الطّفولة المعذّبة في فلسطين.
إنّ دراسة موضوع الأطفال موضوع واسع وشيّق لتأطير الظّروف الّتي يعيشون فيها، وصولًا إلى القول: إنّ ثقافة الطّفل موضوع نفسيّ وتربية أسريّة، ومحيط اجتماعيّ وبيئيّ، أضف إلى ذلك التّوجيه المدرسيّ، وهذه المحدّدات الرّئيسة تعدّ هي الإطار الثّقافيّ الّذي يساعد على بناء ثقافة الطّفل وتنضيدها.
الأطفال هم الأكثر تأثّرًا بكلّ ما يحيط بهم من أشياء وأحياء، هم الصّفحة البيضاء الّتي يمكن أن تحمل جميع النّقوش الّتي تمهرها. إنّ الاهتمام بالأطفال هو اهتمام بالمجتمع بتمامه، فهم يشكّلون المستقبل والغد الّذي يأمل كلّ إنسان أن يكون مشرقًا، خاليًا من الهموم والمشكلات، من هنا كان الاهتمام بالطّفل أمرًا واجبًا، فمن الجائر أن يُترك الطّفل وثقافته للصّدفة والقدر، فأغلب الأطفال في أنحاء العالم يتمتّعون بالاهتمام والعناية، من ناحية الظّروف المناسبة الّتي تساعدهم على تبلّر، وتشكّل شخصيّاتهم الّتي تنعكس بشكلٍ إيجابيّ على مجتمعاتهم.
أمّا أطفال فلسطين المحتلّة، فلهم خصوصيّتهم ضمن أطفال العالم لما يدور حولهم من ظروف اجتماعيّة وحياتيّة صعبة، لأنّ الطّفل الفلسطينيّ دائمًا يجتذب ثقافته من محيطه الاجتماعيّ بكلّ مكوّناته، فالخوف، والألم، والدّمع، والدّماء، والجراح… كلّها تلخّص حياة الطّفل الفلسطينيّ الّذي ما انفكّ يعاني من ممارسات الإرهاب الاسرائيليّ عبر صور المعاناة والشّقاء، وبهذا استطاع أن يصبح رقمًا صعبًا في معادلة الصّراع مع المشروع الصّهيونيّ، بعد أن فجّر باعتماد ساعديه وبعض الحجارة وحبلي المقلاع انتفاضة شهدتها البشريّة في وجه قوّة محتلّة خلال القرن العشرين.
هذا الطّفل الّذي ولد وعاش في الخيام، والّذي يعاني من شظف العيش، لم يتعوّد الشّبع، كما تذوّق مرارة فقد الأحبّة، والأهل خلال غارات المحتلّ المتواصلة، وشاهد منزله تهدمه جرّافة الاحتلال، وحرمه منعُ التّجوّل من الوصول إلى مدرسته، وسلبته رصاصات الجنود أعزّ أصدقائه. هذا الطّفل مازال يملك الكثير من طفولته على الرّغم من هذا الحزن والألم، ومازال يحلم بأن يعيش طفولته كسائر أطفال العالم. وسط هذا الشّقاء الّذي يعاني منه جرّاء اعتداء العدوّ الأمر الذي صقل شخصيّته، وجعله شابًّا يسعى بكلّ ما أوتي من قوّة للاستماتة من أجل الدّفاع عن أرضه، وتحريرها من العدوّ الغاصب، وهذا هو الأمل المنشود والمرتجى.
وجد بوذياب.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي