
راحلة إلى الرجوع
(نص من أدب الرحلات الرمزية بقلم الكاتبة إسراء ياسر سعيد)
حين أصبح المكوث في مكانٍ ليس فيه أحدٌ حلمَ الجميع، وصارت أمانينا أبعد من مجرد لحظة هدوء…
عزيزي، عزيزتي، هيا معي إلى رحلتي في جزيرة الإسكاب، حيث لا بشر، ولا شجون، ولا ظنون.
بعد عشرةٍ طويلة مع الضوضاء ومتاعب الحياة التي لا تنتهي، وبينما أُقلّب في صفحات اللابتوب، وقعت عيناي على “جزيرة الهروب”.
حجزتُ تذكرتي، وهَمَمتُ بالرحيل إلى عالم السكون.
كانت لحظةً حالمة، حين وطأت قدماي أرض النمور.
أخيرًا… إنها العزلة!
لا صوت يعلو فوق صوت الماء، ولا عين تسمو فوق عين الشمس.
والقمر كان شاهدًا عليّ.
كان نهاري الأول أشبه بفكرةٍ أسطورية في رحاب الانفراد، لم أصدق أنها تحققت.
لكن…
عندما حلّ المساء، واشتدت الرياح، وتحركت الرمال، سقطتُ في حفرتها.
نظرتُ إلى غياب الشمس، فامتدّ الموج الصاخب ليغمرني.
فلمحتُ ثبات الصخور، وعزمتُ على الخروج…
لكن ثيابي قد اتسخت، وتلوّثت سماء فرحتي.
لم أجد من يعيد إليّ بسمتي، أو يحنو عليّ في ساعة تكدّري.
كان مذهلًا كيف أحاطت بي الرمال والأمواج الغاضبة،
وسار الحرّ مآزراً كي لا أحترق،
وجاء القمر المشرق مسرعًا،
وبرزت إليّ الصخور بوجهها المبتل العبوس الذي لا يغرق.
رغم أنني أعرف الشمس والليل ولا أعرف الصخور كثيرًا،
هُنا، فهمتُ أن البحر أيضًا… لا يمكن أن يكون وحيدًا.
وهكذا، فزعتُ،
راحلةً إلى الرجوع.
بقلم: إسراء ياسر سعيد
أول كفيفة في الوطن العربي يُنشر لها في 21 فرعًا أدبيًا مختلفًا