لا أعرف إن كان علي مواصلة القراءة ،لا أعرف إن كنت حقا أقرأ الكتب المناسبة لا أعرف إن كنت محايدة أو أنني قارئة ساذجة
تتقمص ما تقرأه و تعيشه زمن القراءة طال أو قصر
لا أعرف إن كان يجب أن أكتب انطباعي عن هذه الرواية (وميض في جبال الأنديز) أو أحتفظ به لنفسي ،أ يجدر بي أن أنقل تجربتي هذه للآخرين أم من السذاجة أن يعرف الجميع أنني أتقوقع داخل ظلفتي ما اقرأ
كهاربة تركض بين السطور علها تخرج دون ألم أو عوالق ..
على حائط النص بعض النقاط الذي حاول النص التركيز عليها بطريقة التلميح والالتفاف ،جزئيات مهمة لان النص يعالج تابو معين وهذه النقاط هي نظرتي الشخصية لما تم التلميح له .
العار ..
البنات شعرهن الطويل ، أنوثتهن الساربة باكرا ،أفوههن المطبقة ،التوريث القائم كأيقونة أبدية لبقعة جغرافية صغيرة محكمة القضبان مهما ترامت أطراف تواجدها .
الخوف
الوحش الذي تحمل به هؤلاء البنات وهن عذارى،
الخوف من كل شيء حولهن ،
تخاف البنات من أجسادهن ،من فرحهن ،من ذاكرتهن المتقدة دوماً باللاءات والمحرمات والكثير الكثير من أنفسهن ..
القهر
أسلوب جمعي تعيشه النساء حيث السلطة المكانية تفرض سطوتها حتى على الأفكار لتعيش البنات برواسب القهر النسوي المتأصل جيلاً بعد جيل ،تعافرُ الناجية حتى تنقذ ذريتها من نفس الجنس ولكنها رغم كل محاولاتها تبوء بالراسب النفسي المقزز
الحب
النقيض لكل اجزاء شخصياتنا المفرطة بالخوف الموروث ، حيث تتغير ماهية الحب لتصبح وجها آخر للجنس ليس إلا .
انعكاسا له في مرأة الواقع والمجتمع الموبوء بعقلية إما هذا أو ذاك ، ليس هناك خيار ثالث ،فيقبع الحب في أعمق ذواتنا الخائفة المتصلبة الممهورة بملكية جمعية ويدفن كجيفة نتائج تحفظنا عليها ليس إلا انتقام وتجريح بالذات وعدم تصالح معها و الذي ينعكس على المحيط بالنقمة الدائمة المستفيضة .
الوميض ..
حالة شعورية تصل إليها معظم القابعات تحت سطوة الماضي السحيق لطفولة ممتهنة بالخوف والواجب والأوامر الألهية المشوهة حسب العقلية السائدة المتحكمة بالجماعة العرقية.
إنه الصحوة التي تفيض رغماً عن أنف القبيلة والرؤية الواسعة المدى للنقطة الواقفة فيها تلك المصابة بهذا الوميض ،
معرفة الذات وتجلي النور فيها عبر الاستفاقة غير المخطط لها ،
نقطة البداية في كل حياة وكل خط مستقيم نحو الضوء الكلي .
الكون
الماء وعلاقته بالانسراب نحو الصحوة ، الطبيعة التي تشكل أجسادنا المتفسخة بكل ذراتها لتشكل أجساداً جديدة بأرواح لها ذاكرة متشحة بالنور المطلق ..
شخصيات كبرت بيننا أرهقتها الغربة وشكلت حيثيات ونقاط تحول مسارات حيواتها ، عبر مكان لا يحمل أبناءه يحاربهم بلقمة العيش ،فينتشرون شتاتاً طلباً للرزق ليعيشوا ضمن مجتمعات تفرض عليهم تقاليدها وتجبرهم اعتناق أسلوب معيشتها بشكل حصري كذكور ،اما بالنسبة للإثاث فهن رفيقات مسيرة لا أكثر في الغربة خليلات و زهريات للزينة إرضاءاً للمجتمع الذي يحتم على النقاء العرقي .
الامتهان المتوارث لكرامة الأنثى بسلطة ذكورية أسست لها المرأة غالباً بالمساعدة بتوريثها وعدم تعريتها والوقوف بوجهها جيلاً بعد جيل ، تغريب الانثى داخل العائلة وتحميلها مسؤولية
الشرف البعيد كلياً عن الأخلاق الإنسانية ،الشرف المقرون بالبكارة .
- بحث المرأة الدائم عن سند معنوي لكثرة الألم وتشعبه في حياتها والضياع والتشتت والازدواجية في شخصيتها .
- تباعد الوالدين الا فيما يخص حياتهما الحميمة ،كوالدي شيماء الذين يقدمان صورة لأغلبية الآباء البعيدين جدا عن منح الحب للاطفال الا في نطاق ضيق ورسم المرأة كدمية في نظرهم من خلال صورة الأم المنتظرة بأنوثتها الكاملة للرجل الوالد دائما مما يجعلها صورة نمطية يكبر عليها الأولاد ذكوراً وإناثاً .
- الولادة وآلامها والوعود التي تقطعها المرأة خلالها ولا تفي بها لأنها لاحقا تقوم بالانتقام لطفولة لم تحياها .
سوزي الفتاة التي تحصل على الحرية بشكل تلقائي بسبب العبث القائمة عليه حياة الوالد وحيد والانتقام القائمة عليه حياة شيماء
مما جعل منها شخصية نموذجية متصالحة مع ذاتها رغم الفقر والوضع المزري للعائلة مما يؤكد أن المعرفة الذاتية غير مقرونة بأي بعد دنيوي أنها فقط جرعة من الحرية التي تجعل الطريق مفتوحة امام الصحوة والإدراك الكلي لمعنى الوجود والحياة وهو الحب المتماهي مع الخالق مع الضوء .
الوعي الذي ينمو فيتحول الى سكون وسكينة يمثله الإنقلاب في شخصية شيماء بعد تخلصها من رواسب شخصيتها المريضة بالماضي والكره وشعور العار الذي البسته الكاتبة الفجر وعدم الاتزان وانتقالها العشوائي إلى الوعي بالذات الذي تعمق كهدوء ورؤية واضحة و استقرار منطقي فيما بعد .
أسلوب سردي جميل امتاز بالبساطة بالتنقل بين الماضي والحاضر ، إطلاق عنان الشخصيات لتكون متحدثة باسم أنفسها بكل صدقها وعفويتها دون الاعتماد على فكرة الرواي الواحد واظن هذا شتت قليلاً الربط بين الأجزاء . والمكان المتجسد بتفاصيل تشعرك بدقة تصويرية رغم أن المكان جديد على الكاتبة .
شخصيات صامتة متحركة تسمع حواراتها داخل بناء جسدك ،تُشبه عليها حولك فقد عايشت الكثير منها ، لغة سليمة ونثر سليم قفل جميل لكنه مربك ،استعارة طقوس الموت والخروج للنور عبر صوت رصاصة لم تطلق.. ربما حرفاً حفر عميقاً في وحل الشخصية وغاص حد القبر حتى انبلجَ خلاصاً ابدياً..
روح أحلام أبو عساف المرأة الشفافة المثقلة بالفجيعة والمتقبلة للقدر والمتسامحة معه ظهرت جلية لي بين السطور ،من حيث الألم الذي يحيك النسيج الروائي ببساطة وعفوية .
شعرت بك ناقلة أمينة لما حملتي من حكايات ، وكنتِ قادرة على جعلي متحمسة للقادم بين السطور .
وميض في جبال الأنديز خيار جميل لمن يريد أن يعرف أكثر عن مجتمع مغلق بشباك الموروث الواهية التي تسمح بالنخاسة وتحرم التعليم ،تسمح بالكره والنميمة وتحرم الحب ،تسمح بالأسرار وتحارب الحقيقة ..
مزيداً من الابداع وكثيراً من الأثر لقلم أنثوي قادر على تجسيد الافكار بصورة مرهفة .
نادين الشاعر
قراءة في رواية وميض في جبال الأنديز لأحلام أبو عساف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي