الوفاء
يابني…َ
وفاء للوفاء، علي أن أروي لك بعض الأحاديث التي كانت تدور في بيتنا الحبيب قبل رحيل والديَّ “رحمهما الله” علَّك
تستفيد من الماضي رغم قدمه. وأنا أعلم تماما أن لكل مكان وزمان حديث و حدث، ولكن لا يعني هذا أننا ننسخ الماضي من
حياتنا، حيث أن العلاقة وثيقة ما بين الماضي والحاضر.
يا بني … جدك جندي خادم للوطن يعمل بإخلاص وتضحية يذود عن أبناء وطنه بكل همة ونشاط.
ما أجمل طلته عندما يعود ببدلته العسكرية، يسير بنظام، عالي الجبين، رافع الرأس، موفور الكرامة.
كان محبا للقريب وللبعيد، مخلصا وفيا لكل الأهل والأقارب وللأصدقاء، لم أره مقطب الجبين، إذا وعد وفى.
كان يقول لي (إن الإنسان دون وفاء وإخلاص جسم دون قلب ومن يعرف الوفاء بأصوله لا يعرف الندم بفروعه).
يابني… كم كان جدك حريصا على تفوقنا الدراسي، يريدنا مثال الأولاد أدبا و أخلاقا وعلما، ويزداد فرحة عندما يستلم بطاقة العلامات وفيها لنا من الثناء ما يسره.
حقا يا والدتي إن حبه للعلم كان ملفتا للنظر وفي هذا العمر!
نعم يا بني…انه طالب مجتهد، ذكي ومميز، ولكنه قد حرم من تكملة دراسته، فالفقر سيفه قاطع، لكن حنينه للعلم بقي كحنين
الطفل لثدي أمه، كنت أسمعه يردد قول شاعرنا ( صفي الدين الحلبي )
لما رأيت بني الزمان وما بهم …… خل وفي للشدائد أصطفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة ……….الغول والعنقاء والخل الوفي
يا والدتي قرأت قصيدة للشاعرة فدوى طوقان تفتش فيها عن الوفاء ويكاد ان يكون معدوما
وتسأل أين الوفاء؟!
أما من وفاء؟!
وأضحك في وجهك المتجهم
أسأل مثلك :
أين الوفاء؟
أما الشاعر معن بن أوس كان لومه على ناكر الجميل والمعروف، حيث قال:
أعلمه الرماية كل يوم ……… فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي……… فلما قال قافية هجاني
والحقيقة يا بني …أن الخير لا يموت والوفاء باق على مر الأزمان ولا يفنى وخير مثال قول الشاعر، الشاعرزكي مبارك حين قال:
وفاء بعهدي أو نزولا على وعدي ………… وقفت أحيي معشري وبني ودي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي