
صوموا عن أذية الناس واقتاتوا الحب إفطارًا
هناك أشياء لا تُشترى، لكنها تمنحنا إنسانيتنا، كالحب، اللطف، والرحمة. هذه القيم ليست مجرد مشاعر، بل طاقة تعيد توازن الكون، تداوي الجراح الخفية، وتربت على الأرواح المنهكة.
كم هو سهل أن نؤذي، بنظرة، بصمت، أو بكلمة، وكم هو صعب أن نكبح تلك النزعة، أن نختار اللطف بدلًا من القسوة. الأذية ليست دائمًا صاخبة، أحيانًا تكون تجاهلًا في لحظة احتياج. في عالم باتت القسوة لغته، يصبح الحب طوق نجاة، ليس بوصفه كلمات منمقة، بل بسند غير مرئي، بطمأنينة تمنح في صمت.
الصيام ليس جوعًا وعطشًا فقط، بل تهذيب للروح وانتصار على نوازع الأذى. كم من قلب انطفأ بصمتٍ، وكم من علاقة انهارت بكلمة لم تُحسب؟ نحن نؤذي أكثر مما ندرك، لا فقط بما نقول، بل بما نبخل به من حب وعطاء. في زحام الحياة، ننسى أن اللطف قرار، وأن الامتناع عن الأذى حماية لنا قبل غيرنا.
فلنصم هذا العام عن الكلمات الجارحة، عن الأحكام القاسية، عن الخذلان، عن القلوب التي انتظرت منا شيئًا بسيطًا ولم تجده. لنُفطر على الحب، نروي ظمأ الأرواح بالرحمة، ونمنح الدفء بلا مقابل. العالم لا يحتاج المزيد من الصخب، بل لحظات من الحنان، لأيدٍ تمتد لا لتأخذ، بل لتعطي.
حين تصفو أرواحنا من الغل، يصبح الصيام طقسًا للنقاء، لا مجرد امتناع عن الطعام. لنكن نحن الدفء الذي ينتظره الآخرون مع غروب الشمس. رمضان مبارك، ملؤه السكينة والنور.
جميلة بندر
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي