لقد جُن العالم. حَكَت لها السيّدة كما لو أنّ الجدّة تحكي حكاية خُرافيّة-أنّ الجميع عاشوا ساعة الفضل في قديم الزمان. كُنّا نملك حياة ناعمة. لم نكن في خوف مثل الآن. برغم كل شيء كانت عمليّات السطو نادرة الحُدوث لأسباب، الآن مجّانيّة بلا إنقطاع، وفي أيّ وقتٍ من الأوقات. الوضع يزدادُ سوءًا. نعيش أيّام محسوبة وصعبة. إنّهم يجعلون العالم أسوأ من خلال تعكير صفو الأخلاق والأساليب في أسلوبه الباطل. بالإمكان أنّ تتولّدَ حصيلة مُؤسفة في وقتٍ لاحق. في هذا العالم يجب أن نخاف جميعًا قدر المُستطاع. أن نكون حذرين ونستمرّ في الخوف. ولكن ليس من الطبيعي أن نعيش على حال لا يخلو من العُنف. لقد قادونا إلى النُقطة الّتي لم نعد نعرف فيها ما هو عادي وما هو غير عادي. والمقصود هو إنشاء عالم مريض يُثير البلبلة. ينجم فيه الأحد الأقصى من العداوة. قالت السيّدة مُصرّحة أنّ هذا النّظام عبارة عن صُندق دُمى. للحيطان آذان. بدلًا من ذلك يعتمدون على الأساليب الخاضعة للرقابة، والمقصود هو خلق عالم مجنون. تحسُّبًا لأي غضب قد ينتهي به إلى انقلاب. ليس من الطبيعي أن نعيش على جريان الخوف وتدفّقه في مكنوننا. لذلك أي شخص مُستهدف بلون من ألوان التتبّع الأكثر إبتذالًا. و لن نتفاجأ إذا حصل لنا اكتشاف وُجود مشاكل عائليّة وحتّى عقليّة بسبب هذا. بل، سيكون له أبلغ التأثير على المدى الطويل. أتيتُ على ذكر ذلك على الأرجح. الجميع سائرًا على اتّجاه هذا النظام. يبدو مُحطّمًا. كلّنا مُعلّقون في الفراغ كالدُمى القُطنيّة. وأعضاء هذه الحُكومة في مَيْلها إلى الجُنون في مثل هذه الأُمور. إذ لا شيء ممّا نُشاهده إلّا ونشعر به في أعماقنا ضعفين. ذلك أنّ الوضع الراهن-الّذي لا مفرّ منه مُشوّه-ولا يسع المرء إلّا أن يصبر عليه طول أناة. هذا عيب مثل العتمة المُباغتة. أتباعهم يحوزون على تجاوزات باسقة. ليس مُتوقّعًا صنيع أشياء من هذا القبيل وبأدراجٍ لا توصف في حقّنا. كيف لا يتحرّك النّاس بشأن ما يحدث؟ إنّه لمُربك أن نتعلّم أبدًا حِيلًا جديدة عن هذا النّظام الّذي يريدون حقنه فينا. وفي الجهة الأخرى كانوا على دراية من أنّهم بالفعل على حق. في أوقاتٍ ما يشعر الأبرياء منهم بالاستياء تُجاه أنفسهم. هذه الحُكومة تتضاعف في كتمان على أكتاف العُملاء. يُرغمون الإرهاب وبَعْث الضيق بالمقدار عينه. مع لمسة من التفرقة. لا ينبغي أن نستمع إليهم على نحوٍ خاص. وهذا لن يُحلّ دون عصيان. تعزفُ الحكومات معزوفة قذرة، من أجل التسلية. لهم أن يرتكبوا أي شيء لحِيازَة قدرٍ لا بأس به من مُتعة تطلُّ على تحطيم طاغٍ. إذا كان بإمكان الجميع التفكير في الأمر مثلنا. متى يمرض أحدنا، يزلُّ الطّبيب في التّشخيص ونصعد نحنُ على متن سفينة أدوية لا نتمالك فيها تفكّك ما يحدثُ في جوهرنا. ينسجمون مع الأطبّاء لقتلنا بالعقاقير الّتي لا أساس لها نظير رحلات ومُؤتمرات وفوائد أُخرى. أنّى للطبيب أن يهبَ إيقاعًا مُطولًا من الأدوية المُغالطة دون أن يشعر المريض بالشفاء، ثمّ يحصل له اكتشاف سوء تشخيصه؟ ذلك أنّ الطّبيب يتبنّى ترتيبات مع مصارف الأدوية للتَمَلَصَ من العقاقير الّتي دنا تيّار انتهاء صلاحيّتها. إنّها عمليّة مُشينة ومُمَنهجة فيها الكثير من المُخاطرة بنا. يُلقون بنا واحدًا تلو الآخر في التهلكة. ذلك الخداع يُزاولونه ضدّنا في مُطلق الأحوال. وكل ما علينا فعله هو الالتفاف على الخداع، وعدم الانجرار على خلفيّة التّشخيص الأوّل للطبيب، ذلك يُربكُ قسمًا من صحّتنا. نخدع الطبيب بأنّنا نأخذ الأدوية دون أن نُدركَ الشفاء. أن يخدعنا الطّبيب فنقوم بمُخادعته، ألا يكنى خديعة الخديعة. لن يتكبّدوا الأَذِيَّة النّاشئة عن ذلك. أعرف أنّ هذا التفكير أوسع من المنطق ويفوق التوقّعات. كأنّها خُرافة. لكن ذات يوم سيتضمّن فيه الحقيقة ويتعيّن عليهم الرُجوع إلى الحسابات. هذا ما بلغني عن الّذين خاضوا تجاربكِ. ثمّة أطبّاء شُرفاء وثمّة من ينجرف في سيادة المبيعات هذه. قد يأتي بنتائج عكسيّة عليهم إذا شذّوا عن أهواء مَيْمَنَة الحُكومة. الأشخاص الّذين كانوا مرضى وخاضوا خبراتكِ لم يعد لديهم دفاعات مناعيّة ويلتقطون جميع الفيروسات من حولهم. يُسوّون أشياء بمواد مُسرطنة كذلك. ثمّة برنامج قاموا بإنشائه لأصحاب السلطة يُنذركِ من خلال قراءة رمز شريطي. يُومئ إلى شراء مواد صديقة للجسم. ليس لدى عامّة النّاس لمُحَرَّكات ضمنيّة. الطعام والشامبو ومعاجين الأسنان والعطور وكل شيء آخر مُشتبه بأنّ فيها مادّة مُسرطنة، مثل ثاني أكسيد التيتانيوم على شكل جُزيئات نانويّة وأملاح الألومنيوم والزيوت المعدنيّة وغيرها. حتّى مياه الصنبور متسخة، ألا أنّها مياه الصرف الصحي المحليّة. إنّها حرب خفيّة مُقنّعة. يقتضي القضاء على كثير من النّاس. في حين أنّ كل هؤلاء الرجال الحُكوميّون الكبار في دَعَة. لا يتمّ تضمين الرَتْق في رُسومهم. بدلاً من ذلك يُموّلون المشاريع الّتي تسوء بالبيئة لإحداث كوارث طبيعيّة، يتأذّى ذوو التكوين الواهن من الاحتباس الحراري والغازات السّامّة. فسيقلّ عدد النّاس على هذه الأرض. يُثقلوننا بخُطط شقيّة. هذه القصّة لن تنتهِ. نحن نعيش في عصرٍ مُظلم بأبخس الأثمان وأعنف من ذلك. لن نعي إلّا بإنفتاح كَبِدَ الحقيقة، باب الشّر على مصراعيه في وجوهنا. وبما أنّ الباب به ثُقب صغير جدًّا تتسرّب منه بعض الشُرور، يجب أن نتعايش مع أقل قدر مُمكن من الضرر في ظل هذا الخداع المُمنهج. لابُدّ علينا أن نتغابى وسط القطيع. وربّما يجب أن نتحاشى القطيع ذلك أنّه منشأ الحَاجَة السّالبة والقُصور. كما ثمّة بيوت شتّى خالية، وذلك من زوال أهاليها من الوجود، حيث كانوا بلا عائلة أو أقارب، فقد تلاشوا فجأة. أدلّل لكِ بالبيّنة العديد منهم لجأ إلى العيادات والمصحّات الخاصّة لإجراء عمليات طارئة، ولم يخرجوا. ماتوا أثناء أخطاء طبية وأُزيلت أعضاؤهم السليمة. خلّصت “ريماس” من القيل والقال جذِلَة، وفيما تُغلق الهاتف مسكونة بأماكن من الشُرور معَست الخيط الموصول بالكهرباء. مشفوعة بقهقهات لا تتمالكها. وباقة من الظلام.
الشاعرة إيناس أصفري لمجلة أزهار الحرف حاورها من القاهرة ناصر رمضان عبد الحميد
تقديم : تربُطني علاقةٌ وشيجةٌ بالشّاعرة السوريّة المبدعة إيناس أصفري، علاقةٌ ثقافيةٌوأدبيةٌ تحولت فيما بعد إلى صداقةٍ متينة. تابعتُ مشوارها...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي