“جمرة على فوهة قلب” – بين التوهج العاطفي وتصدعات الحلم
دراسة نقدية وبلاغية في ديوان ثريا فياض
قبل أن تكون الشاعرة ثريا فياض صوتًا شعريًا متألقًا، فهي إنسانة طيبة القلب، صادقة المشاعر، معطاءة لا تعرف سوى العمل بروح الفريق. تعرّفتُ عليها، ونشرتُ لها، وكتبتُ عنها، ثم أصبحت جزءًا من ملتقى الشعراء العرب ومجلة “أزهار الحرف”، حيث أثبتت التزامها العميق بالكلمة والموقف، فكانت نموذجًا للشاعرة التي تحمل رسالتها بإخلاص وتفانٍ.
حديثًا، صدر لها ديوانها الجديد “جمرة على فوهة قلب”، وهو ديوان يتناول ثلاثة محاور أساسية: الحب، الحلم، والخيبة. وتحت مظلة الحب، نجد حب الوطن، حب الأم، حب الأب، الصداقة، بينما يمتد الوطن ليشمل المقاومة، الشهيد، العروبة، وفلسطين، في تجربة شعرية مشبعة بالوجدان العاطفي والوطني.
يضم الديوان 63 نصًا شعريًا، تتوزع على هذه المحاور، وهي:
- الأحلام الهاربة
- الحب والحياة
- الحنين والمطر
- الحياة آتية
- الليل وعيناك
- سري الصغير
- الحياة وعد
- الزمن الضائع
- المقعد وما زال ينتظر
- أنت يا مرآتي ذاتي
- آه أيها المطر
- بين القصائد
- تسونامي
- جدار الصمت
- جمرة على فوهة قلب
- شواطئ القوافي
- ذات خيبة
- رحيل
- عند قارعة قصيدة
- لو كنت أمتلك أبجدية جديدة
- بطلة كل الحكايات
- تكتكات على الذاكرة
- بصمة وحكاية
- جاء لا تعلم من أين
- جنون
- خيال
- دروب النسيان
- صفعة حلم
- على حافة الانتظار
- في الأحلام واقع أجمل
- ليتنا نعود
- وطن وقرار
- من أساطير الحياة
- لقاء ذات صدفة
- معًا يا قمري
- مهلًا أيها الحبيب
- كغمامة صيف
- قبضت على أحلامي
- في عينيك
- عرس القلب
- عيناك وطن
- في العيون حريق
- في لحظات
- لحن من ألحان الحياة
- غدًا
- طعم الانتظار
- حب مجنون
- يا قلبي قل لي
- تألق أيها الحب
- أمي
- حبذا لو
- في قلبي مسكنك
- في قلوبنا دومًا سيبقون
- إلى أبي
- صديقة كل الأزمان
- سلام إلى الشرفاء
- صوت الشهيد
- وطن لا يشبه الأوطان
- الفجر المقاوم
- إلى فلسطين
- عذرًا يا قدس
- ماذا أقول؟
كل هذه العناوين تصب في وحدة واحدة ومدوّنة واحدة، هي الحب والبحث عنه رغم الخيبة، بقاء الحلم، بقاء الوطن، بقاء الحب (الأم، الأب). يدور الديوان حول هذه المحاور ذهابًا وإيابًا:
الحب، الحلم، والخيبة
الوطن والعروبة
الرؤية الشعرية في الديوان
يحمل “جمرة على فوهة قلب” رؤية شعرية تتسم بالتوهج العاطفي والتعبير العميق عن التجربة الوجدانية، حيث يتجلى في قصائد الشاعرة مزيج من الأحاسيس المتقدة بين الحب العاطفي والوجداني، والأمل الذي يصطدم أحيانًا بجدار الخيبة، في تفاعل شعري يعكس هشاشة الحلم وقوة الإرادة في آنٍ معًا.
بلاغة العنوان وانعكاسه على النصوص
العنوان نفسه يشكل مدخلًا بليغًا لفهم الديوان، حيث تعبر “الجمرة” عن الشغف الذي يحترق داخل القلب، بينما تشير “الفوهة” إلى حالة الاستعداد للانفجار، مما يضعنا أمام دلالة مزدوجة تجمع بين العاطفة الجياشة والتوتر الداخلي الذي يسبق اللحظة الفاصلة بين الصبر والانفجار، وهو ما نراه منعكسًا في كثير من النصوص التي تتأرجح بين الحب الحالم والخذلان الصادم.
المحاور الموضوعية في الديوان
- الحب بجميع تجلياته
تتعدد وجوه الحب في الديوان، فهو ليس مجرد حب رومانسي، بل يمتد ليشمل حب الأم، الأب، الصديق، والحياة. يظهر ذلك جليًا في قصائد مثل “أمي” و“إلى أبي”، حيث تفيض الكلمات بمشاعر الوفاء والارتباط الجذري بجذور العائلة.
- الحلم بين الواقع والمستحيل
تتكرر مفردة “الحلم” في عدة عناوين مثل “الأحلام الهاربة” و“في الأحلام واقع أجمل”، مما يعكس نظرة الشاعرة للحياة كمساحة من التناقض بين الحلم والواقع، حيث يصبح الحلم وسيلة للنجاة، لكنه في ذات الوقت معرض للانكسار.
- الخيبة والانكسارات الإنسانية
تكشف قصائد مثل “ذات خيبة” و“صفعة حلم” عن أبعاد الحزن العميق والتجارب التي تركت أثرًا بالغًا في الذات الشاعرة، حيث تتجلى مشاعر الألم وخيبة الأمل الناتجة عن فقدان الأحلام أو تعثرها في وجه الواقع القاسي.
- الوطن والمقاومة والشهيد
الوطن في هذا الديوان ليس مجرد مكان، بل هو كائن حيّ تنبض به القصائد، فيظهر في “وطن لا يشبه الأوطان” و“إلى فلسطين” و“صوت الشهيد”، حيث تعكس الشاعرة انتماءها العميق للأرض وقضية الحرية، مقدمة صورة شعرية تمزج بين الألم والأمل، بين الجرح والمقاومة.
اللغة والأسلوب
تمتاز لغة الديوان بالعاطفية المكثفة والبعد المجازي القوي، حيث تعتمد الشاعرة على التشبيه والاستعارة والصور الحسية لخلق مشاهد شعرية نابضة بالحياة. كما يتجلى الإيقاع الداخلي في كثير من النصوص، مما يعزز من الأثر الموسيقي والوجداني للكلمات.
في النهاية
ديوان “جمرة على فوهة قلب” هو رحلة شعرية متقدة، تنبض بالحب والحلم والخذلان، حيث استطاعت ثريا فياض أن تترجم مشاعرها إلى لوحات شعرية تحمل الكثير من الوجد والتوهج الإنساني العميق. إنه ديوان لا يكتفي بسرد الأحاسيس، بل يجعل القارئ شريكًا في تجربته، متنقلًا بين شغف الحب، وانكسارات الأحلام، وصوت الوطن الذي لا يخبو.
بهذا الديوان، تثبت الشاعرة مرة أخرى أن القصيدة ليست مجرد كلمات، بل هي نبض قلبٍ يحترق ليضيء
****

بعض الملاحظات على الديوان:
“يعاني الديوان من زحام في النصوص، مما قد يشتت القارئ ويؤثر على وحدة التجربة الشعرية. كما أن بعض النصوص تشهد إدخالًا متكلفًا للقافية، رغم أن طبيعتها النثرية لا تستدعي ذلك، مما قد يضعف انسيابية التعبير الشعري. كان من الأفضل ترك النصوص تتنفس بحرية دون تقييدها بقيود إيقاعية غير ضرورية.”
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي