
همس الأقدار- د. جيهان الفغالي
في أمكنة مررنا بها ذات يوم، أمكنة كانت تشبهنا، نعود إليها لنجد أنّ البُعد غيّر كلّ شيء.
عدنا علّنا نجد شيئًا منّا، من قلوبنا التي حاولت المسافات تحطيمها. لكنّ البُعد بدّل ملامحنا، باتت غريبةً عنّا..
عُدنا لنعثرَ على بقايا ذكريات تركناها لنحيا بها، فإذا هي تقضي على الأمل فينا.
حتّى الجدران ما عادت تعرفنا، وبساتين اللّوز أمام المنزل العتيق تعبت من تيهِ عبيرنا.
أيُعقل أنّ الأمكنة هي التي تبدّلت، أم أنّنا آثرنا أن ننفض عنّا غُبار الماضي لنُنقذَ أنفسَنا من طيف الحنين؟
ربّما لم نعد، حاولنا العودة. لكنّ الزمن ألقى سبلَه خلفنا.
كنّا نبحث عن حقيقةٍ قديمة، فوجدنا وهمًا جديدًا.
ربّما كبُرت فينا الخيبات لا السّنوات…
ربّما عظُمت المسافات لحظة الاقتراب..
اقتربنا من الذكريات بحذر، لامسنا صورًا باهتة، وضحكنا..
وفي كلّ أمسيةٍ تهمس أقدارُنا: هذا ما حصل، هذا ما يجب أن يحصل..
في كلّ أمسية تسكن أصواتُنا التي تمتمت يومًا أسماءهم..
نغلق أعيننا لا خوفًا ولا ضعفًا، بل كي لا نرى ما لم يعد يشبهنا..