مجلة أزهار الحرف تحاور الشاعر اللبناني الكبير :محمد علي شمس الدين
شاعر وأديب ومثقف من طراز فريد
أحد شعراء الحداثة والتجديد، أعطاه الجنوب النار، وأعطته المرأة لغة الجمال،
لم يترك قيثارته، ولم يخرج كل ما بداخله من كنوز، ما زال يغرد بأشعاره ويعزف نغما يملأ الدنيا ويطرب الناس.
أنه شاعر لبنان الكبير محمد علي شمس الدين.
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف هذا الحوار :
١ما هو الملهم الأبرز للشاعر /محمد شمس الدين في كتاباته الشعرية؟ كل الأشياء والافكار والمشاعر هي في أساس ما أكتب من شعر.. وما يدور خلف كواليس القصيدة أو في الغرف السرية هو أمر بين الواقع والخيال. فالوقائع والأشياء المحسوسة والتاريخ بكامله مصادر للكتابة … ومع هذه الوقائع يجب أن نضع ما تقدمه المخيلة مما لم يحدث أولم يقع…. ومع هذا هناك ملاحظتان : الأولى أن ثمة مفردات بعينها أو مفاتيح للقصائد وردت بصور مختلفة لكنها خضعت للتحول والتغيير مثل كلمة الريح… الدم… الماء… الطير… والدراسة الجامعية التي قدمها بالأسبانية عن شعري الدكتور: حسين علي أمين في جامعة الأوتونوما بمدريد بجزئين بالاسبانية عام 1991 بعنوان ” الشاعر اللبناني المعاصر: محمد علي شمس الدين في إطار الحداثة الشعرية / حياته وأعماله” (elpoeta contenporaned libanes Muhammad Ali samsaldin en elmarco de LA modernidadpoetica. Vida y. Obra.
رسوم بيانية تفصيلية لتطور بعض الكلمات في القصائد تبعا المراحل. يشير الى سيطرة كلمة الدم في القصائد الأولى ومن ثم برزت مفردة الماء. وأخيرا في المرحلة الصوفية العرفاتية برزت كلمة الطير
هذا من ناحية…. من ناحية أخرى أن كل كلمة في شعرى وكل معنى او إشارة تخضع لعملية ترميز أو أسطرة وتغدو قناعا. وأقول هنا أن الشعر يبدأ من حيث تنتهي اللغة
٢أي من الدواوين الشعرية الذي يختزن الكثير من مشاعرك الواقعية والحقيقية بعيدا عن الخيال الشعري؟ ليس لدي من بين 23مجموعة شعرية صدرت لي بين1975و2022 أي ديوان بعيد عن الخيال وأن السحر في اللعبة الشعرية لدي يجعل تتاليا وتداخلا للواقع والحلم بحيث لا يعرف في النتايج أأصف واقعا أم أروي حلما… ولعل الشاعر الناقد: عبد القادر الحصني كشف عن هذه المسألة بمقالةحلل بها قصيدة القطارمن ديوان “النازلون على الريح /دار الآداب 2013) حيث أصف مسافرا وسفرا وقطارا والنتيجة لا سفر ولا قطار ولا مسافر مقالته نشرت في مجلة “العربي” / الكويت….. هذا التداخل بين لا ونعم جزء من لعبتي الشعرية بل هو جزء من إحساسي بالوجود والأشياء
٣ما مدى تأثركم بالصوفية وأين ظهر هذا التأثر في قصائدك؟ المعنى الصوفي أو الإحساس الإشراقي قديم لدي.. ولعل منشأه التربية المشيخية التي عشت خلالها صباي الأول في قريتي الجنوبية “بيت ياحون” بكنف جدي الشيخ قارئ الأوراد والمتمتع بصفات بين الدين والسحر. كما أن قراءات لاقطاب الصوفية كابن عربي في الفتوحات المكية والحلاج والبسطامي والشبلي وذي النون المصري وجلال الدين الرومي والعطار النيسابوري وحافظ الشيرازي. زودتني بمفاتيح الصوفية وبعض أسرارها. وإن قصيدة “ذكر ما حصل للنبي حين أحب” في. ديوان” طيور إلى الشمس المرة” ظهرت باكرا العام1984(عن دار الآداب)… كما أنني كتبت قصيدة دموع الحلاج ” بين عامي2000و2008وظهرت في ديوان” اليأس من الوردة / الآداب2009). وقصائد شيرازيات ( تماهيا مع حافظ الشيرازي) ظهرت في العام2004
٤ما هي المساحة الشعرية التي تعطيها للقضايا الأنسانية التي تحاكي هموم المجتمع الذي تنتمي اليه في قصائدك؟ القضايا الإنسانية؟. هي برأيي إحساسي الشعري البشري بكل ما يحيط
أو يحدث أو حدث أو سيحدث. من مختلف المشاعر من حب وكره وخوف ورغبة الخ…. حتى التعامل مع الأشياء والكائنات. مع الحجر أو الحيوان الأعجم والبشر والكواكب والله عز وجل والحضارة والحروب الأعراس. كل شيء لا يؤنسن لا يعول عليه، لكن كيف يظهر ذلك في القصائد؟. هذا هو المهم، كما أن وصف القسوة أو الانحراف ليس بعيدا عن النبض البشري فالأنسان هو هذا الكائن المتناقض المتلاطم في ذاته كالبحر، والشاعر هو الأكثر تلاطما وتناقضا في الوجود
٥_ كيف توجز تدرج الحب من خلال ديوان للصباية للبلبل والملكوت؟
ديوان ” للصبابة للبلبل وللملكوت” الصادر عن دار ظلال /عمان 2021 هو 86 قصيدة في الحب بل هو ديواني في الحب مختارة مما كتبته من مجموعات شعرية وهو يصف ثلاث مراتب من الحب الصبابة ومعناها شدة التعلق الجسدي خاصة والبلبل رمز صوفي استعمله جلال الدين الرومي في البلبل والوردة للإشارة إلى حب روحي صاف والأعلى قصائد الملكوت وأقصد قصائد الانخطاف والجوى والوله أي الغيبوبة في الحب. وهو حب جسمي روحي أرضي سماوي تندرج فيه المرأة بالعناصر وجميعها في الخالق المعبود المحبوب الاعظم ٦هل عندما يتناول الشاعر موضوع الحب بكثرة في شعره هو دليل على الحرمان في الحب أم هو دليل على شدة الحب الذي يعيشه ؟
ذلك يعني ان الحب محور من محاور شعره وكذلك من حياته… أما علاقة القصيدة بالواقع فهي علاقة معقدة. إذ ليس من الضروري أن من يكثر الكلام في الحب هو من يعيشه أكثر والسبب كما سلفت الإشارة أن الشعر تصنعه المخيلة أكثر مما يصنعه الواقع ٧هل النساء في قصائدك مثل مريم وليلى هن إفتراضيات أم حقيقة؟
كل أسم لامرأة ورد في شعري هو في وقت واحد حقيقة معاشة وصورة متخيلة… وبالتالي فالنساء هنا حقيقيات وشعريات أي متخيلة ، كما أن الأسم الواحد مثل “ليلى” له في قصائدي أحوال.. أذكر ثلاثة منها : وجه ليلى حيث تنتهي القصيدة بنفي الحكاية أو الاسطورة من أساسها ” لاقيس أحب ولا ليلى / عرفت وجها للمجنون”.. وصورة أخرى لليلى ورد فيها : والذي حير العقل حتى براه الجنون / أن ليلى التي مت في حبها ألف عام تخون” وهو معنى جديد في التعامل مع رمز ليلى والمستوى الثالث لليلى أن وجه ليلى هو وجه لأمي ٨ كيف توّصف الأنثى التي ذكرت في القصائد على مر التاريخ ؟
وصف نساء أشعاري مسالة تحتاج لتفصيل. وهناك أطروحة ماجستير قدمتها الطالبة :ملاك حيدر في الجامعة اللبنانية حول النساء في شعر: محمد علي شمس الدين. نصحتها بقراءة القصائد ووضع خط تحت أسم كل إمراة أو أنثى سواء في الواقع أو التاريخ أو الأسطورة، وبحث وضعها وتطوراتها في القصيدة. وهكذا أنجز البحث ٩ هل قصيدتك هي واقع أم إسقاط للمخيلة على الواقع؟
قصيدتي وعطفا على ما مر هي نقل الواقع لمقام الاسطورة وبالعكس أي تحويل الأسطورة أو الخيال إلى ما يشبه الواقع ١٠ لماذا يفتقد الشعر الحديث لثنائي في العشق كما شهد الشعر القديم والأساطير وعلى سبيل المثال قيس وليلى/ عنترة وعبلة؟
لا يفتقد الشعر العربي والعالمي اليوم لمثل هذه الثنائيات أذكر نيرودا وماتيلدا. وأذكر اراغون والسا، وأذكر نزار قباني وبلقيس وأذكر محمد علي شمس الدين وآسيا…. وهكذا ١١ ما رأي شاعرنا في فكرة ملتقى الشعراء العرب الذي طرحها الشاعر المصري ناصر رمضان عبد الحميد ؟
_أنا مع فردية الشاعر وضرورة عزلته. وما احبذه من تجمع هو تجمع بعض الجماعات الشعرية كالدادائيين والسورياليين والرومانطيكيين وآخرين ممن يربطهم خيط فلسفي وشعري واحد. ولست مع أي تجمع عددي او ما شابه، من دون صلة فكرية وشاعرية
حاورته من لبنان :نجوى الغزال
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي