السبت, ديسمبر 13, 2025
  • أسرة التحرير
  • مجلة أزهار الحرف
  • مكتبة PDF
  • الإدارة
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير
البداية أدب التراجم

المثقف العابر للحدود: وجدي زيد وتفانيه في قضية كوسوفا – شهادة الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي

ناصر رمضان عبد الحميد by ناصر رمضان عبد الحميد
ديسمبر 13, 2025
in التراجم
المثقف العابر للحدود: وجدي زيد وتفانيه في قضية كوسوفا – شهادة الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي

التعاون الفكري عبر الحدود: شراكة وجدي زيد وبكر إسماعيل الكوسوفي في خدمة قضية كوسوفا وإرثهما المُشترك
بقلم: الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
E-mail: [email protected]

المقدمة
يُعَدُّ الأستاذ الدكتور وجدي أحمد إبراهيم زيد (1951-2015) نُموذجاً فذاً للمُثقَّف العضوي الحقيقي، الذي تجاوز بفكره وعمله الحدود الضيقة للتخصُّص الأكاديمي ليشكِّل ظاهرةً فكريةً وحضاريةً شاملة. لم يكن مجرَّد أستاذٍ بارعٍ للأدب الإنجليزي، أو مُديرٍ مؤسَّسٍ لمركز لغات، أو دبلوماسيٍّ ثقافيٍّ لامعٍ فحسب؛ بل كان مُهندسَ جسورٍ بين الحضارات، وصانعَ مشروعٍ إنسانيٍّ قائمٍ على “المشترك الإنساني”، ومُصلحاً تعليمياً يرى في التكنولوجيا والتعليم سبيلَ النهضة.
جمعت شخصيته النادرة بين عمقِ الباحث الأكاديمي المُحكَم، ورشاقةِ الأديب والمُبدع المسرحي، وحنكةِ الدبلوماسي المُحنَّك، وجُرأةِ المُصلح الاجتماعي الذي لا يخشى في الحق لومة لائم. من صعيد مصر (محافظة كفر الشيخ) انطلق ليُترك بصماته في واشنطن وإسطنبول والخرطوم والرياض، حاملاً همَّ مصر وقضايا الأمة والإنسان، مُؤمناً بأن التواصل الحقيقي يقوم على الفهم الدقيق والترجمة الأمينة للثقافات، كما يتجلَّى في مُعجمه الرائد “المصطلحات الإسلامية”.
تُضيف العلاقة المُمتازة والشراكة الفكرية التي جمعت بين الباحث الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي والدكتور وجدي زيد – كما تُوثِّقها فصول هذا المقال – بُعداً إنسانياً وشخصياً فريداً لهذا التقييم. فهي لا تُقدِّم سيرة مهنية فحسب، بل تُقدِّم قراءةً حميمةً لرجلٍ كان صديقاً وفياً، ومُستشاراً مُتواضعاً، ومفكراً شاملاً، ترك إرثاً لا يمحوه الزمن: إرث الجسور الممتدة من كوسوفا إلى القاهرة، ومن اللغة إلى السياسة، ومن الفكر إلى التطبيق.
الفصل الأول: السيرة الذاتية والأكاديمية
• الاسم: الأستاذ الدكتور وجدي أحمد إبراهيم زيد
• تاريخ الميلاد ومكانه: 22 سبتمبر 1951، بيلا – محافظة كفر الشيخ – مصر
• الوظيفة: أستاذ الأدب الإنجليزي – كلية الآداب – جامعة القاهرة، ومدير مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية بجامعة القاهرة
• التخصص العلمي: الأدب الإنجليزي
المؤهلات الدراسية
• دكتوراه الدولة في الأدب الإنجليزي – جامعة مدينة نيويورك (1989)
• ماجستير الأدب الإنجليزي – جامعة مدينة نيويورك (1987)
• ماجستير الأدب الإنجليزي – الجامعة الأمريكية بالقاهرة (1982)
• دراسات ماجستير الأدب الإنجليزي – جامعة القاهرة (1976)
• ليسانس الأدب الإنجليزي – جامعة القاهرة (1974)
التدرج الوظيفي
• مدير مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية – جامعة القاهرة (2004)
• أستاذ الأدب الإنجليزي – جامعة القاهرة (2001–2015)
• أستاذ زائر – جامعة بيلجي الدولية بتركيا (2004)
• أستاذ متميز ومستشار ثقافي – جامعة جورجيا الأمريكية (2002–2003)
• الملحق الثقافي المصري – واشنطن (1999–2002)
• أستاذ مساعد الدراما – جامعة القاهرة (1996–2004)
• رئيس قسم اللغة الإنجليزية – فرع الخرطوم، جامعة القاهرة (1997–1999)
• باحث بمركز الدراسات المسرحية المتقدمة – جامعة مدينة نيويورك (1997)
• رئيس قسم الترجمة – جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض (1995–1996)
• أستاذ زائر (فولبرايت) – جامعة ميلووكي، ويسكونسن (1991)
• مدرس الدراما – جامعة القاهرة (1989–1996)
• مدرس مساعد الأدب الإنجليزي – جامعة القاهرة (1982–1986)
• مدرس اللغة الإنجليزية – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1981–1985)
• مدرس اللغة الإنجليزية – جامعة القاهرة (1976–1982)

الفصل الثاني: الأثر الأدبي والفكري
• أسهم في تطوير الدراسات الأدبية المقارنة وربطها بالواقع الثقافي والاجتماعي المصري.
• تبنّى مشروعًا إنسانيًا مشتركًا يقوم على التواصل بين الحضارات عبر القواسم المشتركة.
• كتب مسرحيات باللغة الإنجليزية مثل: الأوديسة الجديدة، أحلام الشتاء، الفرعون الأخير، إضافة إلى عمل سينمائي بعنوان رحمة.
الفصل الثالث: الأثر العلمي والأكاديمي
• مؤسس ومدير مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية بجامعة القاهرة.
• صاحب معجم “المصطلحات الإسلامية عربي–إنجليزي”، الذي استغرق العمل عليه ثماني سنوات، ويُعد مشروعًا حضاريًا رائدًا.
• نشر أبحاث أكاديمية في دوريات محلية ودولية، منها: شهداء ومهرجون (1990)، العرض المسرحي عند التفكيكيين (1994)، صورة الآخر (2001)، الأساس الأخلاقي في مسرح آرثر ميللر (2002).
الفصل الرابع: الأثر الثقافي والدبلوماسي
• عمل كملحق ثقافي في واشنطن عقب أحداث 11 سبتمبر، حيث لعب دورًا محوريًا في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.
• أسس أول مركز ثقافي مصري في تركيا، مما عزز حضور مصر الثقافي في المنطقة.
• ألقى محاضرات في مكتبة الكونجرس، جامعة ميلووكي، جامعة نورث كارولينا، وجامعة جورجيا، حول صورة العرب والإسلام في الأدب الغربي.
الفصل الخامس: الأثر الاقتصادي والسياسي
• تولّى منصب مستشار وزير النقل وأسهم في تأسيس الأكاديمية المصرية لتكنولوجيا النقل.
• لُقّب برائد التعليم التكنولوجي في مصر نظرًا لمشروعه العالمي لتطوير التعليم.
• اتسمت مواقفه السياسية والأخلاقية بالجرأة، إذ كان ثائرًا على الظلم والفساد.
الفصل السادس: النشاط العلمي والثقافي
• أشرف على مشاريع ترجمة النصوص الإسلامية إلى الإنجليزية واللغات الأخرى.
• راجع ترجمات روائع المسرح المصري إلى الإنجليزية مثل عيلة الدوغري ووجهة نظر.
• شارك في مؤتمرات دولية مثل مؤتمر المسرح العربي (جامعة نيويورك، 1998) ومؤتمر الرواية العربية (جامعة جورج واشنطن، 2001).
• عضو المجلس الأعلى للثقافة بمصر (2003)، وعضو المجالس القومية المتخصصة (1978).
الفصل السابع: معجم “المصطلحات الإسلامية: عربي – إنجليزي” للأستاذ الدكتور وجدي زيد
يُعدّ معجم “المصطلحات الإسلامية: عربي – إنجليزي” الذي أنجزه الأستاذ الدكتور وجدي أحمد زيد واحدًا من أبرز المشاريع الفكرية والثقافية في العقود الأخيرة. فهو ليس مجرد عمل لغوي أو ترجمي، بل مشروع حضاري متكامل يستجيب لحاجة ملحّة في زمن تتعرض فيه المفاهيم الإسلامية إلى تشويه واسع النطاق، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. لقد أدرك المؤلف أن الترجمة الدقيقة للمصطلحات الإسلامية ليست مجرد جهد لغوي، بل هي فعل ثقافي وسياسي ودبلوماسي، يسهم في تصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام لدى غير الناطقين بالعربية، ويعزز التواصل بين الحضارات على أساس من الفهم المشترك.
التحليل الأدبي النقدي
أولًا: البنية الفكرية للمعجم
• الجزء الأول: تناول أسباب الدخول في الإسلام، وحجية المصادر الأساسية، وسمات الرسول ﷺ، وإنسانية الدعوة الإسلامية وعالميتها، وأوجه الإعجاز التشريعي والعلمي، وقضايا المرأة والحرية ووضع غير المسلمين.
• الجزء الثاني: ركّز على المصطلحات التي تُقدّم الإسلام كنظام شامل للحياة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وقضائيًا وإداريًا.
• هذا البناء يعكس رؤية المؤلف بأن الإسلام ليس مجرد دين شعائري، بل منظومة حضارية متكاملة.
ثانيًا: المنهجية العلمية
• اعتمد المؤلف على ثلاثة مستويات في كل فصل:
1. تقديم المصطلحات منفردة.
2. استخدامها في سياقات مترجمة.
3. إيراد قائمة مراجع للتوسع.
• هذه المنهجية تُظهر وعيًا نقديًا بأهمية السياق في الترجمة، وتُبرز أن المصطلح لا يُفهم إلا في إطار استعماله الحي.
ثالثًا: القيمة الأدبية والثقافية
• المعجم ليس مجرد أداة تقنية، بل نص أدبي وثقافي يعبّر عن رؤية المؤلف للعلاقة بين اللغة والفكر.
• يبرز فيه البعد الإبداعي، حيث يختار المؤلف صياغات إنجليزية دقيقة تحمل روح النص العربي، دون أن تفقد أصالتها أو تُشوّه معناها.
• بهذا المعنى، المعجم يُعدّ عملًا أدبيًا بقدر ما هو عمل علمي.
رابعًا: الأثر العلمي والأكاديمي
• يُعتبر المعجم مرجعًا أساسيًا للباحثين والمترجمين في الدراسات الإسلامية والإنسانية.
• أسهم في تأسيس حقل معرفي جديد هو ترجمة المصطلحات الإسلامية، الذي يجمع بين الدراسات اللغوية والدراسات الحضارية.
• فتح الباب أمام أجيال من الباحثين لتطوير هذا المجال، وهو ما أكّد عليه المؤلف نفسه حين اعتبر عمله “مجرد بداية يمكن نقدها وتطويرها”.
خامسًا: الأثر السياسي والدبلوماسي
• جاء المعجم في سياق عمل المؤلف كملحق ثقافي في واشنطن، حيث واجه تحديات كبيرة في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.
• بهذا المعنى، المعجم ليس مجرد عمل أكاديمي، بل أداة دبلوماسية وثقافية استخدمتها الدولة المصرية لتعزيز صورتها الحضارية.
• يُظهر المشروع كيف يمكن للترجمة أن تكون فعلًا سياسيًا ودبلوماسيًا بامتياز.
التقييم الشامل للأثر
• الحياة الفكرية والأدبية: أضاف المعجم بعدًا جديدًا للكتابة الأدبية، حيث جمع بين الدقة العلمية والروح الإبداعية.
• الحياة الثقافية والعلمية: أسهم في تأسيس مجال معرفي جديد، وأصبح مرجعًا لا غنى عنه في الدراسات الإسلامية المقارنة.
• الحياة السياسية والدبلوماسية: لعب دورًا في تصحيح صورة الإسلام في الغرب، وأسهم في تعزيز التواصل الحضاري.
• الحياة الاقتصادية والتعليمية: دعم مشروع التعليم التكنولوجي الذي تبنّاه المؤلف، من خلال توفير أدوات معرفية دقيقة للباحثين والمترجمين.
وأخيرًا، يمكننا القول إن معجم “المصطلحات الإسلامية: عربي – إنجليزي” للأستاذ الدكتور وجدي أحمد زيد ليس مجرد كتاب، بل هو مشروع حضاري متكامل يجمع بين الأدب والعلم والثقافة والسياسة والدبلوماسية. لقد أدرك المؤلف أن الترجمة ليست عملية لغوية محضة، بل فعل إنساني يهدف إلى بناء جسور بين الحضارات، وتصحيح الصور الذهنية، وتعزيز الحوار العالمي. بهذا المعنى، يُعدّ المعجم امتدادًا طبيعيًا لمسيرة المؤلف الفكرية والأكاديمية والدبلوماسية، ويظل شاهدًا على أن الكلمة المترجمة يمكن أن تكون أداة للتغيير الحضاري والسياسي، بقدر ما هي أداة للتواصل الثقافي.
الفصل الثامن: رؤى الدكتور وجدي زيد للشباب ومستقبل التعليم
لم يكن الأستاذ الدكتور وجدي أحمد زيد مجرد أكاديمي بارز أو دبلوماسي مثقف، بل كان صاحب رؤية إصلاحية عميقة تتعلق بالتعليم والنهضة العلمية. في حواره حول التجربة التركية في التعليم، قدّم مجموعة من الأفكار التي تصلح أن تكون وصايا للشباب اليوم، إذ تجمع بين الوعي النقدي، والجرأة الفكرية، والإيمان بأن التعليم هو المشروع القومي الأهم لأي أمة.
أقوال ورؤى مختارة
• “المشروع القومي في كل البلدان المتقدمة سيظل التعليم والبحث العلمي حتى يرث الله الأرض وما عليها.”
→ تأكيد أن التعليم هو الاستثمار الأهم، وأنه يجب أن يكون أولوية وطنية وشخصية.
• “التعليم أساس نهضة أي دولة، ولا يمكن أن نتركه لفرد أياً كانت قدراته، لأنه لابد أن يخطئ.”
→ دعوة إلى العمل الجماعي، وإلى بناء مؤسسات قوية لا تعتمد على الأشخاص بل على الفكر الجماعي.
• “رأيت الطلاب في أمريكا يشتركون في عملية اختيار عمداء كلياتهم، إذن لا يجب أن نضيع وقتنا.”
→ إشارة إلى أهمية إشراك الشباب في صنع القرار، وغرس مبادئ الديمقراطية منذ المراحل التعليمية الأولى.
• “الاستثمار في التعليم مربح جدًا جدًا، ويعرف هذا أصحاب الجامعات والمدارس الخاصة.”
→ دعوة للشباب ورواد الأعمال إلى النظر للتعليم كفرصة استثمارية ذات عائد حضاري واقتصادي.
التقييم
هذه الأقوال تُظهر أن الدكتور وجدي زيد كان يرى التعليم ليس مجرد قطاع خدمي، بل هو المشروع القومي الأهم، وهو الطريق إلى الديمقراطية، والنهضة الاقتصادية، والاستقرار السياسي. للشباب اليوم، هذه الرؤى تصلح أن تكون خارطة طريق:
• التركيز على التعليم والبحث العلمي كأولوية شخصية ووطنية.
• الإيمان بالعمل الجماعي والمؤسسات الديمقراطية.
• المشاركة الفاعلة في صنع القرار داخل الجامعات والمجتمع.
• النظر إلى التعليم كاستثمار طويل الأمد يحقق عوائد حضارية واقتصادية.
وأخيراً، نقول: إن أقوال الدكتور وجدي زيد المستخلصة من تجربته في مصر وتركيا ليست مجرد شهادات تاريخية، بل هي وصايا عملية لشباب اليوم. فهي تدعوهم إلى أن يجعلوا التعليم والبحث العلمي مشروعهم القومي الشخصي، وأن يؤمنوا بأن النهضة تبدأ من المدرسة والجامعة، وأن الديمقراطية لا تُبنى إلا عبر مؤسسات تعليمية قوية وشفافة. بهذا المعنى، فإن إرثه الفكري يظل حاضرًا كمنارة تهدي الأجيال القادمة نحو مستقبل أفضل.
الفصل التاسع: لقائي بالبروفيسور الدكتور وجدي زيد: شهادة شخصية من الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
اللقاء الأول: البداية في فضاء القضية الإنسانية
التقيتُ بالبروفيسور الدكتور وجدي زيد لأول مرة في أوائل التسعينيات، في واحدة من تلك الصُدَف العميقة التي تَصنعها القضايا الإنسانية الكبرى. كان اللقاء في إطار العمل المشترك حول قضية كوسوفا والوضع المضطرب في منطقة البلقان، حيث جمعتنا رؤية مشتركة حول دور المثقف والأكاديمي في تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية والدفاع عن الحقوق المغتصبة.
التعاون الأكاديمي: رؤية تتجاوز الحدود
شاركنا في العديد من المؤتمرات العلمية والثقافية واللغوية التي عُقدت بين القاهرة وبعض العواصم الأوروبية والعربية. كان الدكتور وجدي – رحمه الله – يتمتع بذكاءٍ حادٍّ وآفاقٍ فكريةٍ واسعةٍ مكّنته من تحليل الأزمات الدولية بعمقٍ نادر. لم يكن يتعامل مع قضية كوسوفا كحدث إعلامي عابر، بل كظاهرة إنسانية وحضارية تستدعي الفهم الجذري للخلفيات التاريخية والثقافية.
المنهجية الفريدة في التعامل مع القضايا الدولية
ما ميّز الدكتور وجدي في تعامله مع قضية كوسوفا كان:
1. الربط بين الخاص والعام: حيث رأى في المعاناة الكوسوفية نموذجاً للمأساة الإنسانية التي تتكرر عبر التاريخ عندما تَغيب القيم الإنسانية المشتركة.
2. البعد الثقافي في التحليل السياسي: كان يصرّ على أن فهم الصراعات يتطلب فهم التراكيب الثقافية واللغوية للمجتمعات.
3. التواصل الحضاري كحلّ: حيث آمن بأن الحلول الدائمة لا تأتي عبر القوة فقط، بل عبر بناء جسور الفهم المتبادل.
الإسهامات القيّمة: الجمع بين النظرية والتطبيق
قدّم الدكتور وجدي إسهاماته القيّمة في هذا المسعى من خلال:
• الورقات البحثية التي حلّلت الأزمة البلقانية من منظور حضاري مقارن.
• الترجمة والتواصل كوسائل لفهم الآخر وإيصال صوت المظلومين.
• تعبئة الرأي العام الأكاديمي العربي والدولي للانتباه إلى القضية.
صفاته القيادية: المفكر المتشاور
كان مفكراً يُكثر من استشارة أصدقائه وزملائه، وهذه سمة نادرة في شخصية بمكانته. في جلساتنا الخاصة، كان يسأل بتواضع شديد: “كيف ترى هذا الأمر يا دكتور بكر؟”، “ما قراءتك كخبير في شؤون البلقان؟”. في القضايا الكبرى التي تُعنى بمصلحة الشعب والدولة المصريةوالعالم الإسلامي، كان يؤمن بالحكمة الجماعية.
الرؤية الثاقبة: نبض المستقبل
كانت له رؤيةً ثاقبةً لمستقبل البلاد تتجاوز الحاضر المليء بالتحديات. في مناقشاتنا، كان يتحدث عن:
• دور مصر كجسر بين الحضارات.
• أهمية التعليم التكنولوجي في عصر العولمة.
• ضرورة بناء الشخصية المصرية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
الصداقة المستمرة: حتى اللحظة الأخيرة
استمرت صداقتنا حتى وفاته، مروراً بمراحل حياته المختلفة: من الأستاذ الجامعي إلى الملحق الثقافي، إلى مستشار الوزير. في كل محطة، كان الدكتور وجدي يحمل نفس الهمّ الوطني، ونفس العمق الفكري، ونفس الإنسانية الواسعة.
الإرث الإنساني: درس في التواضع والعطاء
لقائي بالدكتور وجدي زيد كان درساً في كيف يمكن للأكاديمي أن يكون مؤثراً خارج أسوار الجامعة، وكيف يمكن للعمق الفكري أن يلتقي بالعمل الإنساني الملموس، وكيف تبقى القيم الإنسانية هي البوصلة في خضم التعقيدات السياسية والدبلوماسية.
رحم الله الدكتور وجدي زيد، ذلك المفكر الموسوعي، والإنسان المتواضع، والصديق الوفي، الذي جسّد في حياته معنى أن تكون عالماً وإنساناً في آن واحد.
الفصل العاشر: قصيدة: “جسرٌ من نور.. من كوسوفا إلى القاهرة”
(مهداة إلى روح الأستاذ الدكتور وجدي زيد – رحمه الله)
بقلم: الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي

القصيدة:

بين البلقان والنيل.. امتدّت يداكَ
بين الألم والأمل.. مشت خطاكَ
جئتَ كالغيث من صعيد مصرَ العريقةْ
تحمل الحكمةَ النقيةَ والصفاقةْ

في قاعة الجامعة القديمة.. حيث التقينا
كان حديثكَ نوراً للقلوب يلوحُ
عن كوسوفا تسأل.. بقلبٍ يشتعلُ
كأنما أهلوها من لحمكَ ودمُ

زرتَ قرى الألمِ البعيدةَ بنظرتكَ
وحملتَ صوتَ المظلومينَ بمقلتكَ
لم تكنْ سفيرَ دولةٍ فحسبْ.. بل
كنتَ سفيرَ الضميرِ.. في زمنِ الغربةْ

يا من جمعتَ بين الأدبِ والسياسةْ
وبينَ فكرٍ نيرٍ وعملٍ بإخلاصْ
علمتَنا أنَّ الحدودَ أوهامُ
وأنَّ للإنسانِ الوطنُ الأعظمُ

اليومَ.. من بريشتينا إلى القاهرةْ
أرسلُ تحيةَ الوفاءِ لأخٍ صادقْ
رُحتَ.. ولكنَّ الجسورَ التي بنيتَ
ما زالتْ تقاومُ رياحَ النسيانْ

ستبقى كلماتكَ المصطفاةُ ترانيمَا
في معبدِ العلمِ.. والإنسانيةْ
وستظلُّ خطاكَ على جبينِ الزمنْ
نبراسَ هدىً.. للأجيالِ القادمةْ

التحليل الأدبي:
أولاً: البناء الفني والرؤية الشعرية
1. العنوان الرمزي:
• “جسر من نور” يشير إلى دور الدكتور زيد كحلقة وصل بين الحضارات
• التنقل بين كوسوفا ومصر يعكس امتداد تأثيره عبر الجغرافيا
2. الثنائيات الضدية:
• البلقان/النيل – الألم/الأمل – الدولة/الضمير
• تجسيد للطبيعة الجسرية في شخصيته التي تتجاوز الثنائيات
3. الصورة الشعرية الموحية:
• “حديثك نور للقلوب” – تجسيد للعلم كمنارة
• “زرت قرى الألم بنظرتك” – قوة التعاطف عن بُعد
• “الجسور التي بنيت تقاوم رياح النسيان” – خلود الأثر الفكري
ثانياً: المستويات الدلالية
1. المستوى الإنساني:
• التأكيد على “الوطن الأعظم” للإنسان
• تحويل القضية الكوسوفية من سياسية إلى إنسانية
• “سفير الضمير” كتجاوز للأدوار الرسمية
2. المستوى الفكري:
• الربط بين الأدب والسياسة في شخصيته
• “الحدود أوهام” – رؤيته العابرة للتخصصات
• استمرارية الإرث الفكري للأجيال
3. المستوى العاطفي:
• نبرة الوفاء والصداقة الخالصة
• الحزن المقترن بالامتنان
• الذكرى كاستمرار للحضور
ثالثاً: الخصائص الأسلوبية
1. اللغة:
• بساطة اللفظ مع عمق الدلالة
• توظيف التراكيب العربية الأصيلة
• تناسب الإيقاع مع طبيعة الرثاء المتوازن
2. الموسيقى:
• تفعيلة متحررة تحمل طابع الحكاية
• جناس بين “السياسة/الإخلاص” – “الأجيال/القادمة”
• توازن صوتي يعكس التوازن في شخصية المُرثي
3. الرموز:
• الغيث: المعرفة والعطاء
• الجسور: التواصل الحضاري
• النبراس: الاستمرارية والتأثير
رابعاً: القيمة التوثيقية والتاريخية
هذه القصيدة تمثل:
1. وثيقة علاقة شخصية بين مثقفين من عالمين مختلفين
2. توثيقاً لدور الدكتور زيد في القضية الكوسوفية
3. شهادة على تأثير الشخصية المصرية عالمياً
4. نموذجاً للتفاعل الثقافي الإسلامي المتعدد المراكز
خامساً: الخاتمة – جوهر الإرث
الدكتور وجدي زيد في هذه القصيدة ليس مجرد شخصية أكاديمية، بل:
• نموذج للمثقف العضوي الذي يربط الفكر بالواقع
• رمز للتواصل الحضاري الذي يتجاوز الحدود
• مثال للإنسان الشامل الذي يجمع بين التخصصات
• بوصلة أخلاقية في زمن الاضطرابات
“إن الشعر في هذه الحالة ليس مجرد تعبير عن حزن، بل هو وسيلة لإعادة بناء الذاكرة الجماعية، وتثبيت معالم التأثير الإنساني الذي يتجاوز الزمن والمكان. الدكتور وجدي زيد لم يمت، لأنه بنى ما هو أبقى من الحياة: الجسور بين الشعوب، والكلمات في القلوب، والأفكار في العقول.”
الخاتمة
ختاماً، يمكننا القول إن الأستاذ الدكتور وجدي أحمد زيد كان ظاهرةً متعددةَ الأبعاد في حياتنا الفكرية والثقافية. لقد عاش بحقِّ مقولته التي آمن بها: “أن الحدود أوهام”، فسافر بعقله وروحه وعمله عبر حدود التخصُّصات والجغرافيا والثقافات.
كأكاديمي ومفكر: أسَّس لمنهجٍ جديدٍ في الترجمة والدراسات المقارنة، يجمع بين الدقة العلمية والحساسية الثقافية، ويُحوِّل الترجمة من فعلٍ تقنيٍّ إلى مشروعٍ حضاريٍّ كما في مُعجمه الخالد. كدبلوماسي ثقافي: لم يكن سفيراً لدولةٍ فحسب، بل كان “سفيرَ ضمير” – كما وصفه الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي – يحمل همَّ المظلومين في كوسوفا وغيرها، ويُصحِّح الصور النمطية عن الإسلام والشرق بفكرٍ نيرٍ ولغةٍ راقية. كمصلح ورجل دولة: نقل رؤيته التربوية من أروقة الجامعة إلى مؤسسات الدولة، فكان رائد التعليم التكنولوجي وأحدَ مهندسي مستقبل النقل في مصر.
الأهم من كل ذلك، أنه كان إنساناً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. جمع بين عقل العالم وقلب الأديب وروح المُصلح وشجاعة الثائر على الظلم. كانت إنسانيته هي البوصلة التي قادت كل مسيرته، فبنى جسوراً من نورٍ بين الشعوب، وآمن بالحكمة الجماعية، وترك وراءه صداقاتٍ خالصةً وإرثاً إنسانياً هو الأبقى.
اليوم، ونحن نستعيد سيرته من خلال هذه الصفحات، لا نستذكر ماضياً فحسب، بل نستلهم خارطة طريقٍ للمستقبل. وصاياه للشباب بالتعليم، ورؤيته للتعاون الدولي القائم على الاحترام، وإيمانه بقوة الكلمة الصادقة والمترجمة بدقة، كلها دعوةٌ للأجيال القادمة لمواصلة البناء على هذه الجسور.
رحم الله الدكتور وجدي زيد، ذلك الجسرَ النورانيَّ الذي امتدَّ بين ضفاف المعرفة والإنسانية، والذي تبقى كلماته ترانيمَ خالدةً في معبد العلم، وخطاه نبراسَ هدىً للأجيال القادمة.
كاتب الدراسة:
السفير والممثل السابق لكوسوفا لدى بعض الدول العربية
عضو مجمع اللغة العربية – مراسل في مصر
عضو اتحاد الكتاب في كوسوفا ومصر
E-mail: [email protected]

مشاركةTweetPin

آخر ما نشرنا

المثقف العابر للحدود: وجدي زيد وتفانيه في قضية كوسوفا – شهادة الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
التراجم

المثقف العابر للحدود: وجدي زيد وتفانيه في قضية كوسوفا – شهادة الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي

ديسمبر 13, 2025
2

التعاون الفكري عبر الحدود: شراكة وجدي زيد وبكر إسماعيل الكوسوفي في خدمة قضية كوسوفا وإرثهما المُشترك بقلم: الأستاذ الدكتور بكر...

اقرأ المزيد
هناء ميكو /يكتبني وهو يقرأ ذاته

هناء ميكو /يكتبني وهو يقرأ ذاته

ديسمبر 13, 2025
5
امل إبراهيم علي /وداع

امل إبراهيم علي /وداع

ديسمبر 13, 2025
14
هدم الجدار الأخير في علم المصريات كلمة فرعون ياسر أنور

السيرة الذاتية والأدبية للأديب ياسر أنور

ديسمبر 13, 2025
2
سامح محمود /ومضة

سامح محمود /ومضة

ديسمبر 13, 2025
7
  • الأكثر شعبية
  • تعليقات
  • الأخيرة

ليل القناديل /مريم كدر

يناير 15, 2024
ومضات /رنا سمير علم

رنا سمير علم /قصور الروح

أغسطس 11, 2022

ومضة /رنا سمير علم

أغسطس 11, 2022

الفنانة ليلى العطار وحوار مع أسرتهالمجلة أزهار الحرف /حوار مي خالد

أغسطس 23, 2023

ومضة

ومضات

زمن الشعر

عطش

المثقف العابر للحدود: وجدي زيد وتفانيه في قضية كوسوفا – شهادة الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي

المثقف العابر للحدود: وجدي زيد وتفانيه في قضية كوسوفا – شهادة الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي

ديسمبر 13, 2025
هناء ميكو /يكتبني وهو يقرأ ذاته

هناء ميكو /يكتبني وهو يقرأ ذاته

ديسمبر 13, 2025
امل إبراهيم علي /وداع

امل إبراهيم علي /وداع

ديسمبر 13, 2025
هدم الجدار الأخير في علم المصريات كلمة فرعون ياسر أنور

السيرة الذاتية والأدبية للأديب ياسر أنور

ديسمبر 13, 2025

الأكثر مشاهدة خلال شهر

معرض الاستقلال برعاية مدرسة الشويفات
أخبار

معرض الاستقلال برعاية مدرسة الشويفات

نوفمبر 23, 2025
152

اقرأ المزيد
يا صاح هذي غزة /سامح محمود

يا صاح هذي غزة /سامح محمود

نوفمبر 15, 2025
112
خاطرة /سامح محمود

خاطرة /سامح محمود

ديسمبر 5, 2025
84
الشاعر السعودي صالح الهنيدي لمجلة أزهار الحرف حاورته من السعودية نازك الخنيزي

الشاعر السعودي صالح الهنيدي لمجلة أزهار الحرف حاورته من السعودية نازك الخنيزي

ديسمبر 4, 2025
80
الشاعرة السورية سهام السعيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان د. جيهان الفغالي

الشاعرة السورية سهام السعيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان د. جيهان الفغالي

نوفمبر 27, 2025
76
جميع الحقوق محفوظة @2022
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير