قراءة في كتاب “ثورة الشعر” للكاتبة غادة الحُسيني
لوحة الغلاف للفنانة إيمان النابوش
التصميم للكاتبة منى دوغان جمال الدين
صدرَ عن دار سكرايب للتوزيع والنشر في مصر بالتعاون مع ملتقى الشعراء العرب.
كتبَ المقدمة رئيس الملتقى “الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد” وفيها اعتبرَ بأن الشّعر هو بحدّ ذاته ثورة، تدعو دائماً إلى التغيير والتطوّر من أجل الأجمل.
الكتاب مؤلفٌ من 100 صفحة ويتضمّنُ أربع حوارات، أجابتْ فيها الكاتبةُ على أسئلة المحاورين في ما يخصُّ مسيرتها الشعريّة والكتابيّة وما يخصُّ مشوارها الأدبي عموماً ومسيرتها في ملتقى الشعراء العرب خصوصاً بما أنّها أمينة سر الملتقى.
في حوارها مع الشاعر “ناصر رمضان ” لمجلة الأسترالية العراقية تعرّفنا على المهندسة غادة التي درستْ في كلية الفنون و اعتادت على سماعِ وقراءة الشعر الموزون المُقفّى من والدها، الذي كان يعملُ في السّلكِ العسكري ولكنّه كان يكتُبُ الشعر وينشرُ في عدة مجلاتٍ وجرائد لبنانية، تحاولُ الآن جمعها في ديوانٍ وفاءً له. عاشتْ في بيئة أدبيّة، كان جدّها قاضياً ومرجعاً دينيّاً كبيراً (صفحة 24 ). انتظرتْ غادة طويلاً لكي تصدرَ مولودها الأول لينضجَ الحرفُ كما قالتْ (صفحة 23) وهي اختارتْ الومضة لأنّ جيل اليوم لا يقرأ، وتعتبرها تَفي بالغرض.
عاشتْ في بيروت وكانتْ تنتقلُ صيفاً إلى ربوع الجنوبِ حيث الطبيعة الخلّابة والجمال يفجّران مواهبها. بعد زواجها اعتبرت العائلة أولويّة فحضنتْ أولادها ( ٣وردات ) وكان زوجها (رحمه الله) الشمعة التي ساعدتها على نشرِ ومضاتها وكان يشجعها دائماً. احتفظتْ بما كتبته في دفترٍ. تعتبرُ الشّعرَ فنّاً وتتذوّقُ الكلمةَ الجميلة.
في الهندسة، إبداعٌ في التصميم، وفي الشعر، تصميمٌ في الإبداع. لذلك جمعتْ الكاتبةُ شعاعَ الحرف وفي حوارها مع مجلة “ليلاس” (صفحة 32 ) قالت أنها تكتبُ يوميا والكتابةُ تحتاجُ إلى موهبةٍ وإلى من يصفّق لها. استفادتْ من انتشارِ وسائل التواصل كي تُظهِر ما عندها، واعتبرت أنّ للمعلم أهميّة في كشفِ موهبة التلميذ، لكنْ بالممارسة والاعتماد على الذات، و الأخذ والعطاء، يصلُ الشاعرُ إلى ما يريدُ.
تعتبرُ المتنبي مدرسةً بحدّ ذاتها (صفحة 42) ومقومات الشعر هي الموهبة والعلم بالإضافة إلى الممارسة وعلى الشاعر أن يعرفَ بحورَ الشعرِ وأن يتمكّن من اللغةِ ومن فنّ البلاغةِ لكي ينجح.
برأيها غياب النقد أثّرَ سلبا على الشعر (صفحة 42 ) وتقولُ بأنّ الشعر في حالةِ تطوّرٍ لا تقهر، وتجدُ أنّ الفرق كبير بين الشعر القديم والحديث، وهي تحبُّ الشعر العمودي، وتعتبر الومضةَ كبسولةً شعريّةً سهلة الأخذ، خفيفة المبنى، عميقة المعاني، (صفحة 46 )
لحضورِ القصيدة النثرية، موسيقى داخلية تسري بين الحروف، تعانقُ الصورة، فيزهو النص ويكتملُ (صفحة 47 ) لكنّ الاحساس هو المشترك، بين كلّ أنواع الشعر.
تُعبّرُ عن الألمِ والأملِ بالشعر (صفحة 49) وعلى الشاعر أن يكتبه، ويكون باب الأملِ للمحرومين، ويُوَحّدُ ضد التفرقة في عصر الصورة، التي يتوفرُ فيها الكتاب الرقمي، وفي الكثير من الأحيان مجاناً بينما يحتاجُ الكتاب الورقي إلى مكانٍ في المنزل.
تعتبرُ نفسها راضيةً عن مشوارها ولو أنّها في بدايةِ الطريق (صفحة 51 ) كانت عصافيرها تظلّ تغردُ وأنّ القراءة هي التي تبني الشاعر، والمدح والفخر هما للسقوط في الهوية.
تكتبُ القصة القصيرة التي تصلُ إلى المراد به ( صفحة 53 ). تعرفُ قيمةَ الأدب و تحتفي به، وهي التي تهتمُّ بإعدادِ المحاضر والتقارير لملتقى الشعراء العرب (صفحة 55)
أمّا سرّ نجاح الشاعر فيكونُ في تصويرٍ جيد لما يعرضهُ عبر وسائلِ التواصل والتطوير.
في حوارٍ مع نجوى الغزال (صفحة 150 ) قالت ما على الشاعر أن يقوم به وهو تهذيب الشعر و إخراجه بإحساس وجمال وتحدّثت عن تفاعلها مع الحياة. كما الهندسة تبني بيتاً، في الشعرِ، جمال الكلمات، والكتابة ممارسة، بالإضافة إلى حضورِ ندواتٍ أدبية.
الوطنُ هو البيت والملجأ، والشاعرُ يتفاعلُ مع من حوله. غالباً ما تجدُ نفسها في الشعر وتعتبرُ الديوانَ الأول مهمّاً جداً بالنسبة لها، أعادَ إليها الحياة (صفحة 68 ).
الكتابةُ هي رحلةُ البحثِ عن الذات. وقد كتبت فصدرَ لها كتابٌ في معرض القاهرة ولكنها شاركتْ في معرض بيروت قبل ذلك.
في حوارها مع رانيا مرعي تقولُ أن الشعر يسمو بالمعاني، يُطهّر النفوس والشاعرُ يحملُ قضيةً ويثبتُ ذاته، وتعلّمتْ أنْ تقفَ بمفردها، وتغردَّ (صفحة 75 )
كتبتْ غادة الحسيني مجموعةً قصصية لكنّها وجدتْ في الشعر نوعاً من البوح ضد العزلة (صفحة 77) و في الخوف تدميراً للإبداع (صفحة 160). للشعرِ دورٰ تثقيفيّ يُحفّزُ على الخير والعدل والجمال (صفحة 87)
اكتبي يا غادة الشعرَ والقصصَ والحب والوطن في ومضاتٍ سحريّةً تُتقنين فنّها وتحملين شُعلتها وارفعي الصوتَ عالياً ليحيا الشعر ويصلَ إلى قلوبِ القرّاء بحروفٍ وكلمات ٍمرهونةً بمجدِ الحبرِ على الورق.
أليسَ الشاعر مرهف الإحساس يضعُ من بئرِ خيالهِ مياهَ الثقافةِ والإبداع ؟
رنا سمير علم
١٥/٠٥/٢٠٢٣
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي