الحِيل النفسية في مواجهة الشخصية السيكوباتية او (المختلّة نفسياً)
في ضوء نماذج طبية عصبية عند طبيب الأعصاب والدماغ د.حسان امهز
بقلم الدكتورة بهيّة الطشم
” لا يكفي ان نملك فكراً أو عقلاً جيداً ؛ المهم أن نطبّقه تطبيقاً حسناً.”
هي العبارة الذهبية لفيلسوف العقل ديكارت وصاحب امهات الكتب في فلسفة العقل وانفعالات النفس البشرية والتي آثرنا البدء باستقراء ابرز معانيها …فالعقل الذي مركزه الدماغ
هو أول ما خلقه الله….في الانسان وجعله متميزاً عن غيره من الكائنات ليكون….الانسان هو الحيوان العاقل أو الناطق في الكوزمولوجيا ( عالم الوجود) قاطبة.
ولا نغفل فكرة جوهرية مفادها أن الانسان هو حيوان ضاحك….فالضحك هو سمة استثنائية في هيولى الانسان …تنطبع في ارهاصاته الانطولوجية وبشكل نسبي…وتتباين أسبابها وتداعياتها
وفقاً لاختلاف طبائع البشر…
وغالباً ما يسعى سكان كوكب الأرض إلى جعل الضحكة رفيقتهم الدائمة وإن اختلفت كلياً أو جزئياً معالم سلوكياتهم الظاهرة والمستترة…وكذلك مهما تباينت وسائلهم في تحقيق غاية الغايات في حياتهم…( وجه السعادة….والضحكة الصادحة التي لا شقاء بعدها).
إنه الدماغ….موئل العقل….( شمس الأحكام الصائبة)…ومُلهم الفلاسفة وتاج العباقرة السرمدي…
وبالعودة الى الكلمات العقلية لرافع لواء القوة الناطقة بالمنطق وأب الحكمة….ديكارت..ومؤلف كتاب ( مقالة الطريقة لحُسن قيادة العقل).
البشر متساوون في قوة العقل ومختلفون في قوة الاختراع…
وقد خصّ الكلمة الأخيرة بمعاني فائقة بالعقلانية …ذلك ان الاختراع متلازمة بالأفعال والسلوكيات…
ونستحضر هاهنا بإعجاب القول الرائد لفيلسوف الوجودية سارتر: ” الانسان انسان بما يفعل.”
و والفيلسوف وعالم النفس الألماني كارل ياسبرز.: الانسان انسان بما يفكر ويفعل.”
لنلتمس ان القوة التفكيرية في الدماغ البشري هي المحرك الديناميكي الذي يوجّه السلوكيات المتنوعة….ولا غرابة في هذا السياق من أن نقدّم فكرة بارزة على طبق الاستنتاج المرتكن الى بنات أفكار العقل نفسه….ألا وهي أن المجنون ليس فاقداً للعقل…ولكن عقله يعمل بطريقة خاطئة ويأمره بسلوكيات شاذة وغريبة عن المألوف فيما هو متعارف عليه في العقل الجمعي….
وفي سياق استقراء مسوّغ الوجود الانساني ( العقل)
نستحضر بإعجاب شديد قول أمير البلاغة والبيان الامام علي (ع): ” ان أكبر الغنى العقل واكبر الفقر الحمق.”
واذا ما انبثقت الأفكار بإختلافها من العقل ….فإن الدوافع هي التي تحرّك السلوكيات البشرية ؛ كما أن الأخيرة….( السلوكيات) هي ترجمة للعقل….على اعتبار أن التصرفات هي وحدات القياس لمعالم شخصية الانسان.
ذلك ان الدوافع بتباين انواعها…
ترسم حنايا كل شخصية تبعاً لدورها في تنفيذ السلوكيات…
فرصد التصرفات تحت مجهر التحليل العقلي مع تراكم المواقف المتنوعة إبّان الفترات الزمنية المتلاحقة….هي العامل الأبرز في متابعة الاستراتيجية الامثل لكيفية التعامل مع الشخصية السويّة أو المرضية…
وها هنا….وفي الراهن المعيوش …نجد أنفسنا بأمسّ الحاجة الى التخطيط النفسي والتنفيذ لمواجهة أخطر انواع الشخصيات ألا وهي السيكوباتية أو صاحبة الاختبار النفسي التي تجمع الكم الأكبر من العُقد النفسي السلبية وتسبب بوجود ضحايا نفسيين من جراء تعنتّها السلوكي المَرَضي…
يتصف صاحب هذه الشخصية اللاسوية بما يلي:
النرجسية المتطرفة، جنون العظمة؛ التقلّب الانفعالي؛ سلوكيات شاذة؛ عناد عُصابي؛ انفصام في الشخصية؛ خلق سيناريوهات درامية؛ التلاعب النفسي بالأشخاص المحيطين به؛ المتاجرة بشعور الآخرين؛ فقدان حس التعاطف مع الآخرين أو الاحترام؛ والعنف اللفظي والجسدي دون استثناء اي شخص قريب؟ ميول انتحارية كاذبة…؛بمعنى جعل الآخرين يتوهمون بإقدامه في اي لحظة على محاولة الانتحار…( الضحك…والتنمر…تدخل في تركيبة شخصيته المَرضية ايضاَ …المازوخية( يشعر بلذة في تعذيب كل المقربين ومن يحب…)
وفي ما يلي أهم الحِيل النفسية في النجاح للسيطرة على نمط الشخصية السيكوباتية اذا ما فرضتها الظروف لتكون بيننا…
١.التجاهل
٢.عدم النقاش وعدم إعطاء جواب قاطع على سؤاله وجعله فيحيره دائمة
٣.عدم الانفعال الشعوري والمتسرع…
٤.عدم إظهار اهتمام مفرط في أقواله أو أفعاله.. او محاسبته على أقواله..او افعاله المسيئة من ناحيتنا..مباشرة….بل بطريقة ذكية وصامتة وموارِبةوبعد فترة…ومن خلال المواقف دون معرفة للعناوين والتفاصيل.
الابتعاد عن الصراحة الكاملة معه…واعطائه
فقط بعض الجزئيات المعرفية للمواضيع المشتركة عند الضرورة.
الحرص على التعامل معه بطريقة سطحية وعدم تبادل أفكار عميقة معه او أسرار…او مشاريع عملية….لأنه يتصف بالغباء المتذاكي… ( يتهم نفسه بالذكاء)!
- التعامل معه بمرونة عند الضرورة وجعله يتوهم بأننا أصدقاء له…
مثلاً : إحدى المعالجات في المجال النفسي تعمد الى إشعال سيجارة معة وتسترسل معه في الحديث لسبر غور تفكيره ومعرفة ما يخطط له…وتحاوره بإيجابية واختصار في ازمه…واستعراض أمامه عدة حلول من باب الحرص عليه….وكي لا يُقدم على أفعال عدائية.
اعتماد أسلوب الترهيب والترغيب في ما يحب ويكره والعمل على نقاط ضعفه…ومحاكاتها بذكاء عاطفي …. - جعله يقتنع بأن ضحاياه النفسيين في أسوأ حالتهم الصحيه لكبح ثورته العصبيه والحد من سلوكياته العدائية تجاهم…
- جعله يتوهم أننا اصدقاءه ونلعب معه لعبة الثقة…..
- وبذلك نأخذ أفكاره الحقيقية ونعطيه أفكار وهمية عنا….
- اعطاءه بعض الأشياء التي يحبها كهدايا من وقت لآخر..وعند الضرورة خاصة حين يطلب..دونما افراط….
- ظهار بعض الضعف أمامه حين يتطلب الامر….
- منحه الشعور بالمسؤولية المؤقتة حين يتطلب الامر…
- وضعه تحت المراقبة السلوكية….بطريقة لا يشعر بها…..ومهما كانت أفعاله عدائية أو غريبة….يجب عدم اظهار ردة فعل قوية. أمامه….بل التحلي بالحكمة والرويّة….
- واتخاذ إجراء عملي يحميه ويحمي المحيطين به
اذاً العقل وهو الغريزة الجوهرية لإنسانية الانسان ومرتعه الدماغ….
هو أداة وأورغانون الفهم والربط والتمييز والاستنتاج ….
وبانوراما السلوكيات هي صورة واضحة عن
طبيعة الذكاء أو الغباء العقلي لأي انسان…
وما أرقى….ان تكون السلوكيات المرتكزة على العقل الراجح دليل الانسان في سلوكياته الفردية والجمعية!
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي