كتاب “العمق الاستراتيجي” لأحمد داود أوغلو: قراءة تحليلية ودعوة للتأمل
في ظلِّ التحوّلات التي تشهدها المنطقة العربية، خاصة سوريا، لفت انتباهي كتابٌ بالغ الأهمية والخطورة، وهو كتاب “العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية”، من تأليف أحمد داود أوغلو، وزير خارجية تركيا السابق، وأحد أبرز مهندسي السياسة الخارجية التركية الحديثة. صدر الكتاب بطبعته الثانية عام 2011 عن الدار العربية للعلوم في بيروت، بترجمة محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل، ومراجعة بشير نافع وبرهان كوروغلو.
محاور الكتاب الأساسية
يتناول الكتاب بعمق قضايا جوهرية تتعلق بدور تركيا في بناء الدولة الحديثة، واستراتيجياتها لتعزيز مكانتها في الساحة الدولية. يمزج المؤلف بين القوة العسكرية، والتكنولوجيا، والتاريخ، والجغرافيا، والثقافة، ليقدم قراءة شاملة للأدوات التي يجب أن تعتمد عليها تركيا لتحقيق نهضتها. المثير للاهتمام أن العديد مما تناوله أوغلو في هذا الكتاب أصبح واقعًا ملموسًا اليوم، وكأنه كان يتنبأ بالأحداث الجارية.
يشير الكتاب إلى ثلاث بوابات أساسية تتيح لتركيا استعادة قوتها القديمة:
- بوابة القوقاز وأرمينيا: وقد تجلّت رؤيته في دعم تركيا لأذربيجان، الذي أدى إلى انتصارها على أرمينيا في نزاع ناغورنو كاراباخ.
- بوابة أوروبا: وهذه البوابة ما تزال مغلقة أمام تركيا، بسبب تعصّب النادي الأوروبي المسيحي، الذي يرفض انضمام دولة ذات أغلبية مسلمة إلى الاتحاد الأوروبي.
- بوابة العرب والشرق الأوسط: الملف السوري هو المدخل الأبرز لعودة تركيا إلى الساحة، إذ يعتبر الشرق الأوسط ركيزةً أساسية لدورها الإقليمي.
يقع الكتاب في 645 صفحة، ويتوزّع على ثلاثة أجزاء رئيسة تتناول الإطار المفاهيمي، النظري، والتطبيقي للاستراتيجية التركية.
الجزء الأول: الإطار المفاهيمي والتاريخي
- مقاييس القوة والتخطيط الاستراتيجي:
يناقش أوغلو معادلة القوة وعناصرها، مقسمًا إياها إلى معطيات ثابتة (الجغرافيا، التاريخ، عدد السكان، والثقافة) ومعطيات متغيرة (الاقتصاد، التكنولوجيا، القوة العسكرية، والذهنية الاستراتيجية).
يربط بين التخطيط الاستراتيجي والإرادة السياسية، مع تركيزٍ على العنصر البشري كعامل حاسم في بناء الاستراتيجية.
- قصور النظرية الاستراتيجية:
يعيد تحليل عناصر القوة التركية، مشيرًا إلى قصور النظرية الاستراتيجية التقليدية في فهم مكانة تركيا.
يركز على تأثير الخلفية التاريخية والنفسية، مشيرًا إلى ما سماه “انفصام الشخصية والوعي التاريخي” في المجتمع التركي.
- الدرس :
يتتبّع تطوّر الدور التركي، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، محللًا المعايير الثقافية والسياسية التي تؤثر على الوضع الدولي لتركيا.
الفصل الثاني: الإطار النظري والاستراتيجيات المرحلية
- النظريات الجغرافية والسياسات المرتبطة بالمناطق الجغرافية:
يدرس أهمية الجغرافيا في تحديد الاستراتيجية التركية، ويحلل العلاقات الجيوسياسية مع المناطق المجاورة.
يُبرز موقع تركيا كبوابة بين الشرق والغرب، ودورها كجسر حضاري وثقافي.
الفصل الثالث: مجالات التطبيق والوسائل الاستراتيجية
- السياسات الإقليمية:
يعرض وسائل تركيا الاستراتيجية، مع التركيز على القضايا الإقليمية، مثل الأمن، الاقتصاد، وصناعة الدفاع.
يربط بين القوة الناعمة والسياسات الإقليمية لتحقيق أهداف تركيا الاستراتيجية.
أحمد داود أوغلو لا يقدّم في كتابه مجرد رؤية مستقبلية، بل خارطة طريق لنهضة تركيا. إن الرؤية التي وضعها ترتكز على ثلاثة محاور: القوة الاقتصادية، الاستقرار السياسي، والبُعد الثقافي.
ما يلفت النظر أن الكتاب يتناول الواقع العربي بنوع من العمق، حيث يؤكد أن المنطقة العربية تعيش في حالة من التشرذم، مما يجعلها عرضةً للصراعات الكبرى. يشير أوغلو إلى ضعف قراءة العرب للواقع، وتهاونهم في التعامل مع القوى الإقليمية، كما حدث مع إسرائيل سابقًا وتركيا اليوم.
الكتاب ليس مجرد تحليل أكاديمي، بل دعوة للاستيقاظ والوعي. أدعو المراكز البحثية العربية إلى إعادة قراءة هذا الكتاب بعناية، وفهم مضامينه، لأن الوعي بما يحدث حولنا هو الخطوة الأولى نحو النجاة.
إن تجاهل القوة التركية، التي تعود بقوة إلى الساحة الدولية، يذكّرنا بالتهاون السابق مع إسرائيل، والذي دفعنا ثمنه غاليًا. علينا أن ندرك أن النهضة لا تأتي بالصدفة، بل بالإعداد والتخطيط، كما يوضح هذا الكتاب.
في النهاية أريد منك أن تقرأ من ص432 وحتى ص 452لتعرف ما يحدث الآن في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الشرق الأوسط عموما وسوريا على وجه الخصوص
إن كتاب أحمد داود أوغلو
“العمق الاستراتيجي” ليس مجرد كتاب عن السياسة الخارجية التركية، بل هو نموذج للتفكير الاستراتيجي المتكامل. إن فهمنا لمضامين هذا الكتاب يساعدنا في قراءة التحولات الكبرى في المنطقة، ويدفعنا للتعامل معها بوعي وحنكة. لن يكون للمنطقة العربية مكانة في المستقبل إذا ظلّت غارقةً في فوضى التبعية، دون أن تتعلم من دروس الماضي.
لكن المشكلة الحقيقة تكمن في أن الشعوب العربية لا تقرأ ومن بيدهم أمر البلاد والعباد أيضا لا يقرأون ولا يتعلمون من التاريخ ولا من دول الجوار والمصيبة أننا نريد أن نخترع العجلة والعجلة موجودة ولا نعرف لأنفسنا بيت نرتاح فيه من تعب الساسة والسياسيين
سألت ذات حوار مع الدكتورة مرفت صادق وهي ذات أصول تركية
وأستاذ القانون الجنائي
ماذا تفعل مصر اقتصاديا وسياسيا ؟هل هي رأسمالية أم اشتراكية أم ماذا ؟
فكانت الإجابة صادمة :
هي خليط من هنا وهناك
مسخ مشوه كما يريدون لها أن تظل هكذا بين بين .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي