اللسع الحامي للثرثرات المُحبَّبة لفراس حج محمد
بقلم: د. سرمد فوزي التايه
كلما اعتقدنا أننا بِتنا قريبين من فراس حج محمد، وأننا صرنا نعرف تفاصيله وتفاصيل حياته المكنونة منها أو المستورة أو المنشورة، المُباحةِ أو السرِّيَّة، ما خفي منها أو ما أُذيع على العلن؛ نكتشف أننا ما زلنا نجهل الكثير عن كُنه، وخبايا، وخفايا، ودفائن هذا الانسان والكاتب والشاعر الواضح، الصريح، المُشاكس، المُزعج، المُدهش، الجريء، البسيط غير المُتكلِّف، والكثير الكثير من الأوصاف التي أعرفها أنا عنه شخصياً خلال معرفتي به وزمالتي له لقرابة ثلاثة عقود من الزمان؛ ابتداءً من أيام الجامعة وصولاً لأيام العمل معاً في سلك التربية والتعليم، ناهيك عن اطلاعي على بعضٍ من شخصيته من خلال قراءة العديد من كتبه وكتاباته التي أهداها إياي على مراحل وفترات زمنية مُتباينة، أو ما حُزتُه منها من خلال أصدقاء مشتركين لنا، فكنت أتناولها بدايةً كأي قارئ لأي كتاب إلى أن اكتشفت أنها غير الكتب الأخرى؛ إذ لا يمكن قراءتها بصورة عادية عابرة؛ فهي بحاجة إلى التَّعمُّق بها ونبش جذورها بصورةٍ مُبالغٍ فيها لما تحويه من غرائبٍ، وعجائبٍ، ويومياتٍ، وتناقضاتٍ، وبوحٍ، وسفورٍ، ومُجونٍ، ودُموعٍ، وأسى، وألمٍ، وقهرٍ، وحياة بكل تجلياتها وتفصيلاتها ومعانيها.
لقد وجدت في كتابه (الثرثرات المُحبَّبة) الصادر عن دار الفاروق عام 2024، فراس حج محمد كما هو دون مواربةٍ، أو تغطيةٍ، أو سترٍ، أو تعتيمٍ، أو تشويش؛ فقد قام– سامحه الله- بتجريد نفسه وتعريتها من كل ما غطاها وجلّاها حتى أزال عنها الحجاب واللباس الذي واراها ووارى سوأته؛ ليُبرز تلك السوأة ويُبينها ويكشفها للعيان دون خوفٍ أو وجلٍ أو فزعٍ أو توجُّس! تاركاً العنان لمن أراد أن يُبحر في خصوصياته، ويغوص في يومياته بأن يفعل ما يشاء وما يُريد عن طيب خاطر منه دون أن يجد أو يواجه أي مانعٍ، أو ملامةٍ، أو تحفُّظٍ، أو قيود.
في هذا الكتاب الذي يقع في 292 صفحة يقوم الكاتب بعد الإهداء والمقدمات بتوضيح لماذا توقف عن كتابة الرسائل، ثم ينتقل للحديث عن معنى “النُبل” ويُصرُّ بعنوان الجزء الأول القول أنه “لن يكون رجلاً نبيلاً”، ثم يستهل برسالةٍ إلى أميرة الوجد (ش. ح)، ثم رسائل (2016 و2018)، تلتها رسائل (2019)، ثم رسائل (2020)، وبعدها رسائل (2021)، وبعد ذلك رسائل (2022)، لينتقل بعدها إلى ثلاث رسائل من (ص. ز)، ورسالة صوفي، ثم قصيدة ورسالة، وأخيراً جزء مُتعلق بتعليقات جمهوره على رسائله، وختاماً المقال حول ما جاء في قصيدة المحاكاة “ما حاجتي لرجل”.
وفي شيء من التمحيص، والتشريح، والتحقيق، والتدقيق بما جاء به هذا الكتاب، نجد أن الكاتب قد وضع في افتتاحية كتابة هذا توضيحاً منه لماذا توقّف عن كتابة الرسائل، فيُبرّر ذلك في صفحة 10 لماذا يكتب الرسائل ولا يكتب الرواية ليقول: “إنَّ كتابة الرواية كتابة لقيطة في حصن الرواية، الرواية لن تُعمِّر طويلاً، فلولا مجموعة من الجوائز لهذا الجنس لم تجد هذه المواليد المُشوَّهة”. من هنا، فإنه يرى حريته في كتابة الرسائل التي يستفيض بها ويبتعد عن كتابة الرواية ليُؤكد ويقول: “لماذا عليَّ أن أهجر حريتي في الكتابة كما تشتهي الكتابة ذاتها؟”
أما في الموضوع الثاني الذي سطره حج محمد بين جنبات هذا العمل، فقد كان حديثه عن معنى النُبل تحت عنوان “لن أكون رجلا نبيلاً”. وعند الوقوف على هذا الموضوع، ولماذا اختار هذه الاستهلالية والذي قد يجد القارئ غرابة فيها وبطرحها، ندرك جلياً أنَّ هذا المطروح هنا وبهذه الصيغة كان نتيجة ألمٍ شديد، وجُرحٍ غائر به صديد قد ألمَّ به وداهمه بغته عندما راسلته إحداهن لتقول له: “ينبغي أن تكون نبيلاً”! لتجد أنّ تلك الجملة قد أصابته بمقتل وبعصبٍ رئيسي؛ لتثور ثائرته، ويهيج ويموج، ويقول مدافعاً عن نفسه: لستُ كاتباً “غير نبيل” لأني أفشى أسرار حياتي الشخصية في الكتابة، لم أترك شيئاً إلا وتحدَّثتُ عنه”. ثم يستكمل القول: “أنا كاتبٌ غير نبيل لأني كتبت بإخلاص تجربتي العاطفية بكل حذافيرها”، ويؤكد في نهاية الفقرة: “ها أنا كاتب غير نبيل للأسف عند كاتبة الرسالة وعند كثير من القراء”، ثم تراه يُعزّي نفسه أو يلومها وهو يقول: “لم يخسر أحد من الكتابة كما خسرت نفسي”، ويختتم بهذا السياق ويقول: “إنني أؤكد أن ليس لي نصيب من مظاهر النُبل جميعها، لا في الذات ولا في التعامل ولا في العمل، فأي كاتب وأي رجل “غير نبيل” هو أنا إذاً؟ وعلى ذلك فمشروع “الرسائل” هذا الذي أصبح ناجزاً هو مشروع غير نبيل.
وبما أنّ فراس غير نبيل، فتحصيل حاصل أن تكون شخصيته مؤذية، ويكون هو شخصاً مُؤذياً مُزعجاً غير مرغوب به ولا مطلوب حضوره، وقد ظهر ذلك بقوله في صفحة 235: “مهمتي أن أُوذي كل من عرفت، هكذا تقول لي امرأة غاضبة. تبعث لي برسالة “حقودة” تقول في جزء منها: “أنت تلحق الأذى بكل من عرفك”. كما أنّ كاتبة وصديقة أخرى تقول له: “يا لك من كاتب، لم تُوفّر أحداً”، وتقول أخرى والتي تعتبر نفسها ضحية من ضحاياه: “كاتب مؤذٍ جداً”! وهنا يعترف ويقول: “الغريب أنني شخص مُؤذٍ، هكذا قال لي أصدقاء كثيرون”. ويعود ويقول: “أنا مُؤذٍ جداً بالنسبة لها”. ويستكمل: “لقد غدت الكتابة عنها كتابة تجلب لها التعاسة”، ويختم بالحديث: “لقد كانت هي أيضاً امرأة مُؤذية وأنا كنتُ كاتباً مُؤذيا”، “هي ذاتها تعتقد أنني كاتب غير نبيل”. وهنا نجد كم كان حجم الحزن والمعاناة والجراح التي تسببت له تلك الكلمة، لتجده يتحدث عن الإيذاء في الصفحات (235، 236، 237) وحدها إحدى وعشرين مرة!
في الطرح الآخر ضمن هذا الكتاب كانت رسائل إلى أميرة الوجد (ش. ح). وقد بلغ عدد الرسائل المُرسلة منها له ثلاث رسائل، فيما أرسل هو لها أربع رسائل تكللت باللغة الجزلة والجميلة، والمشاعر الفياضة النابعة من أعماق فراس وذلك عندما قال لها في صفحة 17: “عندما أفتح كتاب الله لأقرأ فيه، تحاصرينني في كل دقة قلب”، ثم يقول بنفس الصفحة: “سأظل مُشتاقاً لكل التفاصيل التي كانت تسافر في دمائنا، وتشرح عنا حُبّنا وحنيننا، وتحفر روحنا على جدار الوقت كي لا ينسى أحدنا أو كلانا تلك الروح التي اشتعلت بنا في كل لقاء، ونمت وأنبتت فيّ الحُبّ سبع مسافات خضر تفوح بنا في كل حين”، وأيضاً بنفس الصفحة: “يا غيمةً مُشبعةً بأنا، بماء الروح، تسكبينك فيَّ كأساً من ضياء ورؤى”، وفي صفحة 18 يقول: “فوضعتُ التراب في فمي وفمك حتى لا تُزهر النبتة على أطراف أصابعنا، وقد وجدت منبتها التي طلبته منذ سنين”، ومرة أخرى في صفحة 19: “أتنفسك وجداً وتتنفسني عبقاً أرجوانياً، فأنساني بينك، لأجد نفسي وقد تشكّلت نقطة حُب بين نقطتين هناك تُشكلان نهراً من أناي وأناك المُتوحدين على صدرٍ شهي”، ثم القول: “كم تهيأتُ اليوم لأكون بينك في خلاياك النادية، لتكون بيني في خلاياي المستطيلة المنادية”، وأخيراً: “ماذا فعلت بنا الأوقات ففتّت أرواحنا وشرذمت خلايانا، فرجعنا دوننا”.
أما في صفحة 21 فقد ظهر الابتذال والمجون السافر من (ش. ح)، ليرد عليها هو في قراءته الخاصة لرسالتها بذات المجون. ثم يستذكر أيامه الماجنة مع محبوبته في صفحة 24 ليذكر كل عضو فيها دون حياءٍ أو خجلٍ أو خشية. لكن على النقيض من ذلك وفي ذات الرسائل، يظهر لنا الإيمان العميق الذي يتحلى به وذلك عندما قال في صفحة 23: “لا أفكر بشيء وأنا في غمرة الصلاة هذا اليوم إلا بهذا: يا رب لا تجعلني سبباً في إزعاج أي إنسان، وامنحني القوة لأكون إنساناً جيداً يُدخل السرور على قلب كل من له علاقة معي”. ثم يقول بذات الصفحة: “تذكرتُ أياماً سابقة كيف كنتُ فيها فظّاً غليظ القلب مهووساً استجمع كل قدرة لشيطاني ليتغلب على ما تبقى في داخلي من نور”. ويستكمل في اعترافٍ خطيرٍ منه لنفسٍ لوامة: “أنظر الآن إلى مساربي الداخلية، العتمة الكثَّة، ذات نتوءاتٍ مُزعجة، أحاول استجلاء روحي لعلها تنظف مما علق بها من أدران أرضيتي المُتَّسخة بكل أنواع الهلام الحقير”.
وبتفحص ما جاء به الكاتب في متن هذا الكتاب والذي حاز على النصيب الأوفر منه، فقد كان فصل رسائل (2016 و2018) والذي بلغ مائة وإحدى وثلاثين صفحة، فيها خمس وستون رسالة منه إلى محبوبته؛ بعضها كانت خلال أيام معدودة وبعضها الآخر تراوح بين شهر أو أكثر. أما رسائل محبوباته له في هذه الفترة الزمنية، فكانت رسالة واحدة من (ل. م)، وإحدى عشر رسالة من (ف. ع). وبذات السياق، فقد كانت هناك رسائل (2019) بإحدى عشر رسالة منه لـ (ف. ع) والتي بادلته هي بسبع رسائل، ثم كان خمس رسائل منه ضمن رسائل (2020) لـ(ف. ع) أيضاً والتي ردَّت عليه برسالةٍ واحدة. ثم ينتقل للحديث عن رسائل (2021) والتي بلغت ثلاثين رسالة مُرسلة منه لمحبوباته أو صديقاته (ر. غ)، (أ. س)، (ف. ع) ليكون الرد عليه منهن بأربع عشرة رسالة، ثم يعود لعرض رسائل (2022) ليكون حصيلة ذلك العام رسالتين موجهتين منه لإحداهن بادلته (ص. ز) بثلاث رسائل. وفي الختام، كان هناك جزءاً أطلق عليه اسم رسائل صوفي، وقد تضمن أربع رسائل من صوفي لفراس ليرد هو عليها برسالة يتيمة. ثم أخيراً كان هناك فصل مُتعلق بـقصيدة ورسالة.
بالرجوع إلى كمّ هذه الرسائل، وبعد فحصها، وحلحة تركيباتها، وتفكيك جزيئاتها، يتضح لنا أنَّ جُلّها كانت مُخصصة للنساء دون أن يكون هناك حظ لذكرٍ واحدٍ على أقل تقدير. وقد تجلى ذلك وتم التأكد منه بداية بما كان من الإهداء في بداية هذا العمل الأدبي والذي قال فيه: “إلى كل امرأة راسلتها وراسلتني مع خالص الحُب والتقدير”. وليس دفاعاً عن فراس هنا ولا إشهاراً للسيف في وجهة، إلا أنه وحسب رأيي المتواضع، فإن الرسائل عادة ما تكون من القلب إلى القلب لا من القلم إلى الورقة، ولأن فراس قلبه مُتعلق بمحبوباته ونسائه الواقعيات منهن أو الافتراضيات، فكان لا بد له من أن يُخصص كل هذا العمل لهن حتى يلج به قلوبهن ويتربع على عروشهن. وما أكد ذلك، ما استند اليه مما كان من الأدباء العرب والغرب والذين ساروا على هذا النهج وهذا الطريق فيما مضى، فسار هو على نهجهم وخطاهم؛ فقال في الحديث عن هؤلاء الثلة ورسائلهم واقتدائه بهم في صفحة 84: “إنه ليحلو لي على نحو استثنائي الحديث عن المُحبين، فهم أصدقائي وعشيرتي، وتربطني بهم أكثر من رابطة، فهم مرهفون رهافة تبدو طاغية ومؤثرة”. وهنا نجده يتحدث عن رسائل هؤلاء المرهفين سيراً على خطاهم أو اتقاءً لشرور المُنتقدين له والمُعيبين على صنعته، فيذكر هنا رسائل فدوى طوقان وسامي حداد، غسان كنفاني وغادة السمان، آنسي الحاج وغادة السمان أيضاً، الفيلسوف الألماني مارتين هيدجر والفيلسوفة اليهودية حنا آرندت، فرانز كافكا وملينا؛ ليؤكد أنّ كل هؤلاء كتبوا رسائل حُب وغرام. ثم يعود مرة أخرى في صفحة 159 ليؤكد ذلك بالحديث عن رسائل هؤلاء الكُتاب لمحبوباتهم فيذكر رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة، ومرة أخرى رسائل كافكا إلى ميلينا، وآنسي الحاج وغسان كنفاني إلى غادة السمان، وأنور المعداوي إلى فدوى طوقان، وحنة آرندت ومارتن هيدغر، وفرناندو بيسوا إلى حبيبته، واليخاندرا بيثارنيك إلى مُعالجها النفسي ليون أوستروف.
وعلى النقيض مما قام به هو، يقول فراس في صفحة 166: “إنّ هناك رسائل من كُتاب وأدباء عالميين إلى ذكور وليس إلى إناث رغم أن بعضها افتراضي مثل رسائل يوسا إلى روائي ناشئ، ورسائل محمود درويش إلى شاعر شاب، ورسائل الشاعر ريلكة التي وجهها لشاعر شاب يدعى فرانتنز كزافر كابوس. ويستكمل في صفحة 167 فيقول: ثمة رسائل بين أديبين وليس بين كاتب وكاتبة؛ فهناك رسائل سميح القاسم ومحمود درويش، وقديماً رسائل جلال الدين الرومي إلى شمس التبريزي، ورسائل ريلكة إلى شاعر شاب، كما أنّ هناك رسائل بين أديبتين كما هو الحال بين فدوى طوقان وثريا حداد.
في ملاحظةٍ جوهريةٍ بارزةٍ عن رسائل فراس حج محمد إلى محبوبته أو محبوباته، أنّ تلك الرسائل قد امتازت وبشكل لافت بابتدائها وانتهائها بالغزل الجميل وكلمات الحُب الصادق والصافي أحياناً، وبالغزل الفاحش والكلام المبتذل أحياناً أكثر، وبسمة عامة ظاهرة وشائعة؛ وإذا أردنا أن نحصد جزءاً يسيراً مما قاله في تلك الرسائل وعلى سبيل المثال لا الإجمال نجده يقول في صفحة 47 في نهاية إحدى رسائله: “دمتِ جنّة في أرض أشواقي، باسمة كنجمة، باسقة كنخلة، مثمرة كشجرة دائمة الخضرة”، وفي نهاية رسالةٍ أخرى في صفحة 65: “فالروح تسعد كلما نهلت من خمرة حرفك”، ويقول في نهاية رسالة بصفحة 126: “دمت أجمل من الجمال، وأعمق من الفلسفة، أيتها الهادية إلى متون الفلسفة الروحية الجميلة”، وأيضاً في نهاية رسالة في صفحة 172: “لك القلب حتى ترضي، ولك الروح حتى تسعدي، ولك الشعر كله يا رب الشعر”.
أما في الكلام الفاحش، والأيروتيكية، والنشوة والشهوة والشهوانية، نستطلعه يقول في افتتاحية إحدى رسائله في صفحة 80: “طبتِ شهوة وجنون حب”، ثم يقول في صفحة 122: “جميلتي اللذيذة، ونص كتاباتي الأشهى، أسعدت نشوة وشهوة وكتابة”، كما قال في افتتاحية رسالته بنفس الصفحة: “شاعرتي الجميلة، وجميلتي الناعمة كالحرير، حياك وحي الشعر وبياك أيتها الشهية”، وفي بداية رسالة بصفحة 160: “أسعدت أوقاتاً ونشوةً أيتها الكاملة في شهوتها وجنون حُبّها”، ويُبرّر حديثة هذا بالقول في نهاية رسالة في صفحة 164: “أُحبك أيتها الجميلة وقليل من العبث مع النساء لا يفسد للحُب قضية”، ثم تراه يختتم رسالة له في صفحة 212 قائلاً: “إلى اللقاء أيتها الغنية بشهوة الجنون المُتّقد”، ثم في صفحة 222: “الشهية اللذيذة الجميلة التي لا تُقاوم”. وطبعاً غير ذلك الكثير.
وبالغوص في عنوان “الثرثرات المُحبّبة”، نجد أنها بالفعل ثرثرات مُحببة لشخص فراس، كيف لا وقد ذكر هذه الكلمة وتشكيلاتها جذرها (ثرثر) في كتابه هذا ما يزيد عن خمس وعشرين مرة! لتكون هذه الكلمة جوهر الكتاب وفحواه وأصل محتواه. هذا وقد تباينت هذه الثرثرات وتعددت حتى شكَّلت جسم هذا الكتاب ومتنه وأصله بموضوعاته المُتعدّدة التي تعدَّدت وتنوَّعت وتفرَّعت وأخذ يطرق أبوابها باباً وراء باب، وقد تجاوزت خمسة وثلاثين موضوعاً راح يدور في رحاها ويُحدّث عنها بإسهابٍ وتكرارٍ أحياناً، وباقتضابٍ وإيجازٍ أحياناً أخرى؛ فقد تحدَّث على سبيل المثال عن الحُب الخالص والنقي والتَّعلق بمحبوبته، كما تحدَّث عن المجون والجنس والأيروسية وتأليه المرأة، وتطرق للهموم والديون والبؤس والتشاؤم والحالات النفسية التي كان يمر بها، غير مهمل الحديث المُتكرر عن الإعاقة التي يُعانيها، إلى جانب تناوله الحديث عن الأسرة التي ينتمي إليها، والعمل بالإشراف التربوي الذي يمارسه، كما تطرق ملياً للكتابة وجدواها وإيمانه بها، ناهيك عن تعرُّضه بإسهاب للثقافة، والادب، والكُتّاب، واتحادهم، ووزارة الثقافة، والناشرين، والجوائز الأدبية ومعضلتها، لتراه يُعرِّج بعدها على السياسة، والسلطة، والعمل الوطني، والقضية الفلسطينية. كما أنه لم يغفل الحديث وبأكثر من مرة وأكثر من موضع عن الصور والتَّعلُّق بها، غير مُتناسٍ الموضوعات الدينية، وفلسفة الإلحاد، والموت، وإلى غير ذلك الكثير من الموضوعات دون أن ينسى أو يتناسى أصدقاءه، وتحديداً صديقه الكاتب والناقد رائد الحواري الذي يُحب أن يُسميه الطليعي، والذي كان له النصيب الأوفر من الذكر بين دفتي هذا العمل، إضافة إلى صديقه المحامي والكاتب الحيفاوي حسن عبادي. هذا وقد أرهقنا كثيراً عندما راح يُظهر التناقض بحديثه حينما يفخر ويعتد بنفسه تارة، ويجلدها تارة أخرى على وقع من السوداوية والإحساس بالذنب لما اقترفت يداه وعيناه وحواسه جميعاً.
لقد كان حج محمد مُقتنعاً تمام الاقتناع بما كتب ونشر ضمن أروقة هذه الأوراق دون أن يخشى لومة لائم، أو سطوة حاكم، أو نقد مُنتقد، أو ظُلم ظالم؛ فوجدناه يقول بهذا الصدد وبكل قناعةٍ وبصوتٍ جهوريٍ عالٍ في مُحكم تعليقه على رسائل جمهوره في صفحة 274 عن أدب الرسائل: “إنه فنٌ قديم، فيه يخرج الكاتب عن التزامه بحرفية الكتابة ليكتب بأريحية، وهو يندرج ضمن أدب البوح والاعتراف، وعادة ما يكون الأسلوب غير مُتقن، لأن من كتبه لم يُفكر بنشره، وما نُشر منه نُشر بعد وفاة كاتبه”. ويستكمل: “تُتيح لي كتابة الرسائل الإطناب والانتقال من موضوع إلى آخر بحُرية أكثر من المقال”.
وبالرجوع إلى فلسفته بهذا الشأن وهذا المضمار، فقد رأينا بأم أعيننا ما سطَّره هنا عن المجون والسفور والفُحش والفسوق والتي غزت رسائله بكل شراسةٍ ودون هوادةٍ أو مُهادنةٍ أو مُداراه؛ لتكون تلك الثرثرات غير مُحبّبة لي على الأقل بوجه خاص، غير أنها قد تكون مُحببة ومرغوباً بها له ولمحبوباته وللكثير من جمهوره العريض؛ فقد أتى على كل شيء مُتعلّق بالجنس والأيروسية دون مواربة، أو اتقاء، أو سترٍ، أو تستُّر، حتى أنه قال مٌعترفاً بذلك في صفحة 47: “أصبحت فيها ماجنا بشكل مُرعب ومُخيف”. كما أنه ذكر العلاقة الحميمية والعلاقة الجنسية في صفحة 49 مُبرراً ذلك بأن الروح هي من تطلب ذلك فيقول: “ممارسة الجنس بحُب حتى خارج العلاقة الشرعية سيكون لها لذّة النشوة غير المُتناهية ما دامت الروح هي التي تطلبه”. وزيادة على ذلك يقول في صفحة 50 إنه تعرف على نبتة في فلسطين تسمى (الآيروس النصراوي) ليؤكد أنّ هذا المصطلح ليس محصوراً بالبشر ولا حكراً عليهم فحسب، وإنما النباتات لها حظها منه أيضاً.
في هذا المقام، وفي هذا المقال، يقول كاتبنا الكثير وأكثر مما ينبغي أن يُقال، ولا يتسع المجال هنا لذكر كل ما خطر بباله وقال لكثرته واكتظاظه وازدحامه؛ فإذا أردنا التّبحُّر في هذا الشأن، فإن ذلك يتطلب كتابة مقال عريض خاص بهذا الموضوع، إلا أننا سنستعرض جزءاً يسيراً مما قال وثرثر، فعثرنا عليه دون تعبٍ منا أو تمحيص؛ فقد ورد قوله في صفحة 107 أنه عندما أخذته سِنةٌ من النوم فرأى محبوبته بكاملها حتى راح يصف أعضاءها عضواً عضواً ويذكر ما جرى بينهما بعد ذلك. ثم تراه يقول في صفحة 194: “على مدار الأيام السابقة حلمتُ بكِ وحلمتُ بنساءٍ أخريات، أصحو من مناماتي مهجوساً بك. ضاجعتك وضاجعتهن في تلك المنامات”. ويستكمل في الفقرة التالية: “أفكر أنني لن أعود إليك إلا إذا كان لقاء المصالحة بيننا على مائدةٍ شهيةٍ طويلةٍ نتناول معاً أجسادنا بكل عنفوان”.
وفي ذات السياق وفي صفحة 183 تحديداً والتي جعلها افتتاحية لرسائل (2020) فيقول: “من حليبك تُخلق ملايين الكائنات، وتتفتح بضحكتك الأزهار، وتتشبع بشهوتك شهوة الإلهات والحوريات، يا لك من امرأة بحر لذة لا ينتهي، وبركان شهوة لا عاصم منه إلا به”. ثم في نفس الصفحة: “تراوديني عن فمي المعطوب بالقبلة المشبعة المحتدمة”، ثم يستكمل كلامه المُبتذل بصورةٍ فاحشةٍ فاضحةٍ ويقول في صفحة 190: “كم أتمنى أن أتذوق طعم لذتك ونشوة شهوتك، لكنك ما زلت تتمنعين وترفضين”، وبنهاية صفحة 222: “كم أنت امرأة شهية، بعيدا عن حشري بقائمة الذكور والنسوية، في لحظة أنسي من أنا، وأرتد إلى طبيعتي الوحشية غير المُهذبة، وأفكر في افتراسك دون أدنى رحمة”. ويكمل: “لا أرى إلا الشياطين تأزني أزاً لآخذك دفعة واحدة دون مقدمات”، وفي صفحة 223: “أنا لا أشتهيك وحسب، بل لا أعرف إلا أن أشتهيك كل الوقت”، ثم في صفحة 230: “ربما لم يعجبك أنني أشتهيك، وأطلب ممارسة الحب معك، وتخافين من ذلك، لماذا تخافين من الكتابة إليَّ وممارسة الحب معي؟ فهل ستجعلك الكتابة هامشاً وحواشي كما توقعتِ. إنكِ أهم متنٍ في مشروع الكتابة، فكيف تتحولين إلى حاشية هامشية”.
ليس كل ما كتب هذا الكاتب “الفتى الطريد المشاكس” كما يقول عنه إبراهيم جوهر في صفحة 276 يُعيبه أو يضعه في قفص الاتهام لينال عقابه وعقوبته أمام العالمين، فهو عنده “جميلٌ ومُدهش” و” يكتب بوعيٍ وحُزنٍ كبيرين ليُعري المرحلة التي يراها الناس عارية لكنها تُصرّ على أنها ترفل بثياب التفاؤل والبهجة”، فهو “حالة مُتشظية” و”أفكاره جنونية” كما قال عنه شريف سمحان بنفس الصفحة، وأنه “كاتبٌ مُتجدد ومُتمكن من أدواته ومُفرداته وتطويعه للنص”. وأنا هنا أوافق هذين الرأيين لما عاينته بأم عيني من جميل ما كتب كاتبنا بلغته الجزلة، ومشاعرة الدافقة الفياضة النابعة من الأعماق، إضافة إلى أحاسيسه المُرهفة التي ركب مركبها وقاد دفتها مُستعيناً برنين حروفها حتى أوصلته إلى الشاطئ الذي يُريد هو بالتحديد؛ فنجده يقول في هذا الصدد وبكل صدق في صفحة 28: “تحتلين كل مساحة من كياني بعد أن عجنتِ تلك الخلايا الناعمة بجسدي المُتيبّس، فانبثقت أولى القصائد تصف ذلك المعروف لديّ المُعرَّف بقطعة سكر وكأس سُكْر”، وفي صفحة 29: “أعلم أنَّ ما بين الموعد والموعود وقت يموت”، وفي صفحة 30: “اكتملتِ وحدك ونقصتُ وحدي”، وفي ص 52: “إنَّ الكلمات خادعة، خائنة، وربما خانعة، خاسرة، خائبة، وبغض النظر عن خاءاتي المتكاثرة، ربما سيكون لها بعض نفع، فرب نافعة ضارة”، وفي صفحة 58: “ما زال سحرها الغيبي يأكلني يومياً ويقتات على روحي”، وبنفس الصفحة: “كيف كانت ذاتي تنسلخ من ذاتي ذاتاً أخرى، بل ذوات تتفتت كائنات نشوى راقصة فرحاً بذلك الجمال”، وفي صفحة 59: “أنتِ الحبيبة التي أشتاق رشفة من كأس خمرتها لعلي أهدِّئ ولو قليلاً من صهيل الجنون في دمائي المُتصببة عشقاً وشوقاً وأرقاً”، وفي صفحة 104: “لا أريد إلا أن أحيا بالموت فيك، ولا أموت إلا بالحياة فيك”، وفي صفحة 228: “كنتِ أول حرف وبوح بامرأة الشوق واللظى والحنين، كنت من أول ليلة ياسمينة للفرح المُقدس والنشوة المُعدة بأرجوانية الصفائح الإلكترونية، كنتِ أنثاي وكنتُ إنسانك حاضرك ومستقبلك، كنتُ لكِ وكنتِ لي، تذكرين جيداً كيف كنا وكيف أنتِ الآن تهربين من معمعة الصدى الصارخ في كل كيان الكون بأن جريمة عاطفية تُرتكب بحق ذلك المصلوب في الريح، أتدرين من هو ذلك المنقوع في رماد ارتعاشه؟ إنه أنا”، وفي صفحة 234: “ولكنا خلقنا اللحظة التي فيها نحترق سوياً في مراشف العشق الندية التي تُحولنا إلى نبتتين خضراوين نابتتين على أطرافنا”، وبنفس الصفحة أيضاً: “تعالي لتصوغي لغتي على شفتيك قبلة وقصيدة ولحظة فرح فردوسية لا تنتهي”، وفي صفحة 247: “أعود اليك وتعودين إليّ كلما ضاقت النفس بأسرارها، لأجدك حضناً دافئاً، يحضنه الصباح، ويخصه بكل بوح جميل في معناه، مسافر نحو دهاليز النفس، يفتش عن كل بارقة نور تسطع هناك، لتلقاني وقد تهيأت لأكونك وردة تضمينها إلى ورود بساتين العاشقين، فتروينها بكأس خمرة المُعتقة الحنين” ويستكمل: ” أعود اليك كطفل بريء إلا من غواية الحب العفيف الذي يطلبك كل صباح ليراك أسنى وأبهج وأكمل”، أما في صفحة 248 فيقول: “فما هو أنا غير ذلك العمر المتراكب في ذاتي ووجداني وعقلي، صقلته التجارب ونحتته الظروف ليخرج في نهاية المطاف أنا بصيغة ما”، وأيضاً بنفس الصفحة: “يكتبنا الزمان بسفره كما يحلو له القدر، وهل لنا أن نعترض؟” وأيضاً: “من منا لا ينظر إلى سني عُمره المقطوعة كأنها غابر وعابر وشيء ما”.
وفي التشخيص الواقعي والنهائي للحالة التي اعترت فراس والتي رحنا نتفحصها روياً على وقع ما خطّه قلمه بتلك الرسائل لمكونات هذا الكتاب، نُجمل ونقول: إنْ ليس فراس بالرجل السيء، وليس مؤذيا ولا غير نبيل كما قيل عنه. ورغم تحفظي على الكثير من مواضيعه المطروحة في رسائله الأيروسية التي جاء بها مُتبّعا للمنهج الأيروتيكي والذي يتحفّظ عليه الكثير وينتقده الأكثر كما بدا في رأي (سماح خليفة) التي انتقدته وقالت في صفحة 274 ضمن فصل (التعليقات على الرسائل): “إنّ ما كتبته سابقاً بخصوص المرأة أو الأنثى يكاد يكون مُتشابهاً أو ربما هُيئ للقارئ ذلك، ولذلك أصاب القارئ بعض الملل من جراء ذلك”، كما قالت (نور التوحيد يمك): “لستُ أدري ماذا يُسمى هذا اللون الأدبي، ربما هو بوح محشو في رسالة أو أنه فنٌ أعمق منه، وأن ما يُسميه هو تحرراً في كتاباته يُطلق عليه السواد الأعظم من القراء في دولتنا (انحرافا) خاصة أننا بلد محافظ موشوم بالحياء، لا ننكر أنه موهوب وإبداعه يسبق زمانه، لكن كتاباته كما قلت مُتحررة، ولن تجد بسهولة تقبُّلاً لها لدى القُراء”.
وفي هذا الشأن، ورغم كل شيء خاضه بين جنبات هذا الأدب، نرى أن الكثير من جمهوره القُراء والكُتاب والأدباء راحوا يمتدحونه ويطرون على كتاباته، ونذكر منهم سامح أبو هنود، مريم ربيع، مادونا عسكر، خلود نزال، ونزهة الرملاوي، كما امتدحته إحدى صديقاته (ع. ح) في صفحة 277 قائلة: “إنه يمتلك ناظوراً له قدرة على التسلل لأعضاء الجسد لأخذ صورة تشخيصية لها، إضافة إلى صورة طبقية للدماغ، قادر على فض عُري الروح، وعلى رؤية نفسك عارياً أمام المرآة مع بعض النتوءات والتضاريس والتشوهات غير المرغوبة في الجسد، وهذا شيء لا يجسر عليه أحد. وليس صديقته (ع. ح) هي فقط من تقول ذلك فحسب، بل إنّ إبراهيم سرحان يقول له: “تتحفنا دائماً بإبداعاتك وينتابنا إحساس أن ما عجزنا عن استخراجه من قلوبنا قد أتى لنا جاهزاً وعلى طبقٍ من ذهبٍ من خلال بلاغتك وصورك البيانية الرائعة. فيما تُؤكد ماجدة الفرجاني القول: “لولا نظرياتك العلمية المدروسة جيداً وبعض كتاباتك وأشعارك الجيدة فلن تجد قارئاً واحداً”، أما جمانة العتبة فتقول: “لا زلت أرى فيك كاتباً فذاً ورائعاً رغم اعتراضي على بعض النصوص والأشعار. وتستكمل: “الأهم بأنك تُسطّر بقلمك ما ينبش أفكاراً لم يتسابق إليها كُتاب آخرين، فأنت مُميَّزٌ بكل كتاباتك”. وتختم كلامها: “هناك من ينتظر منك الأفكار الجديدة والجميلة، فلك الحق أن تكتب عن الحق والخير والجمال. سأبقى أقفز عما يُزعجني وأعمل على قراءة باقي النصوص”. ويقول زياد الجيوسي: “يا صاحبي أنت مُشاكس، ولست شريراً”، وتقول زهراء فاضلي: “شخصيتك الواضحة والصريحة انعكست على كتاباتك وجعلت الوضوح يتسيد على ناصية الكتابة لديك، أي عندما كنت أقرأ ما أرسلته لي، كنتُ أراك دون قناع لا توظيف رمز، لتقي نفسك من الآثار المُوبقة، وهذا ما يجعلني أخاف عليك من قلمك”. وتختم قولها: “الأمر إليك، وافعل ما تراه صواباً بشرط ألا تُسبب الأذى لنفسك ولمن يحتاجون لحضورك بجانبهم”. وتقول منى النابلسي: “أنت كلما احترقت أشرقت أم أنك كلما أشرقت احترقت؟ ستقتلك الكتابة، أرجو لك موتاً مُدهشاً وحياة أبهى من الحياة”. وهذا صديق له على الفيس بوك يُجمل القول عنه: “كنتُ أظن أنّ الأطباء فقط يكتبون وصفات تُصرف من الصيدلية، إلا أنني اكتشفتُ أن الشعراء والكُتاب أيضاً أطباء”. فيما تقول قمر عبد الرحمن أيضاً: “لو كان هناك من يُقدِّر الأدب كما يجب، لكنتَ بلا مُنازع شكسبير فلسطين. وتستكمل: “لا تستعجل، ربما المجد الحقيقي بعد الرحيل، وهذا مُفرحٌ ومُبكٍ في ذات الوقت”.
وفي الخلاصة نقول: إنَّ الحالة والهالة والمآلة التي جاء بها فراس حج محمد هي حالة فريدة في جوهرها ومظهرها ومغزاها ومستواها أكاد أُجزم أنه لم ينازعه عليها أحد، ولم يقتفِ أثره أيّ كان؛ فقد تطرَّق في كتابه هذا إلى كل مُعتركات الحياة اليومية وما عاينه وما عاناه على هامشها وفي متنها وصُلبها وبين جنباتها؛ وناهيك عما تناوله من موضوعاته الشتى المتضاربة الاتجاهات بثرثراته المُحببة وغير المُحببة، إلا أنه قد أبدع لغةً ومشاعر، وعزف نشيداً فريداً من نوعه، واقتبس من القرآن والسنة النبوية، واستعان بأقوال الصحابة، ولقَّح رسائله بالشعر أحياناً، وشرَّق وغرَّب بأحاديثه وهو على قناعةٍ تامةٍ بما يكتب؛ حتى بات كل موضوع قد تطرَّق له ضمن هذه الرسائل يصلح لأن يُكتب عنه مجلد، أو رسالة ماجستير، أو أطروحة دكتوراه، أو حتى في أضعف الإيمان مقالةٍ نقديةٍ مُستثقلةٍ، بليغةٍ، زخمةٍ، ومُكتنزة.
بعضا من أنا /خالد البطرواي
بَعضًا من "أنا .......... كُنّا في عَجَلةٍ من أَمرِنا حينَ كانَ الموتُ يُلاحِقُنا، أخذَ نِصفَنا... وبَقينا بَعضَنا، بَعضًا من "أنا"،...
اقرأ المزيد



















