل لغات العالم من أجل قراءة الآخر.
أنا لا أقول أن هناك في ترجمة الشعر الممكن والمستحيل، بل هناك نقل لمعاني ومقاصد بشكل حقيقي، قريب من المبتغى، وقد يكون هناك نقل للنص بشكل مزيف، بعيد عن المغزى الذي قصده كاتب النص الأصلي. كثيرا ما يحكم النص الأصلي على مدى روعة ترجمته، بحيث أنه كلما كان رائعا وسلسا وشفافا كانت الترجمة أروع.
من خلال ما تعلمته من أساتذتي هناك، أولا وقبل كل شيء، التمكن من اللغتين الأصلية والتي يجري الترجمة إليها، وأكثر من ذلك مدى قدرة الإحساس بالآخر والتعمق في الصور الشعرية والمعاني التي يبغيها الشاعر من خلال كلمات نصه الشعري. ويتسنى هذا حين يكون المترجم على بينة كبيرة بالفضاء الذي يعيش فيه صاحب النص الأصلي، وثقافته وخصائص عيشه ومجتمعه. وهنا تغيب ما يسمونه بالخيانة في الترجمة، إذ بالتمكن من كل ذلك، يكون هناك التزام باحترام الصور الشعرية التي أراد صاحب النص الأصلي التعبير عنها. أحيانا لا تكون الترجمة تعني نقل كلمة من لغة إلى مرادفها في لغة أخرى مهما اقترب المعنى، بل تكون ترجمة أحاسيس ومشاعر. في مجال الشعر، تنجح الترجمة، وهذا أمر نحسه ونستنتجه من خلال أعمال مترجمة كثيرة، حين يكون المترجم شاعرا. حسب تجربتي الشخصية المتواضعة، يحدث في كثير من الأحيان أن يخرج النص المترجم أروع بكثير من الأصلي، حسب مدى التعمق في معاني الصور الشعرية.
لسنا جميعنا يتحدث بلغة عمر الخيام الفارسية، ولكن ليس هناك من عربي أو ناطق بالعربية لا يستلذ سماع رباعياته باللغة العربية التي ترجمت إليها؟ يمكن أن تكون الروعة في كون مترجمها أحمد رامي شاعرا. الشعر أكثر شيء يترجم، فقط عندما يحسن المترجم فهمه ويتعمق في الأحاسيس والمشاعر التي يعبر بها فيه.
4
صحيح، كون المغرب بوابة نحو آفاق جغرافية متنوعة ومتعددة، علاوة على انفتاحه المعنوي على الكثير من الثقافات العالمية، وهذه سياسة ممنهجة، يساعد كثيرا في اكتساب تنوع رصيدي في مجال التأليف والكتابة لفئة المثقفين المغاربة. وبالفعل، كما هو معروف نعتز في المغرب بتوفرنا على ثلة من النقاد اللذين لهم صيت قوي في كل مجالات الكتابة. وهذا بالتأكيد أفادني كثيرا لأنني منهم أتعلم وأستقي خبراتي. هذا الانفتاح يساعد كثيرا على اكتساب لغات والنهل من ثقافات الجوار المتنوعة.
5
على تنوعها تبقى مشاركاتي متواضعة، لأن شغل الترجمة والمشاركة في تنسيق أعمال كتاب من إسبانيا وأميركا اللاثينية والعالم العربي يأخذ من الكثير من الوقت.
لدي مشاركات عديدة في أعمال مختلفة. ساهمت في ترجمات عدة ضمن فريق “الترجمة بلا حدود” الذي انتمي إليه، والتي تصدر في دواوين إلكترونية، صدرت منه أخيرا المصافحة الترجمية الخامسة والتي تشمل قصائد لشعرا من العالم مترجمة إلى عدة لغات ضمنها الإسبانية.
أنجزت ترجمة ديوان الشاعر السوداني يوسف الحبوب “فزاعة تلوح في ظهيرة يوم بطيء”، وديوان “تعويذات لفائف بردي” للشاعرة السورية، الدكتورة عائشة عامر لونا الخضر، وديوان “منمنمات” للشاعر المغربي، ابن أصيلة، ادريس علوش، وديوان “أقول أحبك وأتنفس عينيك” للشاعر السوداني عادل سعد يوسف، وديوان “أنثى الريح” للشاعرة التونسية حياة الرايس”، والمؤلف المسرحي “لفافة وطن” للكاتب المسرحي الجزائري، محمد بويش. كما شاركت في عدة أنطولوجيات منها أنطولوجية مائة شاعر وشاعرة للشاعر المترجم العراقي، الدكتور حسين نهابة، وديوان “بكاء الجبل” ضمن ما يزيد عن 30 شاعرا وشاعرة من العراق، للشاعر العراقي المقيم بألمانيا، خالد الخديدة، وأنطلوجية القصة القصيرة
“Yearty International Antology of Poetry” Volume V
ضمن أعمال أخرى
6
التدريس صار من الخيارات الخفيفة، إذ صرت أدرس لخواص من رجال الأعمال الذين يحتاجون اللغة للتواصل في مجال الاستثمار ومع غرف تجارية وسفارات، لأن وقتي لم يعد يسمح بالعمل بالتدريس لوقت كامل. أظن أن التدريس يمنح المهارة مع قوة الممارسة، لأنه بدوره يتطلب بحث وتمحيص وقواميس وما إلى ذلك. أظن أنه قيمة مضافة لكسب مفردات وشرحها الصحيح.
7
ليس هناك تحديات، نحن نشتغل كفريق، نتعاون وبكل أريحية. إذا كانت هناك تحديات فيه مع أنفسنا في الحرص على الإنجاز وبإتقان ومهارة مع محاولة تحقيق ذلك سعيا في توسيع العلاقات الثقافية بين الشعوب بمختلف اللغات. العمل ضمن فريق الترجمة بلا حدود أكسبني الكثير من الأصدقاء والمعارف من كل العالم الذين أعتز بهم. ما زلنا نواصل العمل معا، رغم الظروف التي عرفها ويعرفها العالم التي أثرت شيئا مع على مواصلة العمل بانتظام. أرى أن العمل في هذا الفريق فتح بابا للعلاقات بين شعراء العالم ومزج بين ثقافاته، لأننا أنجزنا أعمال لشعراء من كل العالم وبكل اللغات.
8
الدراسة باللغة الإسبانية لم يغطي على عشقي للغة العربية وممارستي للغة الفرنسية اللتين درستهما أيضا، لأنها كلها لغات متداولة عندنا نحن المغاربة. يقال أننا لدينا ملكت إتقان اللغات، وقد يكون ذلك لانفتاح المغرب على ثقافات بلدان أخرى ولموقعه الجغرافي. زاد عملي بالتدريس والصحافة والترجمة لسنوات من صقل معرفتي بهذه اللغات، إضافة إلى تكويني الأكاديمي في المجال. ورغم قلة الوقت، فأنا حرصت على مواصلة اكتساب مهارات لغوية بالممارسة والدراسة والتكوين الأكاديمي، رغم صعوبة ما يعني ذلك من جهد ومثابرة.
9
تجاوزنا مرحلة الدراسات المعمقة من مدة. القراءة والدراسة الأكاديمية متواصلة، بالإضافة إلى ممارسة العمل في الترجمة المتواصل ومساعدة أساتذتي أحسني في فصل تكوين مستمر. أرى أن ممارسة الترجمة كعمل ومهمة واجب إنجازها يحث في المثابرة والإتقان والإخلاص في الإنجاز، والحمد لله، أراني موفقة بدعم الأصدقاء والأساتذة، أكون مستمتعة أكثر حين أقوم بترجمة النصوص الشعرية، أحسها نابضة تحدثني وتحاورني فأنجذب وأستمتع عند ترجمتها.
10
التدريس، كما قلت اختياري ومع الخواص لضرورة ما، ولو أنني أستمتع به وأفرح حين أرى أحد المتعلمين، بعد مدة، يتكلمون اللغة وأشعر بفرحتهم مثل فرحتي بإنجاز عمل ترجمي.
النجاح في التوافق بين عمل وآخر في نفس الوقت يتطلب بعض الترتيب والتنظيم. الأمر ليس بالسهل، أحيانا يتراكم أكثر من عمل من شعراء وأدباء ويكون المطلوب الإنجاز في مواعيد محددة، حينها تكون بعض التضحيات على حساب الوقت والجهد الجسد، ومع حب ما نقوم به نتمكن من تجاوز التحديات، ولو أنه في بعض الأوقات يتعذر إتمام العمل في الآجال المطلوبة، لكن تكون النتيجة الجيدة في النهاية سبب الرضا والإقناع.
11
في غالب الأحيان، نحن لا نختار الأعمال التي ننجزها هي تكون تحت الطلب، والفرق يكون حين تقع بين يديك أعمال روعة وراقية تزيد من حماستك في إنجازها وترجمتها بكل أريحية وسعادة. حين تحب العمل يكون جيدا من ناحية جمالية الصور الشعرية فإن ذلك يظهر جليا في النص المترجم، هذا بالنسبة للنصوص الشعرية أو الروائية، أما عندما يتعلق الأمر بترجمة بنصوص من نوع آخر مثل المقالات القانونية أو الاقتصادية أو المتعلقة بالشؤون الاجتماعية، تكون الدقة مطلوبة في نقلها من لغة إلى أخرى، لأنها تعتبر نصوص علمية لا تغيير فيها ولا في معانيها.
12
الحياة اليومية أول مدرسة ومصدر إلهام لكل كاتب أو شاعر، التي منها نتعلم باستمرار. وتبقى القراءة باستمرار ومعرفة اختيار ما نقرأ، بالإضافة إلى الحضور المستمر في جل التظاهرات الثقافية، والحرص على العلاقات المتميزة. وأعتبر نفسي محظوظة لأنني محاطة بصداقات من بلدان مختلفة من أساتذتي وزملائي الكتاب والأدباء، الذين يوجهونني ويدعمونني ويساعدونني في اختيار الأفضل في مجال الثقافة والأدب.
13
ليس هناك تأثير، في فريق الترجمة بلا حدود نحن نكمل بعضنا كل بلغته. نستمتع ونحن ننقل إبداعات الآخرين من لغتهم إلى لغات عالمية أخرى. أعتبر هذا، في حد ذاته التأثير الكبير في تقارب الثقافات.
14
إصدار ديوانين جديدين أعتبره إضافة متواضعة مني في مجال الثقافة والأدب وترجمة لتصورات امرأة من المغرب ومن العالم العربي حول ما تحسه وتتطلع إليه من خلال نصوص شعرية. أسعد بإيصال حرفي ومعانيه إلى الآخرين وأتمنى أن يلقى الرضى والإعجاب والنجاح.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو ملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي