أنا لا أعرف الغريب ….
قصة : هيام ضويحي
كانت تجربة الرّكوب في المواصلات العامة ممتعة بالنسبة لفتاة صغيرة مرفهة كسلمى لمّا سافرت مع والدتها لزيارة بيت جدها في محافظة بعيدة، وكان طريق العودة إلى دمشق قد بدأ في الساعة الواحدة فجراً، صعدت سلمى بجوار والدتها في مقعد “الفان” بدأ الطريق إلى دمشق مع أغنية ام كلثوم التي تحبها سلمى وتسمعها مع والدتها في المنزل، ربمّاهذا ماجعلها تألف الطريق،بعد مسافة ليست بعيدة نامت سلمى، دون أن تشعر اتكأ كتفها على كتف والدتها، ونامت كانت الرحلة في شهر تموز ومع ذلك فإن الجو بارد جداً، بالنسبة لطفلة تعاني من إرتفاع الحرارة أخذت تضم ذراعيها وتقربهما من جسدها، اقتربت من والدتها أكثر ، احتضنتها الوالدة لكن الشّاب في المقعد المجاور إقترب من سلمى، وأخذ يتلمس وجهها، ثم خلع بحركة بطيئة سترته الرمادية التي يتدلى منها هاتفه الجوال ومبلغ من المال واوراقاً شخصية تبدو هامةً بأختام وطوابع حكومية ، رمقت والدة سلمى ذاك الشاب بنظرة خاصة تقول تلك النظرة: ابتعد عني وعن طفلتي، لكن الشّاب بادلها بنظرة اقوى، وقال : إنها تشعر بالبرد لا عليك دعي السترة عليها، لا مشكلة، قال كلمته ثم انشغل بالطريق ، انشغلت السيدة هي الأخرى بطفلتها ، عند الفجر وصل “الفان” إلى دمشق، قبل مغادرة المقعدأعطت الأم الّسترة للشاب مع ابتسامة شكر صادقة وامتنان على نبل اخلاقه، اخذها وتابع طريقه إلى أحياء العاصمة ، نزل جميع من في
” الفان ” حتى سلمى حيث كان والدها ينتظرهاصباحاً قرب موقف الكنيسة في مشروع دمر ، حملها وقبّلها وقال : لديك حرارة يا سلمى!
قالت: بلغة الطفولة ربمّا من دفء سترة( ال عمو ) سألها ومن يكون عمو ؟
قالت: عمو غريب لا أعرف اسمه، لكنّه غطاني بسترته طوال الطريق وهاتفه الجوال يلامس راسي، ضحكت سلمى وقالت ربمّا اختزلت ذاكرة هاتفه المحمول إلى ذاكرتي سوف أبحث عنه يوماً بين المكالمات الواردة والصادرة لأشكره برسالة نصيّة إلى عمو الغريب، اقول فيها: “……الخ” .
مضت عدة سنوات بعد أن وصلت سلمى إلى بيتها في العاصمة بيتها الذي تشبّع برائحتها ، وكبر في قلبهامع كلّ حبٌة قمح كانت تنمو بها سلمى التي أصبح طولها أكثر من ١٥٠سم، كانت سعيدة طفلة ال 11 عاما وهي تشتري لوازم عيد الأضحى من ملابس وحلوى وهدايا للأصدقاء ، عادت مع عائلتها الساعة العاشرة ليلاّ من اسواق دمشق سوق الشعلان والحمراء ،والجسر الأبيض والحميدية، والبزورية محملة بأكياس تفوح منها رائحة العيد إنه عيد الأضحى حيث تقدم الأضاحي ، لم تصدق الساعة التي سوف تصل فيها إلى الطابق الخامس، وتفتح الباب لتقيس كل المشتريات “الدرج “يتقلص والمسافة تصغر، اخيراً وصلت سلمى إلى شقتها ، لكن على الباب اقفال، لابد أنها أخطأت الطابق من شدة الفرح ، عادت مرة أخرى إلى الدرج للتأكدمن رقم الطابق ، لكنّها لم تخطأ الباب مقفل بالفعل ، علمت سلمى لاحقاً أن من قام بإغلاق الباب هو عمها لكن ليس عمو الغريب،بل عمها القريب بسبب الطمع والجشع ، خرجت مع والديها إلى السيارة وكتبت رسالة إلى عمها القريب تقول فيها : ….. الخ
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي