مرح وبقايا كلمات
فقدت عينا أبي نافع بريقهما منذ قلع أسنانه المنخورة وأضراسه المعطوبة واحدًا تلو الآخر.
خلال الأزمة الاقتصادية الطاحنة في سورية لم يستطع شراء ” أسنان اصطناعية” تعفيه من لثغ الحروف.
هذا اليوم وصل مع أصدقائه المسنين إلى مقهى شعبي يدعى سفينة نوح.. وبمجرد أن رأى البحر غادرته أفكاره الشيطانية المتعلقة بانزعاجه من الكلام لخلو فمه من الأسنان. كذلك شعر بحنين غريب وصفاء عميق وهو يصغي لرقرقة الموج.
فجأة اقترب منهم طائر ضخم بحجم حمل فائق الجمال, ومكث ساكنًا بجوارهم يرقبهم بترفع وفضول.
وفيما كان أبو محمد يفتح طاولة الزهر قال أبو ابراهيم بحيرة:
ـ ترى!. ما اسم هذا الطائر؟.
لكنّ أبا نافع كان يعرف اسم الطائر ولبد صامتًا خجلًا من لثغ الحروف.
فكر برهة ثم نهض وكتب على الرمل بسبابته التالي ؛ ” اسم الطائر أبو منجل. كان مبجلًا لدى المصريين القدماء. إذ كان يعتبر رمز المعرفة والحكمة ويدفن مثل أي إنسان محترم”.
أبو سعيد كان الأكثر دهشة وانفعالًا. مع أنه قلع أضراسه هو الآخر اندفع قائلًا بحماسة:
ـ أبو “منثل” أمر “ذريف” والله.
فضحك الجميع بغرابة فيما كان أبو نافع مسرورًا وقد اطمأن إلى حالة فمه التي شاعت وصار بإمكانه التحدث براحة والعبث بأي كلام دون خجل.
ربى منصور
سورية
رشا موصلي عشتار /ومضة
كلُّهم يبحثون عن العظمة … و أنا أبحثُ عن أرجوحتي القديمة …
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي