صدور ديوان (الغيم والدخان) لمحمد حلمي حامد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن مشروع النشر باتحاد كتاب مصر وبالتعاون مع دار غراب للنشر والتوزيع صدر ديوان (الغيم والدخان) للشاعر الدكتور محمد حلمي حامد، والذى يضم ستين قصيدة ويقع قى مائة وأربعة وثمانين صفحة من القطع المتوسط، وهو سيرة شعرية حافلة بالسرد والحكايات الصغيرة حيث يستعيد الشاعر مواقف وصور وأخيلة مر بها وشاهدها في طفولته وصباه التي تصف أحوالا مرت به البلاد في فترة الستينيات، واهتمت بعض القصائد بالقاء الضوء على فترة الحرب مع العدو الاسرائيلى والتى عايشها الشاعر من طفولته الى صباه .
فلم يعد الشعر لغزا غامضا يفرض على المتلقى أن يبحث عن المعنى الساكن بطن الشاعر، بل يمكن للشعر أن يعود كما كان الى الحياة بأسرها من ذكريات ووسرد ومعاناة أفراد وشعوب، ذكر الحب والحرب الغزل والهجاء والوصف ومختلف الأغراض الشعرية التى قام عليها الشعر العربى الغنائى فى بنية سردية تنتقل بالقارئ من قصيدة ( كنت هنا ) التى يقف فيها الشاعر على أطلال حياته ثم يوصى ابنه بوصايا الأيام الحجرية قبل أن يرجع البصر فى مجمل حياته ويتذكر بيته فى السيدة زينب وانتقاله للعيش فى أحدى قرى الريف، وحكاية أبلة فضيلة فى الصباح ، وحكاية صاحبه اليتيم عن زوج ابيه ، ثم يصف الواقع المصرى السياسى وقتها ودعم الثوار فى كل الثغور ، حتى يأتى الجزء الأهم فى السيرة وهو اصطدام الطفل بنكسة يونيو 67 ومشاهدة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يتنحى ومشاهد من الهزيمة وعودة المنسحب وعلاقته بأسرته زوجه وبنيه وماذا يدور فى مخيلتهم نحوه ، وحالات الزواج المعلق بسبب انتظار الجنود على الجبهة والشهداء وتصوير فنى لنصر العاشر من رمضان :
وَكَانَ فَوْقَ تَبَّةٍ فِي أَرْضِنَا شُدْوانْ
إمَام الرَّتْلِ كَانَ صَامِداً بمُفْرَدِه
يَرُدُّ عَنْ بُيُوتِنَا العُدْوَانْ
وَوَحْدَهُ يُصَابُ ثُمَّ يَخْتَفِي فِي سُتْرَةِ الدُّخَانْ
يَلمُّ الرَّمْلُ رُوحَهُ المُبَعْثَرَةْ
يُعِيدُهَا قَوِيَّةً مُحَرَّرَة
لَهَا كَفَّانِ أَو عَيْنَانْ
حَتَّى يُرَى مُقَاتِلًا بِالنَّارِ
زاحفاً فِي عَابرىُ رَمَضَان
يَمُدُّ بِالدِّمَاءِ نَصْرَهُم وَيَقْرَأُ القُرْآن.
وهكذا ينخرط الشاعر فى الحياة اليومية وحرب بيروت ونقد التطرف الدينى، حتى يصف صور التلاميذ وعبثهم فى المدارس لمشاهدة سيقان المعلمات الصغيرات، فينتقل الى الغزل والحب والشبق الجسدى الذى ركزه فى وصف فاتنته ماسحة السلم فى قصيدته (وكشفت عن ساقيها) وهو التعبير القرآنى الذى يمسك فيه الشاعر للتعبير عن أشياء توافق الطبيعة والمرحلة السنية التى عاشها، ولا يخلو الديوان من وصف علاقته بأقاربه أمه وأبيه وخالته ما بين شجن أو رثاء فى أكثر من قصيدة طويلة ، حتى الحبيبات والأصدقاء لهم نصيب وافر من سيرته الشعرية، ولأن لحياة لا تخلو من أعداء ومناكفين فكان لهم أيضا نصيب من هجاء مر ذكر فيه اثنين متلازمين فى الشر ووصفهم فى قصيدته (مسخانِ) :
لَكِنَّ الطُرْفَةَ تَأَتَّى مِنْ قَلْبِ الهَمّْ
لَوْ يَسْمَعُ أَحَدُهُمَا بِالآخَرِ يَغْتَمْ
مَسْخانِ يَعِيشَانِ بِلَا جِلْدٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ دَمْ
لَا يَبْلَعُ أَحَدُهُمَا أبداً رِيقَهْ
كِى لَا يُدْرِكهُ السُّمّْ.
ثم عاد ثانية فى قصائد الديوان الأخيرة الى ذكريات ميدان التحرير وثورة يناير .
واذا كان الديوان بعنوان (الغيم والدخان)، فيصعد كل من الغيم والدخان من الأرض إلى السماء صعود الروح من الجسد، يصعد الغيم بالطيب فيحمل الماء وقد يعود به إلى الارض بالبرق والرعد، أما دخان الحرائق والحروب فقد يقتل مثلهما، بينما يقبع الرماد بلا حراك، انهما كالخير والشر، يصعدان ويتحركان حتى يختفيا بلا أثر.
وكأنه حين يصف حياته التي عبر عنها شعراً يجد محصلتها قد طارت في الفضاء بلا أثر، كغيمة أصابت أو كدخان عبر، هذه حكاية قلب تفتحت عيناه وعايش المد الاشتراكى والنكسة وتنحي عبد الناصر وعبور رمضان وحروب لبنان، تنامي المد الديني، سطوة الحب ورسائله، رثاء الأباء وصحبة الاصدقاء حتى ثورة25 يناير، سيرة شعرية مضت بين الغيم والدخان.
ومن أجواء الديوان :
أىْ بُنى
ادفع الأوقاتَ بالصِّدقِ ولا يَثْنيكَ كَربْ
ليسَ فى الأيامِ إلا أنْ تـُحبّْ
سَاذجاً مِثلى ومَخدوعاً .. وأبّْ
وجواداً طائراً فى الريحِ يَكبوْ فَيشبّْ
لكَ ربٌّ .. وهوَ للغَشَّاشِ رَبّْ
حَسبُ قلبى أنَّه رَغمَ الضَّنى عَاشَ يـُحبّْ
حَسبُ قلبى أنْ يكونَ الحبُّ ذَنْبْ.
رحاب هاني /صمت
اعدو وراء الصمت، اتعثر بظله .عجباً به كيف يختفي!كيف يلتحف ضباب الأحلام و يستقي من رذاذ الأوهام؟خانتني الرؤية من جديد...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي