متاهات :
غبار كثيف ينقضّ على طرقات الرّوح ينثرها على رخام الصباحات السرمدية ، يد الرّيح قيثارة تعزف فوق اوردة القلوب العاشقة، مياه المطر تكسّر وجه التعب المترامي على أرصفة الشوارع ، أصابع معلّقة على حبال الهواء تلوّح لذاك المشتهى من بعيد ، تسقط سهواً على أشواك الواقع فيسيل دمها،خلف السّياج أبواب عشق موصودة في وجه طارقها ..
لا شيء يجري كما نشتهي ،نبحث عن أجوبة في ذاك الفراغ المكتظّ بالأسئلة ،يسيل لعابنا أمام رشفة قهوة تعيد لنا صفو مزاجنا وفجأة تنسكب أرضاً بعد أن أصبحت في متناول أيدينا..
ما من حلم على مقاس خصر آدم و حوّاء ،أمانٍ مجبولة بطين الحياة المتربّع على كفّ القدر و رحيل يلثم خدّ الوعد ويطبع عليه قبلة أزليّة ..
ريما ; معلّمة تعدّ يوميّاً بتوقيت هيجان أشواقها الكرويّة كوباً من أوراق النّعناع الأخضر الطّازج لتنعش أنفاسها الّتي كادت أن تلفظها بعد أن أوجعتها الأيّام وأبعدت عنها سالم بسبب اختلاف مستوى تعليمهما ..
لم تجد من يبلسم جراحها ..
ماهر الّذي كان يتنفّس عشقاً بات يجلس كلّ يوم وحيداً ،يتّكئ على وسائد الموت البطيء ،تصبح سيجارته الشّاردة معه رماداً و يفكّر في بلدان منسيّة سرقت منه ليلى في يوم خريفيّ كئيب ،ضاجعته المواجع عندما فارقه ظلّ الحبيبة ،ليس ذنباً أن يكونا من طائفتين مختلفتين ..
ابتلع حزن مدينة بأكملها ..
حياةٌ تركل بأقدامها كلّ من يُخلق على أرضها ،تعاكس ،تشاغب وتطحن بلا رحمة كلّ شعور جميل في رحى حربها الدّائرة بين نعم و لا ،ممكن و مستحيل ،نهار و ليل ،رجاء و خيبة ،حلم ويقظة …
لسان الوقت لم يعد يشعر بالمذاق الحلو لحبّات السكّر ،فقدَ مساء التّمنّي طعمه عندما حجبت غيوم الأزمان العابرة ضوء القمر ..
ربّما الشّيء الوحيد الّذي ينقذ ريما من متاهتها هو استيقاظها على وقع خطوات فراشات سالم عندما تطارد رصيف نعاسها ..
عطر رائحة ليلى المتكئ على شهيق ماهر تعيد له أوكسجين الحياة ..
هند يوسف خضر
الشاعرة إيناس أصفري لمجلة أزهار الحرف حاورها من القاهرة ناصر رمضان عبد الحميد
تقديم : تربُطني علاقةٌ وشيجةٌ بالشّاعرة السوريّة المبدعة إيناس أصفري، علاقةٌ ثقافيةٌوأدبيةٌ تحولت فيما بعد إلى صداقةٍ متينة. تابعتُ مشوارها...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي