زمن التّفاهة والفساد
يؤسفني أنّنا اليوم نعيش في زمنٍ تغيّرت فيه المفاهيم وميّعت فيه القيم وتبدّلت فيه المبادئ وتزعزعت فيه الثّوابت؛ حتى أصبح صاحب العقل لا يُعار أيّ أهميّة، فكأنّه عنصرٌ شاذٌّ عن القاعدة، هذه القاعدة الّتي تنصّ على تهميش العقل ومحاربة الفكر السّليم المبدع، و على أنّ المجدَ كلّ المجد لمن يستعرض تفاهاته و ترّهاته و يروّج الهزل و قلّة الأخلاق .و لذلك نجده محطّ الاهتمام ،فتُذاع عنه الأخبار،و تُنصب له التّماثيل و الرّايات، و يُقدّم إلى الجمهور بصفته القدوة و المخلّص!
كيف لا، و بات أصحاب العقول و القامات العلميّة و المفكّرون و المبدعون و المرشدون الاجتماعيون … عالةً على ذائقة المجتمع، و لا يتابعهم إلّا النّزر اليسير و القلّة القليلة من النّاس، و قد يتعرّضون أحيانا” للتّنكيل و التّهميش بسبب محتوياتهم المفيدة .
و لأنّني أؤمن أنّ الكلمة لها تأثيرها على العقل والرّوح سواء أكانت إيجابية أم سلبية… أدرك جيّدا أنّنا من خلالها نستطيع أن نبني أوطانا”، أو نهدم أحلاما”… و أنا أقف هنا معلنةً خوفي على الأجيال القادمة الّتي تتلقّى على مدار اليوم كميّاتٍ هائلةٍ من “المخدّرات” الفكرية و المحتويات التّافهة الّى لا تمتّ بمجتمعنا الرّاقي و تراث أجدادنا بأيّ صلة.
و ما يسعنا نحن الأهل و المُربّون أمام هذه المعضلة العظمى سوى توعية أبنائنا على أهميّة العقل لأنّه أداة التّكليف وآلة التّغيير ومنطلق الإبداع، لعلّنا ننقذهم من الغرق في مستنقع الوهم و الهباء الّذي ما ينفك يجرّهم إليه أولئك السّفهاء الّذين ما أصبح لهم هذا الشّأن لولا تطبيلنا لهم ودعمنا لسخريتهم، ولنتّذكر دائماً قوله تعالى”هو من عند أنفسكم” ، فالإصلاح يبدأ من أنفسنا ، و بالتّالي علينا تقوية المناعة الفكريّة لأبنائنا ليكونوا قادرين على دحر كلّ أنواع الفيروسات الفكريّة التي تهدّد بقاء عقولهم على قيد الحياة.. و هذا ما يتطلّب منّا الهدوء و الصّبر و الحكمة ، فلنكن إذن على قدر المسؤوليّة لننقذ ما تبقى من هذا المجتمع !
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي