زينب عقيل والأنثى في أبهى تجلياتها
جاءت معرفتي
بالشاعرة اللبنانية زينب عقيل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فوجدتها شاعرة متمكنة في أدواتها الفنية، تحمل قلمًا ناضجًا يجمع بين الوجدان الشخصي والهمّ الجماعي. ومع بداية تأسيس ملتقى الشعراء العرب، كانت داعمة ومشاركة بنصوصها المميزة. كما كان لها حضور بارز في مجلة أزهار الحرف، كما نشرتُ نصوصها وسيرتها الذاتية في موسوعة من أزاهير الأدب وموسوعة في رحاب القدس. زينب عقيل شاعرة تُحاكي قضايا المجتمع والأمة بصدق وجداني، وتكتب بروح تلامس العمق الإنساني ينطبق عليها
قول الشاعر الراحل محمد علي عبد العال رئيس رابطة الأدب الحديث
كل ثلاثاء في ندوة الرابطة
أن الأدب الأخلاقي والإنساني مقدم على الأدب الفني والبلاغية والإبداعي
وزينب تمتلك كلاهما فهي شاعرة متمكنة لغويا وعروضيا وفنيا وأخلاقيا يصدق فيها قول المتنبي :
ولو كان النساء كمثل هذي لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لأسم الشمس عيب
وما التذكير فخر للهلال
وفي هذه الأمسية
من ندوات البث المباشر نحتفي بديوانها
(كي تقر عينها )
ومن العنوان: “كي تقرّ عينُها”
الذي يعد كما يسميه النقاد أول عتبة في فهم النص( الديوان) ومن خلاله يمكن استنباط البنية العاطفية والفكرية للنصوص التي يحتويها. اختيار الشاعرة لهذا العنوان يعكس حالة وجدانية مشحونة بالتوتر بين الألم والرجاء، وبين الحزن والأمل.
دلالات العنوان:
تأتي الجملة بصيغة هدفية، مما يشير إلى غاية تسعى الشاعرة لتحقيقها. “كي تقرّ” تحمل بعدًا تأمليًا يتجاوز الذات ليشمل الآخرين أيضًا، وكأنها تدعو إلى تحقيق الطمأنينة والسلام والحيرة تبعث على التساؤل ما هو الذي يجعلها قريرة العين .
ثم
تعبير “عينُها” يوحي بوجود شخصية أو رمزية قد تكون الذات الشاعرة، الأم، الأرض، الوطن ،أو حتى فكرة مجردة عن الطمأنينة المفقودة التي تسعى لإيجادها .
كما يستمد العنوان قوته من إيحاءاته الدينية والإنسانية؛ إذ يرتبط بمفهوم الراحة والسكينة كما ورد في النص أو أن صح التعبير التناص القرآني: “قرّة عين”.
وقوله تعالى (كي تقر عينها ولا تحزن )في سياق الحديث عن أم موسى وعودة الطفل موسى إليها لترضعه والعنوان بذلك يجمع بين الجانب الروحي والحسي.
وينم عن ثقافة إسلامية وعربية أصيلة
والبلاغة كما تعلمنا وكذلك اللغة سياق وسباق ولحاق ومن خلال
معرفتي بالشاعرة زينب عقيل كشاعرة تكتب من عمق التجربة الشخصية والاجتماعية والهم الوطني والعربي تسهم في فهم هذا العنوان بشكل أشمل. فهي شاعرة تلامس قضايا الوطن والإنسان، ومعاناتها الذاتية تمتزج مع معاناة محيطها.
وما مر به لبنان واضح وجلي ولعل لبنان يعود فتقر عينها بعودته كأم موسى
حضورها في ملتقى الشعراء العرب ومساهمتها في نشر نصوصها وسيرتها ضمن موسوعة من أزاهير الأدب وموسوعة في رحاب القدس، يؤكد أيضا على انتماءها للأدب الجاد والثقافة الرصينة وسط سيل من الهشاشة والتدني وأن الشعر ليس مجرد تأمل ذاتي، بل يتضمن رسالة إنسانية جماعية.
تسعى زينب عبر النصوص التي يحتويها الديوان نحو السكينة والطمأنينة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
ثم أن
العنوان يؤسس لفكرة مركزية في الديوان: التحول من الحزن إلى الأمل، من المعاناة إلى السلام الداخلي.
ومن هنا نجد أن للعنوان عتبات نصية تترك أثرها لدى المتلقي ودورها واضح في التلقي:
العتبة النصية الأولى، أي العنوان، تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل أفق توقع القارئ. فعنوان “كي تقرّ عينُها” يُدخل القارئ في أجواء وجدانية عميقة تتراوح بين الحزن والأمل، ويهيئه لتجربة نصوص تدور حول معاناة إنسانية تسعى إلى الراحة النفسية والتوازن الروحي.
وحتى لا أطيل اخترت مجموعة صغيرة من النصوص والملاحظ فيها جميعا ما يسميه البلاغيون بالوحدة الموضوعية
الوحدة الموضوعية للنصوص:
النصوص التي قدمتها الشاعرة زينب عقيل تتسم بوحدة موضوعية تجمع بين الحزن والرجاء، وبين التأمل في الذات والتفاعل مع قضايا الأرض والإنسان والوطن ، وتُبرز النصوص صراع النفس بين الحزن الذي يصقل الروح والأمل الذي يمنحها القدرة على المضي قدمًا.
فمن منح الشعر والأدب لدى صاحبه المشاركه الفاعلة في الحياة والتسلح بالأمل وهي رسالة سامية
–
والملاحظ في جميع
النصوص أنها ترتبط بخيط واحد يتمثل في ثنائية الحزن والأمل. وحب الأرض والوطن والخوف على الوطن من الضياع ، تنقلنا الشاعرة بين محاور وجدانية وشخصية، لتصل في النهاية إلى استلهام القوة من الألم. من الحديث عن الذات إلى قضايا المجتمع، يتضح أن الشعر لديها وسيلة للتعبير عن الألم كأداة للتغيير والنهضة.
في النهاية
الشاعرة زينب عقيل تكتب بروح شاعرة أصيلة، تحمل قلمًا قادرًا على الجمع بين الفردي والجماعي، وبين الوجدان الشخصي والرسالة الإنسانية. نصوصها في هذا الديوان تمثل مرآة تعكس صراعات الإنسان بين الحزن والأمل، وتؤكد على دور الشعر في منح القارئ شعورًا بالمواساة والقوة.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي