اللقاء الأخير
كان المساء لايشبه صمتي المعتاد استأذنت عزلتي وخرجت عندما نادتني الطرقات وأشجار الزيزفون وعرائش الياسمين التي بدات تغفو على زند المساء..
خرجت وكأنني أرى الحياة لأول مرة ونسائم تشرين الباردة أتت لتوقظ ذكرياتي الغافية على أوراق الخريف..
في ذلك النهار لم أكن أعلم من سأستقبل ضيف ذاك المساء
الحتين… الذكريات….. أم الألم…
نظرت في وجوه المارة طويلا ً تجولت في شوارع تلك المدينة، تذكرت أياما” مضت عندما كنت ألملم أشيائي وبعضا” من أوراقي واسافر لمدينتي كلما ناداني الحنين..
كم من أحاديث دارت بيني وبين ذاتي
في كل سفر كنت لا أتذكر طول الطريق وبؤسه إلا عندما أصعد الى الحافلة دعوت الله مرارا” ألا أموت في ذاك السفر قبل أن ألقى أمي .. التي اعتدت زيارتها مرة كل شهر
في إحدى اللقاءات مشيت طويلاً كان التعب قد بدأ يدق على نبضات قلبي وذاكرتي تلملم ما تبقى من أحاديث تبعثرت في تلك الأزقة القديمة، ما هذا ؟ شعور غريب، برودة شديدة بدأت تسري كالموت بأطرافي
عانقت أصابعي بعضها بعضا” خوفاً ،حاولت أن أجد السير أحسست بالوهن لم تسعفني قدماي سقطت على الأرض عندها انفجر بركان ألم من رأسي… اااه..
لقد كسرت قدمي ما هذه الأقدار الحزينة !! لماذا تختارني أنا بالذات؟
وصلت إلى المنزل بدأت الأمطار تهطل بشدة كعقد أفلتت حباته فجأة فعانقت الأرض بغزارة
طرقت الباب بقوة فتحت ياسمين إبنة الأربع سنوات ، همست في أذنها أين جدتك ؟
ياسمين؛ في غرفتها تقيم الصلاة وتدعو لك…
ماذا تقولي؟
وقعت كلمات ياسمين كالصاعقة على رأسي نسيت ألم رجلي وتوجهت مسرعة إلى غرفة أمي رميت أشيائي عانقتها قبلت يديها أثناء صلاتها أغمضت عينيها التي فقدت نورهما منذ سنين لكن الله غرس نور السماوات في قلبها..
لم أستطع السيطرة على نفسي وغرقت بالبكاء وغرقت أمي معي.
اهدئي قليلاً يا ابنتي أريد أن أتحدث إليك..
إيمان؛ لا أعرف يا أمي لدي شعور أنني لن اشاهدك ثانية ..
الأم: الأعمار بيد الله لكن أريد منك أن تكوني قوية بما يكفي لتواجهي مصاعب الحياة ، كسر العظم الموجود في كاحلك سيجبر
لكن حذار من كسر روحك …
……
رياب الحديد
سوريا
السيرة الذاتية والأدبية للأديبة الأردنية ماجدة الطراونة
الاديبة ماجدة الطراونة من الاردن خريجة ماجستير رياضيات تكتب القصص القصيرة وقصص الاطفال ولديها اصدارات عديدة منها "مغاريف" و"آدمية" وتكتب...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي