الشجـــــر المأســــــور
عيناكِ مَالي أناديها فتعتذرُ _ تومي إليَّ حياءً ثم تَسْتَتِرُ
حيرانة أم بقايا الصمت تمنعها من أن تبوح وفي أجفانها السهر أشكو إليها فتُغضي وهي صارخة في صمتها.. وشموع الليل تُحتضر
قد هِمْتُ فيها فلاقيتُ الهوى عجلاً _ نشوان يُحذف من همسي ويُختصر
قولي لهدبك أن يرقى..فما لبثت _ عيناي تسأل في سري وتنتظر
عيناك يا قدس, شيء ثَمَّ يجذبني _ فيها فتغرقني .. أهدابها السمر
هات اعطني ساعة أنسلُّ من ظمئي _ في غورها فتلاقيني به الدرر
أغوص فيها إلى الدنيا فأجمعها _ وأصعد القمة الكبرى وأنحدر
يازهرة الشرق في أعطافها سرر _ من النعيم وطابت تلكم السرر
ردي إليَّ حكاياتي فلا بقيت _ من بعدها ساعة يحظى بها العمر
قد كان هدبك قنديلاً يضيء لنا _ درب اللقاء .. فكيف النور ينحسر?!
كأنه حينما يومي بطرفته _ سيلٌ من الظل فوق النور ينهمر
وهكذا أنت, لاشيء يغيُّرني _ عما أراك به, لا الدهر, لا العصر
أماه هل غضبت عيناك من غزلي? هل تغفرين اذا ماجئت أعتذر? شردت وهو شرود الإبن حنَّ إلى عهد الطفولة وهو الطفل والبشر
ياقدس كان سوار السور ملعبَنا _ وكان فيه يموت الخوف والحذر
فأين يا قدس أهلونا.. وساحتنا? _ غاب اللقاء .. فلا ركب ولاسفر
لكنَّ جرحك لايغفو النزيف به _ مازال حول ضفاف النهر ينتظر
فأنت فينا وفي أطفالنا أبداً _ وهل يخالف قلبَ الغيمة المطر
فمن زرعت بهم حب الرسول وحبْ_ ب الأرض تحمله الآيات والسور
أطفال أمسك مازالت سواعدهم _ تمتدّ نحو ذرى الأقصى وقد كبروا
تنقضّ أعينهم شوقاً لساحته _ وتبرق النار فيها كلما نظروا
تميل حول شعاع الشمس أعظمهم _ وتستوي في صلاة الليل إن سهروا
تشتد, فهي على الإيمان ثابتة _ تعتدّ, فهي بسيف الله تعتمر
إن تسأل النصر عنهم فهو صاحبهم أو تسأل الموت عنهم فهو يأتزر ياقدس لا تعتبي إن طار بي قلمي إلى خيال توالت حوله الصور
ماذا أرى وهمومي فيك تدفعني _ إلى الجنون.. وأين السمع والبصر?!
من ذا يصدِّق أن الليل يكرهنا _ وأن شمس ضحاها كلها حفر?
ونحن كنّا حُماة الأرض ما رفعت _ يد علينا العصا إلا وننتصر
عقيدة هي ماضينا وحاضرنا _ وساعد هو فينا الصارم الذكر
فما على حلم الماضي جحافلنا _ تنام بل حاضر.. يصفو ويعتكر
أجدادنا شهداء الأمس تتبعهم _ أحفادهم ..أفينجوالكافر البطر
هذا المكبر والجرح الكبير لظى _ يقول هذا دم الأحفاد يا عمر
ستلتقي حول نار النهر أذرعنا _ وسوف يقفز من أقدارنا القدر
حتى نرى راية الإيمان تجمعنا _ وينطقَ الشجر المأسور والحجر _
الشاعر داود موسى داود معلا
( 1933/1999)
صدر له :
شعر
الطريق إلى القدس حديث الروح
_جرج مسافر فوق الريح
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي