ستعرّفُك الأماكنُ معنى البرودِ
شيئًا فشيئًا
ستنبذُ فكرةَ الخلودِ والقهرِ معًا
دونَ التفاتٍ للترابِ
الذي تسرّبَ من بين يديك
عندَ آخرِ مقهىً رملي
ستتنفسُ دونَ أن تشعرَ
سترمقُ المكانَ بنظرةٍ حادةٍ
لن تخيفَك هذه المرةُ
حيث كنت أنت فقط من أطفأَ
وأنارَ مصابيحَك
واتهمْتَ الريحَ
اتهمْتَ ولدًا طائشًا رمى حجرًا
عندَ لعبةٍ لم تكنْ بريئةً
لسْتَ أنت حينَ خلعْتَ روحَكَ
وعدْتَ إلى فطرتِك
لكني كنْتُ أنا
حينَ نحيْتُ خلخالي الذهبي
وفككْتُ ضفيرتي التي جدلتُها
منذُ ألفَ عامٍ مرَّ
لم تخسرْ وجهَك
يا صديقي
ما زلْت تحتفظُ بملامحِك البريئةِ
وروحِك الهشةِ
يستفزُك حنينُ اللعبِ
في الشوارعِ
والأرائكِ المنثورةِ لخطأٍ حدثَ عمدًا
لتسمعَ صراخَ جدّتِك
جدّتِك التي كانَتْ تُعرفُ بفلسطينَ
كانَتْ عيناها امتدادًا ليافا
قامتُها تشبهُ سورَ عكا
أنفُها السحري يعرفُ رائحةَ الأرضِ جيدًا
وشفتاها تتلعثمُ إن ما مسّ الحبُّ قلبَها
خذْ كلَّ الخوفِ المنتظرِ
خذْ كلَّ مراسمِ الغيابِ
فلسْتُ أعرفُني
خلعْتني منذُ دهرٍ ونيّفٍ
ولا ذنبَ لك
ولا ذنبَ لي
سأتوهُ حتى عودتي وبناءِ أحجاري
بعدَ آخرِ هدمٍ لمنزلي
وأزرعُ شقائقَ نعماني
على ملّتي
إلا فاستبدلْ بيتَكَ الرمليَّ
تستهويني يا صديقي
القلاعُ العصيةُ على الغزاةِ
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي